حلبات سباق الخيول في المغرب.. مقامرون يبحثون عن الثراء بين أرجل الأحصنة

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/13 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/13 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش

وسط أرقى أحياء مدينة الدار البيضاء، مثل كاليفورنيا وعين الذياب، حيث الهدوء يهيمن على شوارع وأزقة المكان عكس باقي أحياء العاصمة الاقتصادية للمغرب، توجد "حلبة آنفا لسباق الخيل".

الهدوء سرعان ما سيختفي بمجرد الوصول إلى الحلبة، وإذا كان جزء من المغاربة يقصدون المساجد لأداء صلاة الجمعة، فإن مجموعة من مدمني القمار تكون "حلبة آنفا لسباق الخيول" ملجأهم، لأداء "شعيرتهم" الخاصة بهم ظُهر الجمعة من كل أسبوع، "أتنقَّل بين حلبات سباق الخيول الأربع الموجودة بالمغرب؛ لمتابعة أداء خيولي التي تشارك في جميع السباقات المبرمجة"، يقول أحد ملَاك الخيول لـ"عربي بوست". إبراهيم، الشاب الثلاثيني، الذي كان متحمساً وهو يشرح لنا طريقة "المقامرة"، رفض أن نضعه في خانة المقامرين.

أغلبية الحاضرين لحلبة آنفا من المقامرين، لكن هناك أيضاً ملّاك الخيول، حيث يتوفر المغرب على 4 حلبات لسباقات الخيول في مدن الرباط والجديدة وسطات، إضافة إلى الدار البيضاء، نجومها الشهيرة هي "سكاي بولت، وإلطورو، وطاسيلو، وفيفيان…"، أسماء لخيول شهيرة تتنقل باستمرار بين الحلبات.

"شعيرة" خاصة بالمقامرين


قبيل انطلاق أول سباق عند منتصف النهار وبينما يعلن المذيع الداخلي لحلبة السباق قرب موعد السباق، يتجمع العشرات من المقامرين أمام شبابيك ضيِّقة لوضع رهاناتهم، ويختلف الرهان بين المقامرين، كلٌّ حسب إمكاناته المالية، "قيمة الرهان تنطلق ابتداء من 12 درهماً (نحو يورو واحد)، وكلٌّ حسب إمكاناته وأيضاً قيمة الجائزة"، يقول إبراهيم لـ"عربي بوست"، وهناك من يقامر بمئات الدراهم، وقد يخسر كل ما يملك خلال سباق واحد، ومن يجيد تدبير إمكاناته ليوزعها على السباقات المبرمجة طيلة اليوم.


وبينما يعدد المذيع الداخلي لـ"حلبة آنفا" مزايا كل حصان مشارك في السباق وإنجازاته خلال السباقات التي شارك فيها مؤخراً، يتسابق المقامرون لوضع رهاناتهم، كلٌّ حسب إمكاناته المالية.

دقائق قبل انطلاق السباق الذي يشرف عليه حكام تابعون للشركة الملكية لتشجيع الفرس، تقوم الأحصنة المشاركة بجولات شرفية استعداداً للمشاركة في السباق، وهي اللحظة التي ينطلق فيها النقاش بين المقامرين، "الطورو من الخيول المغربية وسبق له أن هزم الخيول الإنكليزية في سباقات بالمغرب والخارج، إنه المرشح للفوز بالسباق"، يقول أحد المقامرين وهو ينفث سيجارته، بينما يقول مقامر آخر: "إن الحصان طاسيلو بإمكانه تحقيق المفاجأة؛ فهو ينتمي إلى حريسة (إسطبل) معروف بأحصنته المميزة".

الإلمام بتفاصيل الأحصنة و"الجوكير"


المقامر بإمكانه أن يمنحك تفاصيل دقيقة عن الأحصنة المشاركة في السباقات؛ تاريخ ولادتها وأصلها وإنجازاتها وملّاكوها.. وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الفارس أو "الجوكير" بلغة المقامرين؛ إذ إن للفارس مواصفاته الخاصة.

ولكل حصان فارسه، غير أن أغلب الفرسان يتشابهون، فبنْيتهم الجسدية رشيقة؛ إذ يؤكد إبراهيم، أحد ملّاك الأحصنة: "على الجوكير أن يكون خفيف الوزن؛ لأن ذلك يؤثر على الحصان خلال السباق، فاختيار الجوكير لا يكون اعتباطياً"، وبإمكان "الجوكير" أن يشارك في أكثر من سباق ويمتطي أكثر من حصان، "الجوكير الفائز بالسباق يستفيد من 10 في المائة من قيمة الجائزة"، يقول محمد أحد ملاك الأحصنة.

"5 دقائق وينطلق السباق بمشاركة 9 أحصنة".. يعلن المذيع الداخلي لحلبة آنفا لسباق الخيول، لتتحول وجهة الجميع صوب الحلبة، وينتشرون على طول خط الوصول، بينما يفضل آخرون متابعة السباق من خلال الشاشات الموضوعة في مختلف مناطق الحلبة، بمجرد قطع الخيول المسرعة نصف مسافة السباق حتى تنطلق حناجر المقامرين: "زيد آخويا، ضرب آخويا.."؛ رغبة منهم في تشجيع الحصان الذي راهنوا عليه، رغم علمهم أن صوتهم لن يصل لا إلى الحصان ولا إلى "الجوكير"..

نهاية سباق.. بداية رحلة الفوز


وبمجرد بلوغ الأحصنة إلى خط الوصول، يعمُّ السكونُ الحلبة، ويتحول التركيز صوب اللوحة الإلكترونية لانتظار الإعلان الرسمي للترتيب النهائي، ومقارنته بورقة الرهان التي في حوزة كل مقامر.. وما هي إلا دقائق حتى يهرول البعض إلى الشبابيك الخاصة بالرهان لسحب "الجائزة"، بينما آخرون يندبون حظهم العاثر وينطلقون في توجيه اللوم للحصان أو الفارس، وقد تصل الانتقادات حد الدعاء بالويل لمالك الحصان الذي قامروا عليه..

وبين أرجاء حلبة آنفا لسباقات الخيول، وجد بعض التجار البسطاء مصدراً لكسب رزقهم، من خلال توفير مأكولات بسيطة، تكون كافية بالنسبة للمقامرين لمقاومة الجوع طيلة 5 ساعات، هي المدة التي تقام فيها سباقات الجمعة في حلبة آنفا..

الرهان الرياضي.. مداخيل بالمليارات


في المغرب، هناك أنواع من الرهانات الرياضية المرتبطة بالخيول والكلاب أيضاً؛ وهي: "التيرسي" والكوارتي" و"الكوينتي"، وتغيب المعطيات الرسمية المرتبطة بمداخيل "القمار" في المغرب وعدد المغاربة اللذين يتعاطون القمار.

غير أن مجموعة من التقارير الإعلامية تحدثت عن رقم معاملات في حدود 8 مليارات درهم بالنسبة للرهانات الرياضية، في حين أن عدد المغاربة الذين يتعاطون الرهان الرياضي فاق 800 ألف شخص.

وتشرف الشركة الملكية لتشجيع الفرس، على عملية مراقبة الرهانات المتعلقة بسباقات الخيل، وضمن ذلك تلك التي تقام في فرنسا. وحسب الموقع الرسمي للشركة التي تأسست قبل 70 سنة، فإنه "يمكن ممارسة الرهان في المغرب على الخيول، سواء من خلال السباقات المغربية أو الفرنسية، وتتولى الشركة الملكية لتشجيع الفرس هذه الألعاب، التي يتم تنظيمها حسب نظام الرهان المشترك". وأصبحت رهانات سباقات الخيل خاضعة خلال السنوات الأخيرة، لمنظومة معلوماتية مؤمَّنة، تتوزع على أكثر من 30 وكالة و500 مقهى شريكة في مناطق التراب المغربي كافة، يقصدها المقامرون للمتابعة والمشاركة، وللربح وأيضاً الخسارة.

وخسارة سباق بالنسبة للمقامرين لا تعني نهاية "المغامرة"؛ إذ إن السيناريو الذي يسبق كل رهان سيتكرر طيلة اليوم، إلى أن يُنهي المقامر جميع ما لديه من أموال، أو تعلن اللجنة المنظمة نهاية آخر سباق وضرورة مغادرة "حلبة آنفا لسباق الخيول"، ويضربون لهم موعداً في يوم آخر بحلبة أخرى.. "خسارة سباق ما هي إلا جولة من جولات البحث عن فوز مرهون بالحظ"، كما يختم إبراهيم وهو يقوم بتحمية خيوله استعداداً لجولة أخرى.

علامات:
تحميل المزيد