بنس جاء للتهديد و”إيفانكا كوريا الشمالية” حملت رسائل المصالحة.. نيويورك تايمز: هكذا تفوقت شقيقة كيم جونغ أون على الدبلوماسية الأميركية

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/12 الساعة 08:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/12 الساعة 08:12 بتوقيت غرينتش

حين قرَّر الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، إرسال وفدٍ كبير إلى الأولمبياد الشتوي في كوريا الجنوبية هذا الشهر، فبراير/شباط، خشي العالم أنَّه قد يسرق الأضواء.

وإن كان هذا هو هدفه بالفعل، فما كان ليختار مبعوثاً أفضل من الذي اختاره؛ شقيقته الوحيدة كيم يو جونغ، التي وصفتها وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية بإنَّها "إيفانكا كوريا الشمالية"، مُشبِّهين نفوذها بالنفوذ الذي تمارسه إيفانكا ترامب على والدها، الرئيس ترامب، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وتماماً مثلما هو الأمر مع إيفانكا حين تسافر مع والدها، تتبعت وسائل الإعلام يو جونغ عن كثب، أثناء زيارتها التي استمرت ثلاثة أيام إلى سيول وبيونغ تشانغ، التي تستضيف الأولمبياد الشتوي. وقد سافرت عائدةً إلى كوريا الشمالية مساء السبت، 10 فبراير/شباط.

كيف تفوّقت على بنس؟

وتمكَّنت يو جونغ، التي كانت ترسم على وجهها ابتسامة غامضة، ولم تتكلم في العلن قط، من التفوق على مبعوث الرئيس ترامب إلى الأولمبياد، نائب الرئيس مايك بنس، في لعبة التقاط الصور الدبلوماسية.

ففي حين جاء بنس حاملاً رسالة قديمة -مفادها أنَّ الولايات المتحدة ستواصل زيادة "أقصى العقوبات" إلى أن تفكك كوريا الشمالية ترسانتها النووية- أوصلت يو جونغ رسائل المصالحة، فضلاً عن دعوة غير متوقعة من أخيها للرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي إن، لزيارة العاصمة الكورية الشمالية.

جذبت يو جونغ الأنظار حيثما حلَّت؛ في حفل الافتتاح، وفي المدرجات عند الظهور الأوليمبي لفريق كوري مُوحَّد لهوكي الجليد للسيدات، وفي عرضٍ فني في سيول قدَّمته فرقة فنية من كوريا الشمالية.

لكنَّ بنس اجتذب رد الفعل الأكبر نتيجة المناسبات التي لم يظهر فيها؛ وبالتحديد أكثر، حفل العشاء الذي استضافه الرئيس مون قبل حفل الافتتاح. وهذا يعني أنَّه تجنَّب قضاء الكثير من وقته مع الوفد الكوري الشمالي، بما في ذلك كيم يونغ نام، الرئيس الفخري لكوريا الشمالية.

انتقادات لبنس

وبينما حظي الفريق الأوليمبي الكوري المُوحَّد بحفاوةٍ بالغة من الجماهير الواقفة عند دخوله إلى الملعب، مساء الجمعة، ظلَّ بنس جالساً، الأمر الذي قال المنتقدون إنَّه عدم احترام للرياضيين ومضيفهم، الرئيس مون.

فقال مينتارو أوبا، وهو دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية الأميركية متخصص في شؤون الكوريتين، والذي يعمل الآن ككاتب خطابات في واشنطن، إنَّ بنس يفعل "بالضبط ما تريده كوريا الشمالية، بجعل الأمر يبدو كما لو أنَّ الولايات المتحدة تحيد عن حليفتها وتُقوِّض بنشاطٍ الجهود من أجل إيجاد علاقاتٍ بين الكوريتين".

وأضاف أوبا أنَّ يو جونغ من الناحية الأخرى "تُمثِّل رأساً فعَّالاً للغاية لحربة حملة إثارة الإعجاب الكورية الشمالية".

وقال محللون للشؤون الكورية إنَّ بنس قد فوَّت فرصة.

إذ قالت أليكسيس دودن، أستاذة التاريخ في جامعة كونيتيكت: "أعتقد أنَّه كان سيكون من المفيد حقاً لمحادثات نزع السلاح النووي أن يُقدِّر بنس وزوجته الجهود المبذولة في إرسال فريقٍ كوري موحَّد إلى الملعب، ولم يكن ذلك ليقلل من الموقف الأميركي".

وأضافت: "حقيقة أنَّ بنس وزوجته لم يقفا حين دخل الفريق الكوري المُوحَّد مثَّلت مستوى منخفضاً جديداً في صورةٍ مُتنمِّرة من الدبلوماسية الأميركية".

كان يحاول تجاهلهم

وفي تغطيةٍ صحفية مشتركة من رحلة بنس إلى ولاية ألاسكا الأميركية قادِماً من بيونغ تشانغ مساء السبت، قال مسؤولٌ بارز بالإدارة، إنَّ نائب الرئيس لم يكن يحاول تجنُّب الكوريين الشماليين بقدر ما كان يحاول تجاهلهم.

وقال ديفيد كانغ، مدير معهد الدراسات الكورية بجامعة جنوبي كاليفورنيا، بالنسبة لمؤيدي بنس "أعتقد أنَّ الجناح المتشدد في الولايات المتحدة يعتقد أنَّه يقوم بعملٍ جيد".

وأضاف كانغ أنَّه في حين لم يستطع الرئيس مون تفويت الفرصة لـ"تهدئة الأجواء" بالتواصل مع يو جونغ أثناء زيارتها للأولمبياد، فإنَّ حملة العلاقات العامة التي قامت بها قد تُعرِّض الرئيس مون لانتقادٍ بأنَّه "انطلت عليه حملة إثارة الإعجاب".

احتجاجات ضد كيم يو جونغ

وفي احتجاجٍ الأحد وسط سيول، حيث تجمَّع بضع مئات من المتظاهرين المناوئين لكوريا الشمالية، الذين يُلوِّحون بأعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وهتفوا بشعارات تندد بكيم جونغ أون، قال يانغ سن وو، 55 عاماً: "أخشى أنَّ الكثير من الكوريين انخدعوا بزيارة كيم يو جونغ".

وأضاف يانغ، الذي كان يحمل رأساً من مادة الفوم تُصوِّر وجهاً دموياً لزعيم كوريا الشمالية: "من المؤسف للغاية أنَّ أولمبياد بيونغ تشانغ تتحول إلى أولمبياد بيونغ يانغ، بينما لا تزال كوريا الجنوبية والشمالية متعارضتين مع بعضهما البعض أيديولوجياً".

كانت يو جونغ، التي يُعتَقَد أنَّها تبلغ 30 عاماً، خياراً طبيعياً للرحلة إلى كوريا الجنوبية. فنفوذها، بسبب العلاقة القريبة التي تجمعها بشقيقها، لا تخطئه عين.

وفي كوريا الشمالية، تهتم بإبقاء الأضواء مُسلَّطة على شقيقها. فحين يتجمَّع كبار المسؤولين حوله، تجلس في الخلفية تكتب ملاحظتها بصورةٍ تتسم بالتوقير. وحين يتحدث شقيقها علناً، تختبئ وراء عمودٍ تطل من حينٍ لآخر.

الأنظار على يو جونغ منذ وصولها

وباعتبارها أول فردٍ من الأسرة الحاكمة في كوريا الشمالية حالياً يزور كوريا الجنوبية، احتفت وسائل الإعلام المحلية بيو جونغ. فحتى قبل أن تهبط من إحدى طائرات شقيقها الخاصة في مطار إنتشون الواقع غربي سيول، اجتذب اقتراب الطائرة تغطيةً إخبارية مُفصَّلة لدرجة أنَّ بعض المُعلِّقين حلَّلوا تصفيفة شعرها التي لم تأتِ عبثاً، ولباسها واستخدامها القليل من مستحضرات التجميل، وَرَش بعض النمش على خديها.

وبعدما حضرت مأدبة غداءٍ في القصر الرئاسي يوم السبت 10 فبراير/شباط 2018، نُشرت صورٌ للرسالة التي كتبتها في سجل الضيوف وتُعبِّر عن الأمل، كتبت فيها: "أتمنى أن تزول الخلافات بين بيونغ يانغ وسيول في قلوب شعبينا". وسرعان ما عجَّت شبكات التواصل الاجتماعية بتحليلاتٍ عن خط يدها الغريب.

ويبدو أنَّ أسلوبها الودي الهادئ الذي انتهجته في كوريا الجنوبية -إذ التقط مُصوِّرون صوراً لها وهي تبتسم في العديد من المرات- قد جعلها محبوبةً في قلوب متابعيها.

فقال لي هوا إك، 61 عاماً، وهو رئيس اتحاد المَعَارض في كوريا الجنوبية -حين كان ينتظر دخول الحفل الذي أُقيم في سيول مساء الأحد حيث كانت يو جونغ تجلس بجوار الرئيس مون- إنَّ كيم "تبدو كشخصٍ يمكن أن نصبح أقرب إليه على المستوى الشخصي والمستوى الإنساني".

بينما أبدى آخرون انزعاجهم الشديد من فكرة أنَّ يو جونغ قد تُهدِّئ الكوريين الجنوبيين، أو أي طرفٍ آخر، وتجعلهم ينسون قمع كوريا الشمالية وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها.

إذ كتب أحد مستخدمي موقع تويتر تغريدةً قال فيها: "هذا هو وجه عائلة كيم الذي لا يطرف له جفنٌ حتى عندما يموت عشرات الآلاف من الناس بسببها. أرى غطرسةً ووحشية لا يمكن رؤيتهما في أشخاصٍ نشأوا في مجتمعٍ حر".

وقالت مجموعةٌ من طلاب الجامعات الذين حضروا لتشجيع الفريق الكوري النسائي للهوكي مساء السبت (في المباراة التي شهدت خسارة الفريق الكوري أمام نظيره السويسري بنتيجة 8 -0) إنَّهم متحمِّسون لهذه اللحظة التاريخية، ونيل فرصة مشاهدة نساء من البلدين يلعبن معاً في الفريق نفسه.

لكنَّهم أصروَّا على ضرورة التفرقة بين الرياضيين والمواطنين في كوريا الشمالية من ناحية، وكبار الشخصيات الذين كانوا يجلسون في المدرجات ويُمثِّلون نظام كيم جونغ أون من ناحيةٍ أخرى.

وقال بارك كيون، 24 عاماً، وهو طالب في قسم علوم الحاسوب بجامعة كوريا للتكنولوجيا والتعليم: "أعتقد أنَّ كيم جونغ أون شخصٌ سيئ وشرير للغاية. لكنَّني أحب الشعب الكوري الشمالي. وأعتقد أنَّ شعبي كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية كانا جميعاً أسرةً واحدة، وأنَّنا منحدرون من الأصل نفسه".

تحميل المزيد