صرَّح مصدرٌ مُقرَّب من ولي العهد السعودي لصحيفة ديلي ميل البريطانية أنَّ الأمير والملياردير السعودي الوليد بن طلال يخضع للإقامة الجبرية في منزله ويُمنَع عنه السفر خارج البلاد رغم دفعه نحو 6 مليارات دولار ثمناً لحريته.
كان الوليد قد أُطلِق سراحه السبت، 27 يناير/كانون الثاني الجاري 2018، بعدما توصَّل إلى تسويةٍ لم يُكشَف عنها مع الحكومة السعودية في أعقاب احتجازه الذي امتد لشهرين. وتفيد تقاريرٌ أنَّ الرقم وصل إلى 6 مليارات دولار.
وصرَّح مصدرٌ قريب من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لصحيفة ديلي ميل بأنَّ الوليد بن طلال لا يزال يخضع لمراقبةٍ وإنه ليس حراً تماماً.
وبحسب المصدر، فقد كان إطلاق سراحه مجرد مسألة علاقاتٍ عامةٍ لا أكثر من أجل مواجهة الوثائقي الذي أذاعته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الأسبوع الماضي، والذي سبب حرجاً للدولة الخليجية.
وأضاف المصدر أنَّ الوليد -الذي يُعتَقَد أنَّه من بين أغنى الرجال في الشرق الأوسط- ستكون له سيطرةٌ قليلة في المستقبل على شركة المملكة القابضة التي يملكها.
وقد نشرت وكالة رويترز السبت الماضي مقطعاً لمقابلةٍ أُجريَت مع الوليد بن طلال في جناحٍ بفندق ريتز كارلتون بدا فيه أنَّه يُعامَل معاملةً جيدةً.
وقال المصدر إنَّ المقطع قد دُبِّر بعد "إطلاق سراح" الوليد ليُظهِر أنَّه كان يُعامَل بشكلٍ جيدٍ، لكن تلك لم تكن القصة كاملةً.
وأدى إطلاق سراح الوليد كذلك إلى ارتفاع أسهم شركته المملكة القابضة لتعود إلى ما كانت عليه قبل اعتقاله.
"بي بي سي" صفعتهم
ويقول المصدر: "لا تصدقوا الهراء حول أنَّ الوليد كان يُعامل جيداً. لقد فزعوا (مستشارو ولي العهد المقربين) لأنَّ وثائقي بي بي سي صفعهم بقوة. لقد حدث ذلك بشكلٍ مفاجئٍ وفي اللحظة الأخيرة، لأنَّ الأمر أصبح محرجاً جداً لولي العهد بعد وثائقي بي بي سي".
وأضف: "لِمَ يتوجب عليه أن يكون مُعتقلاً ومُعلقاً رأساً على عقبٍ ليُناقش الأمور؟ لِمَ لا تفعلها من قصرك؟ هذا الرجل يُقيم في قصرٍ به 435 غرفة نومٍ، وها هو اليوم يظهر في مطبخٍ صغيرٍ في جناحه الذي يبلغ حجم أحد حماماته. هذا ما انحدروا به (الوليد) إليه".
وأكَّد المصدر التقارير التي قالت فيها أسرة الوليد إنَّه وصل لمنزله يوم السبت.
وتابع المصدر: "سيخضع للإقامة الجبرية في منزله، ولن يُسمَح له بالذهاب إلى أي مكانٍ. لطالما كانت الخطة هي أخذ كل أمواله، ثُمَّ إخضاعه للإقامة الجبرية، لكنَّهم اضطروا لتسريع العملية فقط لأنَّ بي بي سي بدأت في طرح الأسئلة".
ويُقال إنَّ محمد بن سلمان قد أغضبه الوثائقي الذي عُرِض في برنامج نيوز نايت على شبكة بي بي سي، والذي نشر تفاصيل عن سجن الوليد بن طلال.
وبحث التقرير الذي أُذيع في المملكة المتحدة الخميس لماضي، 25 يناير/كانون الثاني، في مزاعم أنَّ المحتجزين بالرياض قد أُوقِفوا كجزءٍ من حملة محمد بن سلمان ضد "الفساد" وأنَّهم تعرَّضوا "للتعذيب".
أموال الوليد تحت سيطرة بن سلمان
ويمتلك الوليد بن طلال أسهماً في شركات تويتر وليفت وسيتي غروب وبعض الفنادق الكبرى، ومن بينها فندق جورج الخامس في باريس وبلازا في نيويورك.
وكشفت صحيفة دايلي ميل في وقتٍ سابق من هذا الشهر أنَّ إدارة ترامب أبرمت اتفاقاً مع ولي العهد السعودي تسمح بموجبه لولي العهد بمصادرة أصول وممتلكات الأمراء الآخرين المعتقلين طالما تظل تلك الأصول داخل الولايات المتحدة الأميركية.
وذكر المصدر: "أعلم حقاً أنَّ كل أمواله تخضع حالياً لسيطرة محمد بن سلمان. لقد صفعه محمد بن سلمان أمام العالم بأسره واتهمه بغسيل الأموال والابتزاز وكشف كل فضائحه".
ومن المرجح أن يظل الوليد حالياً في منصبه رئيساً لمجلس إدارة شركة المملكة القابضة التي يبلغ رأسمالها ملايين الدولارات، ولكن المصدر أضاف أن محمد بن سلمان سوف يسيطر على الشركة من وراء الكواليس ويجني أرباحها.
وقال المصدر: "الشيء الوحيد الذي طلبه الوليد هو أن يتم السماح له بمواصلة العمل في شركة المملكة القابضة، رغم أنَّ محمد بن سلمان هو من يسيطر عليها من وراء الكواليس".
وأضاف: "هل سيحقق له محمد بن سلمان مطلبه؟ سوف نرى. ومن المؤكد أنَّه لن يسمح له بالسفر. وسوف يراقبه عن كثب".
من جهةٍ أخرى، قال آلان بندر، رجل الأعمال المقيم في كندا والذي كان قد سافر إلى الرياض ليساعد النظام السعودي في بناء قضيةٍ ضد الوليد، للبرنامج إنَّه تحدث مع الوليد عبر مكالمة فيديو.
ومع ذلك، اتضح أنَّه محتجز داخل زنزانة بأحد السجون، وليس في فندق ريتز كارلتون الفاخر.
ونقل برنامج نيوز نايت عن بندر قوله: "لقد تم استدعاؤه من خلال اجتماع عبر الهاتف (تيليكونفرانس) وطُلب منه الجلوس. كان كل منا ينظر إلى الآخر وجهاً لوجه. لم تبدو عليه علامات تعذيب، لكنَّه كان يبدو غير مرتاح ومضطرب، لم يكن حليق الذقن، لم يبدو أنَّه في حالة جيدة، كان يبدو متعباً. كان يبدو مرهقاً ويرتجف كثيراً. وكان المكان أشبه بغرفة احتجاز أو زنزانة في معتقل".
وأضاف بندر:"وحتى أصوات فتح الباب وإغلاقه لا تشير إلى تواجده بفندق مثل الريتز كارلتون".
وتؤيد رواية بندر تقارير سابقة صادرة من المملكة حول انتقال الوليد وآخرين من فندق الريتز كارلتون إلى سجن فعلي.
وذكر برنامج نيوز نايت أنَّه تم استدعاء بندر وآخرين لقراءة مجموعة من الادعاءات ضد الوليد من أجل إجباره على تسليم أصوله وممتلكاته إلى محمد بن سلمان.
وذكر بندر أنَّ القيادة السعودية قامت باستدعائه لأنَّه كان يعمل عن كثب مع الوليد، إذ مثَّل زوجة الوليد "السرية" المزعومة في المفاوضات التي جرت بشأن تسوية إجراءات الانفصال.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أنَّ السلطات السعودية لم تستجب لطلبات التعليق على هذا الأمر.
وأضاف المصدر أنَّ أساليب ولي العهد قد حققت نجاحاً كبيراً.
ويزعم المصدر أنَّه بمجرد اعتقال الوليد في نوفمبر/تشرين الثاني، استطاع ولي العهد أن يصادر أكثر من ملياري دولار من حجم أصوله الموجودة بالسعودية، ولا يزال محمد بن سلمان يسعى وراء السيطرة على الأصول الأجنبية، ومن بينها الأسهم التي يمتلكها الوليد.
وكان الأمير البالغ من العمر 63 عاماً قد اعتُقل في خضم حملةٍ ضخمةٍ ضد الفساد في المملكة، واحتُجِز مع عشرات الأمراء والأثرياء الآخرين في فندق ريتز كارلتون الفاخر في الرياض.
وقد احتفلت ابنته بإطلاق سراحه أمس،الإثنين 29 يناير/كانون الثاني، بنشرها صورةً له على حسابها بتويتر، رغم أنَّه ليس من الواضح إن كانت الصورة حديثة.