مصيرهم معلَّق.. آلاف السوريين في أميركا ينتظرون قرار ترحيلهم إلى بلادهم.. ومخاوف من اقتداء عدة دول بها

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/29 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/29 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش

من المقرر أن تبُتَّ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هذا الأسبوع، في قرار إما أن يسمح لـ6900 سوري بالبقاء ويحميهم من الترحيل، وإما أن يجبرهم على العودة إلى بلدهم التي أنهكها الجوع والقصف الجوي والبراميل المتفجرة وهجمات السلاح الكيماوي.

السوريون المعنيُّون بالقرار هم الخاضعون لبرنامج TPS (الحماية المؤقتة)، وهي حالة تسمح لحاملها بالبقاء والعمل في الولايات المتحدة؛ نظراً إلى الأوضاع الخطرة في وطنهم الأم. ورغم أن الحكومة الأميركية كانت هذا الشهر قد حذرت من أنه لا مأمن في سوريا من طائلة العنف- فإن مجموعات لحقوق الإنسان أبدت قلقها من أن سياسات هذه الإدارة المعادية للهجرة –خصوصاً الهجرة الآتية من بلدان الأغلبية المسلمة- تشير إلى أن الإدارة لن تجدد قرار السماح بمنح حالة الحماية المؤقتة، وفق ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وإلى أن يحل الموعد النهائي للبتِّ في القرار –وذلك في الـ30 من يناير/كانون الثاني 2018- تظل مصائر أناس، مثل مايكل شقور الذي فرَّ من حلب في أكتوبر/تشرين الأول 2014، معلَّقة.

كان شقور قد دخل للولايات المتحدة، بشكل نظامي قانوني، في يناير/كانون الثاني من عام 2015، ثم مُنِح حالة الحماية المؤقتة بعدما انطبقت عليه أحكامها. هو وحيد في بروكلين، التي يجد بها صعوبة في إيجاد عمل؛ لأن أرباب العمل يخشون انتهاء أمد وضع الحماية المؤقتة الخاصة به. يحاول شقور التقدم للحصول على اللجوء، لكن سير عملية اللجوء ونظامها يعانيان تباطؤاً شديداً من تكدس أوراق المتقدمين.

"فرصة للحياة مجدداً"

ورغم الصعوبات، يقول شقور إنه ممتنٌّ "في كل ثانية" على الحماية المؤقتة، ونقلت عنه صحيفة الغارديان قوله: "هذه فرصة للحياة، فرصة للهرب من التعاسة التي لا معنى لها في سوريا"، مشيراً إلى أن الحياة كانت مستحيلة في سوريا عندما غادرها.

وأضاف: "كان الأمر أشبه بأن يكون المرء في حادث سيارة مريع، لكنه يعيش هذا الحادث طيلة الوقت. يخرج المرء من بيته ولا يدري هل سيرجع أم لا، من القنابل وقذائف الهاون وانقطاع الكهرباء والماء، فالوضع مُزرٍ للعيش".

الأسبوع الماضي، حذر وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، من أن نظام الأسد مستمر في الاعتداء على السوريين، فقال: "إن حالة الأوضاع الكارثية متعلقة مباشرة بالانعدام الدائم للأمن والحكومة الشرعية في سوريا نفسها".

قلق حقوقي من عدم تجديد البرنامج

وكانت مجموعات حقوق الإنسان، وأخرى مناصرة للقضية السورية، قد التقت الإدارة الأميركية؛ لمناقشة أهمية وضع الحماية المؤقتة وضرورته، غير أن تلك المجموعات لم تبدِ ثقة بتجديد وزارة الأمن القومي هذا البرنامج.

وكانت إدارة ترامب خلال الأشهر الـ4 الماضية، قد ألغت حالة الحماية المؤقتة الممنوحة لـ4 بلدان.

وقال وائل الزيات، المدير التنفيذي لمنظمة Emgage الوطنية غير الربحية التي تهدف إلى زيادة المشاركة السياسية للأميركيين المسلمين والعرب وجنوب الآسيويين: "نعرف أن معاون البيت الأبيض، ستيفن ميلر، مصرٌّ على التخلص من أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير الأوروبيين وإخراجهم خارج بلادنا، ولهذا فنحن قلقون جداً".

وكان الزيات قد عمل على ملف سوريا طيلة 10 سنوات، قضاها بالخارجية الأميركية، في أثناء فترة إدارة أوباما، وقال إن تجديد وضع الحماية المؤقتة هو مسألة "حياة أو موت"، موضحاً: "في تقديرنا الاستخباراتي والدبلوماسي، إنهم سيكونون معرَّضين لخطر مباشر حال عودتهم؛ ولهذا ينبغي السماح لهم بالبقاء فترة أطول".

صفعة جديدة لتيلرسون

وقال الزيات إن الكثيرين في وزارة الخارجية هم يدعمون قرار التجديد، لكن القرار في النهاية هو بيد وزارة الأمن القومي والبيت الأبيض، وتابع: "سيكون الأمر أشبه بصفعة كبيرة على وجه تيلرسون، وسيكون إشارة إلى الضعف الذي وصلت له وزارة الخارجية إن تمت إعادة هؤلاء".

ينادي المناصرون بإعادة تعريف الحماية المؤقتة للسوريين، ما سيسمح لـ2000 شخص إضافيين بالحصول على حالة الحماية المؤقتة، أما في حال اقتصر القرار على التجديد فحسب، عندها ستستمر حالة الحماية المؤقتة بالسريان، لكن فقط وحصرياً على من حصلوا عليها تواً؛ أما في حال أُلغي البرنامج فستنتهي حالة الحماية المؤقتة في مارس/آذار 2018.

يقول ساندر ليفن، عضو الكونغرس الديمقراطي ممثل ميشيغان، في حديثه لـ"الغارديان": "لا أرى أي خيار إنساني آخر أمام الرئيس سوى التمديد".

يُذكر أن ميشيغان هي صاحبة ثاني أعلى تعداد للاجئين السوريين في الولايات المتحدة.

وتابع ليفن: "لقد غادروا؛ نظراً إلى الأوضاع المريعة، وما من إشارة إلى أنهم سيجدون أوضاعاً مختلفة إن عادوا، فما زال هناك الكثير من القصف. جميع هؤلاء الناس خضعوا لعملية فحص وتفتيش دقيقة".

ومنذ بداية الحرب عام 2011، لقي أكثر من 500 ألف سوري مصرعهم، كما أجبرت الحرب 5.5 مليون سوري على مغادرة البلاد فراراً منها، كما تشرَّد داخلها ما لا يقل عن 6.1 مليون.

وقد حذرت "هيومان رايتس ووتش" من أن إنهاء البرنامج سيشجع بلداناً أخرى على إلغاء وضع الحماية المؤقتة الممنوح للسوريين. تقول سارا مارغون، مديرة فرع واشنطن من المنظمة الإنسانية: "مع تزايد الضغوط للعودة على اللاجئين السوريين في كل من لبنان والأردن وتركيا، فإن إنهاء الحماية في الولايات المتحدة قد يرسل إشارة خطيرة قد تجر وبالاً على أعداد أكبر من السوريين".

كذلك، كان النظام السوري قد قال إن من غادروا البلاد هم إما أعضاء في المعارضة وإما متعاطفون معها.

بدر غشيم، سوري آخر من حلب، حصل على الحماية المؤقتة؛ يقول إنه وعائلته تعرضوا للاستهداف الشخصي من قِبل النظام وإنهم سيتعرضون للاضطهاد في حال اضطروا إلى العودة لسوريا.

ويقول غشيم: "لا أعلم كيف سيبدو الوضع عندما أعود، فبيتي سُلب مني ومصنعي كذلك".

وكان غشيم قد غادر سوريا متجهاً إلى الولايات المتحدة في فبراير/شباط 2012 بصفة زائر دون نية البقاء، لكن برنامج الحماية المؤقتة سرى بدءاً من الشهر الذي تلاه، ما منحه الأمان منذ ذلك الحين. تقدم هذا السوري، ذو الـ36 عاماً، بطلب اللجوء قبل 3 سنوات، لكن طلبه قوبل بالرفض. الآن لو أُلغيت الحماية المؤقتة، فإن غشيم لا يدري ما سيفعل.

يختم قائلاً: "حالياً، لا مكان لي أذهب إليه".

تحميل المزيد