أسبوع مثير مليء بالكثير من الأحداث شهدته مصر، فبعد اعتقال المرشح المحتمل الفريق سامي عنان، وانسحاب آخر منافس في سباق الرئاسة من الانتخابات الرئاسية المصرية، أمس الأربعاء، 24 يناير/كانون الثاني، أصبح الرئيس عبدالفتاح السيسي دون أي منافسين تقريباً في انتخاباتٍ تُوشك أن تكون محض استفتاء على حكمه المدعوم من الجيش.
سحق المنافسين
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقول إنه لم يكن أي من المرشح المحتمل السابق خالد علي أو الفريق عنان ليشكل أي تهديد انتخابي حقيقي للرئيس السيسي، الذي اتسم حكمه في كثيرٍ من الأحيان بالتعنت والقسوة منذ أن عزل الجيش أول رئيس مصري منتخب في عام 2013. لكن على الرغم من تقدمه في الانتخابات، يبدو أنَّ السيسي قد عقد النية بالفعل لسحق جميع المنافسين المستقلين حتى قبل بدء حملاتهم.
ففي ديسمبر/كانون الأول، حُوكِمَ ضابط الجيش المصري غير المشهور أحمد قنصوة عسكرياً وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة ست سنوات لإعلانه الترشح للرئاسة، بينما أُجبِرَ أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق الذي جاء في المركز الثاني في انتخابات 2012 على العودة من اغترابه في ديسمبر/كانون الأول، ليختفي فقط في أحد فنادق القاهرة، حيثُ احتجزه مسؤولو الأمن الذين ضغطوا عليه للانسحاب بحسب محاميه.
وقال المرشح المحتمل الآخر محمد أنور السادات ابن شقيق الرئيس السابق أنور السادات إنَّه تعرض لضغطٍ شديد، لدرجة أنَّ المسؤولين منعوه من استئجار قاعة في فندق خمس نجوم لعقد مؤتمراته.
تحدٍّ يواجهه السيسي
وترى الصحيفة الأميركية أنه وبانسحاب هؤلاء المرشحين، فإنَّ التحدي الأكبر الذي يواجه السيسي في الجولة الأولى من الانتخابات المقرر إجراؤها في الفترة، من 26 إلى 28 مارس/آذار، قد يتمثل في حشد إقبالٍ كافٍ.
وكان أنصار السيسي قد زعموا أنَّهم جمعوا توقيعات 12 مليون مصري يشجعونه على الترشح، لكنَّ هناك بالفعل علامات تشير إلى سخرية الناخبين الشديدة منه، وفقاً للصحيفة الأميركية.
إذ كتب مينا منسي أحد ناقدي الحكومة البارزين بضجرٍ على فيسبوك يوم الأربعاء: "ادخل عليّ بالاستفتاء".
من المقرر غلق قائمة الترشح للانتخابات يوم الإثنين، لكن الآن لم يتبقَّ سوى مرشح وحيد غير السيسي؛ مرتضى منصور، المُحامي المثير للجدل والمحب للشهرة، والشهير بسب منتقدي الحكومة على الهواء، ورئيس مجلس إدارة فريق الزمالك الذي سقط من علياء مجده في السنوات الأخيرة.
في العام الماضي، أصبح خالد علي شوكةً في ظهر السيسي، بعد فوزه بقرار القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المعروفة باتفاقية تيران وصنافير. كانت أزمة الجزيرتين صعبةً بصورة فاجأت السيسي، إذ أثارت موجة من الغضب العام النادر في بلدٍ يُحظَر فيه الاحتجاج العام إلى حد كبير.
لكن في الصيف الماضي، لم يهتم السيسي بالقرار القضائي، ومضى في قراره بشأن الجزيرتين، بينما أُدينَ علي بارتكاب فعلٍ فاضح لتلويحه بإشارةٍ بذيئة خارج المحكمة.
وحتى لو استمر في الترشح في الانتخابات، كان لا يزال معرضاً لاحتمالية استبعاده من السباق الرئاسي بسبب هذه الإدانة.
لكن المحامي الحقوقي خالد علي حسم أمره وقال إنَّ المنافسة العادلة لم تعد ممكنة بعد جهدٍ حكومي متضافر لوقف حملته باعتقال مؤيديه وإحباط جهوده للتسجيل كمرشح.
استقال علي بعد يومٍ واحد من اعتقال الجيش لسامي عنان رئيس أركان الجيش المصري السابق بتهمة التزوير و"التحريض" بعد إعلان ترشحه للرئاسة. وقال نجل عنان يوم الأربعاء إنَّ العائلة ليس لديها أي أخبار عن مكانه: "نحن ننتظر فقط لمعرفة ما سيحدث".
كما جاء إعلان خالد علي بالانسحاب عشية الذكرى السنوية السابعة لبدء ثورة يناير/كانون الثاني 2011، التي أدت إلى إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، وأثارت لبعض الوقت آمال الديمقراطية في مصر، التي استخدم زعماؤها التخويف والعنف لحكمها معظم تاريخها الحديث.