ذكر مصدر تركي، الخميس 25 يناير/كانون الثاني 2018، أن البيان الذي أصدره البيت الأبيض فيما يخص الاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب لا يعكس بدقة محتوى المحادثة.
وقال المصدر "الرئيس ترامب لم يتبادل المخاوف بشأن تصعيد العنف فيما يتعلق بالعملية العسكرية الحالية في عفرين"، في إشارة إلى أحد التعليقات الواردة في ملخص البيت الأبيض لما دار في الاتصال، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وأضاف المصدر "مناقشة الزعيمين لعملية غصن الزيتون اقتصرت على تبادل وجهات النظر".
بيان البيت الأبيض
التصريحات التركية جاءت بعد بيان أصدره البيت الأبيض أكد فيه أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حثَّ تركيا على الحد من عمليتها العسكرية في شمالي سوريا، وحذَّرها من إدخال القوات الأميركية في صراع مع نظيرتها التركية.
لكن محللين قالوا لوكالة الأنباء الفرنسية تعقيباً على بيان البيت الأبيض، إن ترامب ليس لديه تأثير يذكر لوقف الهجوم الذي تشنه هناك شريكة بلاده في حلف شمال الأطلسي.
وتستهدف "عملية غضن الزيتون" الجوية والبرية التركية، في منطقة عفرين السورية، التي دخلت يومها الخامس، مقاتلي وحدات حماية الشعب، الذين تعتبرهم أنقرة حلفاء لمسلحين انفصاليين أكراد، يخوضون قتالاً في جنوب شرقي تركيا منذ عقود.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه سيوسع العملية لتشمل منبج، وهي بلدة يسيطر عليها الأكراد على بعد 100 كيلومتر شرقي عفرين، في خطوة قد تعرض القوات الأميركية هناك للخطر، وتهدد خطط الولايات المتحدة لإعادة الاستقرار إلى مساحة واسعة من سوريا.
وبحديثه الهاتفي مع أردوغان، أصبح ترامب أحدث مسؤول أميركي يحاول كبح جماح الهجوم ويشير إلى خطر نشوب صراع بين قوات الدولتين الحليفتين.
وقال البيت الأبيض في بيان "حث ترامب تركيا على عدم التصعيد والحد من أعمالها العسكرية وتفادي وقوع خسائر بين المدنيين وزيادة النازحين واللاجئين".
وتابع بقوله "كما حث تركيا على توخي الحذر وتجنب أي أعمال ربما تهدد بنشوب صراع بين القوات التركية والأميركية".
وللولايات المتحدة نحو ألفي جندي في سوريا.
وقال مكتب الرئيس التركي في بيان، إن أردوغان أبلغ نظيره الأميركي بأن على واشنطن وقف تزويد وحدات حماية الشعب الكردية السورية بالسلاح.
وفتحت العملية جبهة جديدة في الحرب الأهلية السورية المتعددة الأطراف، والمستمرة منذ 7 سنوات، فضلاً عن تعقيدها الجهود الأميركية في سوريا.
وتأمل الولايات المتحدة أن تستغل سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية على المنطقة، لكي يعطيها ذلك ثقلاً دبلوماسياً تحتاجه لإحياء محادثات تقودها الأمم المتحدة في جنيف، بشأن اتفاق من شأنه أن يُنهي الحرب الأهلية السورية، ويقود في نهاية المطاف إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
مصالح متباينة
على الرغم من أنهما عضوان في حلف شمال الأطلسي، فإن للولايات المتحدة وتركيا مصالح متباينة في سوريا، مع تركيز واشنطن على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وحرص أنقرة على منع أكراد سوريا من الحصول على حكم ذاتي، مما يقوي شوكة المسلحين الأكراد على أراضيها.
ويقول المحللون إن الولايات المتحدة على الأمد الطويل ليس لديها ضغوط تذكر تمارسها على تركيا، بالنظر إلى اعتماد الجيش الأميركي الشديد على قاعدة تركية لتنفيذ ضربات جوية في سوريا ضد الدولة الإسلامية.
وقالت جونول تول، مديرة مركز الدراسات التركية بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، إن ما يحد من التأثير الأميركي بصورة أكبر، هو عدم امتلاك واشنطن شركاء عسكريين يمكن التعويل عليهم في سوريا غير الأكراد.
وأضافت "الولايات المتحدة بحاجة ألا تفسد تركيا الأمور… وحتى الآن توازن واشنطن بدقة بين العمل مع الميليشيا الكردية ومنع انهيار كامل في العلاقات مع أنقرة".
وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن ترامب يولي أهمية لعلاقته بأردوغان، لكنه أقرّ بأن للولايات المتحدة تأثيراً محدوداً، وأن الإدارة لن ترسل على الأرجح مزيداً من القوات أو عناصر سرية إلى سوريا، حتى إذا تقدمت تركيا من عفرين إلى منبج.
وقال بولنت أليريزا، مدير مشروع تركيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن: "الولايات المتحدة قالت فعلياً "بوسعكم القيام بهذه العملية لأنها خارج منطقتي لكن رجاء اجعلوها محدودة"… لذلك هي لم تشعر بالحاجة إلى تجاوز وسيلة اللغة التي تستخدمها".
واهتم أردوغان بتعزيز العلاقات مع روسيا وإيران في السنوات القليلة الماضية، لأسباب منها خيبة أمله من دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية في القتال ضد الدولة الإسلامية.
وتعتبر أنقرة الوحدات امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، الذي تصنّفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا منظمة إرهابية.
تقارب "تكتيكي" مع روسيا
وفي علامة واضحة على التقارب، تشتري أنقرة منظومة إس-400 للدفاع الصاروخي من روسيا، مما أثار قلق المسؤولين في حلف شمال الأطلسي، القلقين بالفعل مع وجود موسكو العسكري في الشرق الأوسط. وصواريخ إس-400 غير متوافقة مع منظومات الحلف للدفاع الصاروخي.
بيد أن محللين يقولون إن تلك الخطوات تكتيكية إلى حد بعيد، وستلتفت تركيا في نهاية المطاف إلى بواعث القلق الأميركية بشأن عمليتها العسكرية، لاسيما أن أنقرة بحاجة إلى الاتحاد الأوروبي في التجارة وشركاء حلف الأطلسي من أجل أمنها.
وقالت تول "أعتقد أنه (أردوغان) خلف الأبواب المغلقة لا يريد فعلياً انهياراً كاملاً في علاقات تركيا مع الغرب".
وقال ماكس هوفمان، الذي يعمل لدى مركز التقدم الأميركي، إن الولايات المتحدة لا يزال لديها تأثير كبير، وقد تدرس فرض عقوبات على تركيا في المستقبل إذا تجاهلت القوات التركية التحذيرات بشأن منبج.