أثار الخلاف حول عرض فيلم "ذا بوست" الأميركي في لبنان شرخاً داخل جمهور "الممانعة"، وهي التسمية التي تم إطلاقها على المحور السياسي الذي يضمّ حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر -الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون- وغيرها.
قبل الحديث عن الجدال، فالفيلم المذكور هو من إخراج الأميركي ستيفن سبيلبرغ، الذي وُضع على القائمة السوداء من أجل لبنان من قبل مكتب المقاطعة العربية التابع للجامعة العربية، وذلك بعدما أعلن دعمه لإسرائيل في عدوانها على لبنان عام 2006، ودفع مليون دولار لتل أبيب.
دار النقاش حول الفيلم في جلسة مجلس الوزراء، الخميس 18 يناير/كانون الثاني 2018، حيث قرر وزير الداخلية نهاد المشنوق في نهاية الجلسة المشحونة عرض الفيلم، والذي أيّده فيه وزير الخارجية جبران باسيل، وهو من التيار الوطني الحر وحليف حزب الله.
إلا أنه في اليوم التالي، الجمعة 19 يناير/كانون الثاني، أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال احتفال تأبيني، رفض قرار عرض فيلم "ذا بوست"، معتبراً أنه خاطئ، وأن إسرائيل "عدو ويجب الالتزام بعدم التطبيع معها".
وجاءت كلمة نصرالله حول رفض التطبيع مع إسرائيل، لتظهر انقسام اللبنانيين بين فريقين إزاء هذه المسألة.
وبرز هذا الانقسام بعد المقدمة الإخبارية لقناة "أو تي في"، التابعة للتيار الوطني الحر؛ واعتُبرت المقدمة رداً على نصر الله ودعواته لمنع عرض الفيلم.
وجاء في المقدمة أن قرار منع عرضه هو "جريمة ثقافية في حق الحرية، تعيد بشكل أو بآخر تجسيد نظرية قمع الرأي الآخر، بذريعة مواجهة العدو، وهو منطق لم يفضِ في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي إلا إلى هزيمة تلو هزيمة".
ولم تمر ساعات حتى انتشر على الشبكات الاجتماعية هاشتاغ #تيار-التطبيع، اصطف فيه مناصرو حزب الله وحركة أمل في جبهة واحدة ضد التيار الوطني الحر.
بالكهرباء : سرقة ونص وصفقات مشبوهة
بالبيئة : الشاطئ مليانة زبالة
بالخارجية : ما عند مشاكل مع ايديولوجية اسرائيل ومن حقها تعيش بسلام
وحتى بأدنى المواضيع اللي هيي فيلم لشخص ساهم بقتلنا هني مع ..فعلاً هالتيار بدو اصلاح وتغيير لانو #تيار_التطبيع ?
— | معاون دولتو | (@HRkain) 23 Ocak 2018
ومادا تتوقعون من اناس امتهنوا ثقافة الهروب ؟؟؟ #تيار_التطبيع
— ali mortada (@aliimortada) 23 Ocak 2018
لي ما ركض تحت القصف و خاف ع اهلو ما بتفرق معو التطبيع#تيار_التطبيع
— محمد قا.عواد (@AwwadMhd0) 23 Ocak 2018
وفيلم "ذا بوست" الجديد لستيفن سبيلبرغ هو عن أميركا أوائل السبعينات، برئاسة ريتشارد نيكسون، ويحكي عن مغامرة صحيفة واشنطن بوست في الكشف عن تقارير تثبت كذب "الانتصارات" التي يحرزها الأميركيون في حربهم ضد الشعب الفيتنامي، والضغوط التي تتعرّض لها الصحيفة لعدم نشرها.
وقال سبيلبرغ، في مقابلة سابقة معه، إن الفيلم هو لإعادة الاعتبار إلى الصحافة الرصينة، في هذا العهد بالذات، حيث تتعرَّض لهجمة سافرة ومنظّمة على يد رئيس أميركا الجديد، دونالد ترامب. يعود سبيلبرغ إلى زمن نيكسون، ليقارن، فيقدّم شريطه بصفتها مناهضة صريحة لرئيس سابق، وأخرى شبه مباشرة لرئيس حالي، في كذبهما ومعاداتهما حرية النشر.