"ليس عندي أخبار عن أي أحد، أنا كمدير سابق للحملة لا أعرف طبيعة الوضع الحالي أو كيف ستكون الأمور، ووضعي الأمني خطر جداً، ومتخوف على نفسي أمنياً".
كان هذا رد أحمد ماهر – الشهير بـ "ريجو" – مسؤول العمل الجماهيري في حملة الفريق سامي عنان بعد إلقاء القبض على الأخير واقتياده لجهات التحقيق بمعرفة القوات المسلحة.
وأضاف الشاب البالغ من العمر 25 عاماً أنه لم يتمكن حتى الآن من التواصل مع أي فرد من أفراد الحملة، كما أنه حاول التواصل مع القيادات لكن دون أن يتلقى أي رد.
هكذا أصبح الوضع داخل حملة المرشح المحتمل لانتخابات رئاسة الجمهورية الفريق سامي عنان بعد ساعات قليلة من بيان القيادة العامة للقوات المسلحة التي وجهت خلاله مجموعة اتهامات خطيرة إليه. بعد البيان، قالت صفحة الحملة إنها ستتوقف لإشعار آخر.
قبل ذلك بساعات كان الوضع مختلف كلياً بالنسبة لـ"ريجو". بنبرة واثقة، وطريقة من يتحدث عن أمور بديهية، قال وهو يمشي بطمأنينة أمام مقر حزب "مصر العروبة" الذي رشح الفريق عنان يوم 22 يناير/كانون الثاني، "نحن استوفينا كل الشروط لدخول الانتخابات، لو حصل استبعاد سيكون كيدياً".
وذكر أنه يوم 25 يناير/كانون الثاني سيتم الإعلان عن المحافظات التي اكتملت فيها التوكيلات، وتلك المتبقية.
في تلك اللحظة قال إنه لا يشعر بأي خطر بسبب مشاركته في الحملة سواء هو أو بقية فريق العمل في الحملة.
لم يكن ذلك الشعور بالثقة عند ماهر وحده، فقد قال سامي بلح الأمين العام لحزب مصر العروبة في نفس اليوم، "الحمد لله عندنا كل الأوراق المطلوبة ومستوفية الشروط القانونية والدستورية".
بلح كان يؤكد أن عنان لن يكمل عامه الـ 70 إلا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وبالتالي لن تعرقله الدعوة القضائية المرفوعة أمام محكمة الأمور المستعجلة بحظر ترشح أي شخص تجاوز هذا السن، وقال "هذه كلها محاولات فاشلة لا أساس لها".
بلح الذي يعمل محامياً، قال لـ "عربي بوست" في اتصال هاتفي مساء الإثنين 22 يناير/كانون الثاني إن القانون لا يضع حداً أقصى لسن الترشح، ما ينص عليه القانون هو الحد الأدنى، 40 سنة.
بعد توقيف عنان، حاولت "عربي بوست" الاتصال بسامي بلح للتعرف على وضعه ومصير الحملة، لكن هاتفه كان مغلقاً، وكذلك هاتف الدكتور حازم حسني المتحدث باسم عنان.
مقر الحزب فارغ
في الطابق الأول من عمارة سكنية بشارع "إيران" في منطقة الدقي يقع مقر الحزب. وإلى جوار باب الشقة نصف مفتوح، تجد يافطة معلقة كتب عليها اسم الحزب، ولا يقف أمامها أحد.
عند الدخول من الباب، تسير في ممر طوله 2 متر، يقودك إلى صالة استقبال مساحتها حوالي 15 متراً، وتوجد بها أريكتان ومكتب استقبال لا يجلس عليه أحد. من هناك يمكنك أن تلمح غرفة واحدة وممرين آخرين، الأول يقود إلى المطبخ والحمام، والثاني يوصل إلى غرفتين أخريين.
يوم 22 يناير/كانون الثاني، وفي إحدى إحدى هذه الغرف كان ماهر موظف استقبال يبلغ 50 عاماً يجلس مع شخص عجوز يقارب الثمانين من عمره، يسمع من حوله بصعوبة، ويقول أنه قدم من محافظة أسيوط في صعيد مصر، ليسلم توكيله الذي حرره للمرشح.
يقول ماهر إنه أصغر عضو وموظف في الحزب، وهو لا يملك أي معلومات عن الحملة، و"سامي بلح غير موجود الآن، وليس له مواعيد معينة عادة يحضر فيها، لكنه كان متواجداً بالأمس. وكان هناك بعض الشباب متواجدين قبل قليل لكنهم غادروا قبل قليل".
في نفس اليوم كان "ريجو" يغادر المقر ويتوجه للقاء بعض المتطوعين في مكان آخر. يمسك أكثر من هاتف محمول في يده، ويحمل على ظهره حقيبة، ويمشي في نفس شارع مقر الحملة متجها للشارع الرئيسي.
يقول "أنا متطوع في الحملة، ومسئول عن العمل الجماهيري وعن الحملة بشكل عام، والأستاذ إبراهيم عز مساعد لي، وأحمد عبدربه منسق إعلامي باقي المتطوعين والمنسقين في المحافظات".
يؤكد أن معظم الحملة قائمة على المتطوعين وغالبيتهم من الشباب، لكنه لا يملك حصراً دقيقاً بأعداد المتطوعين، "لكن الفريق يخاطب جميع فئات الشعب بمختلف توجهاته"، على حد تعبيره.
كان بلح يؤكد أن الحملة في طور التكوين، وسيكون الحزب أحد عناصر الحملة ومؤيدي الفريق. لكن التشكيل النهائي للحملة لن يعلن الآن، "من السهل أن نعلن عن أسماء اليوم ونغيرها غداً، لكن ذلك سيحدث بلبلة". وبالنسبة لمقر الحملة، فستنتقل إلى مقر خاص بها خلال أيام.
وقال "ريجو" إن أكثر من شخص يقوم حالياً بالبحث عن مقر جديد بدلاً من مقر حزب مصر العروبة. لكنْ في الوقت الحالي المتطوعون شغالون من مقر الحزب، وإن كان أغلبهم من أعضاء فيه.
الثوري الذي انضم لحملة رئيس الأركان السابق
قبل 3 أيام من الآن، كان "ريجو" يجلس في غرفة خافتة الإضاءة، يتابع عملية مونتاج شريط الفيديو الذي سيقلب الأمور، إعلان ترشح سامي عنان.
جالساً على مكتبه في غرفة متوسطة الحجم، لا يظهر بجواره أحد، يتحدث بنبرة تبدو عليها الجدية، قال الفريق سامي عنان الذي أذاع هذا الفيديو بعد منتصف ليل السبت الماضي، إنه ينوى الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية. وبعد عدة انتقادات وجهها للوضع الحالي، قال إنه سينهي إجراءات قانونية مع القوات المسلحة قبل تقدمه للترشح رسمياً، كونه عسكرياً سابقاً.
في الانتخابات الرئاسية التي عقدت مرتين بعد ثورة 25 يناير، انضم "ريجو" الذي يعمل مصوراً ومخرج أفلام، إلى حملة عبدالمنعم أبو الفتوح في انتخابات 2012، ولم يشارك الشاب في انتخابات 2014 التي فاز فيها السيسي أمام منافسه حمدين صباحي.
"في انتخابات مجلس النواب 2015، كنت أعمل مدير حملات انتخابية بشكل احترافي، شغل بأجر، كنت أقوم بتدريب أعضاء الحملات وأضع لهم هيكل تنظيمي ونبحث عن المشاكل ونوجد لها الحلول"، هكذا قال.
وأضاف أن معظم الحملات كانت في الصعيد، لمرشحين لا يفضل ذكر أسمائهم حتى لا يسبب أي حرج لهم. وأكد أن مسؤوليته في حملة عنان تطوعية بشكل كامل لأسباب شخصية.
عرف عن "ريجو" توجهه الثوري في السنوات السابق، وهو ما جعله عرضة لهجوم بعض أصدقاءه الذين أخذوا عليه الانضمام لحملة الرجل الذي كانت الهتافات تعلو مطالبة بإسقاطه قبل 6 سنوات، عندما كان عنان عضواً في المجلس العسكري ورئيس أركان الجيش، الذي حكم البلاد لعام ونصف بعد خلع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
لكنه يرد "الالتفاف حول شخص الفريق عنان له سببين، الأول هو طرحة لفكرة الخلاص من الفشل والأزمة الحالية، والثاني هو الاعتراض على حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي ولذلك نبحث عن بديل". وقال إنه مقتنع بالفريق عنان أنه البديل المناسب.
وبعد أخبار استدعاء عنان للتحقيق، نشر زملاء أحمد على صفحته بفيسبوك منشورات وتعليقات ساخرة تطالبه بالهرب.
ورد بأسلوب بسيط عليهم.
منسق متجول وعائلات تجمع التوكيلات
كان يوم أحمد يبدأ من العاشرة صباحاً عندما يبدأ لقاء المهتمين بالحديث إلى الحملة، ولا يقتصر دوره على تجميع التوكيلات، فهو يتجول بين المحافظات للحديث مع العائلات وكبار الشخصيات عن الحملة.
وقال إنه كان من المفترض أن يتجه الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني إلى الاسكندرية للتحدث مع مجموعة شباب. ويوم الخميس سينزل إلى الصعيد ليتابع ما وصل إليه أعضاء الحملة هناك. "الفكرة إن الناس تحتاج إلى من يتحدث معهم، ولو ظهرت شخصيات كبيرة يمكن التنسيق معها، فإن الحديث عبر الهواتف فيه بعض الإساءة".
كانت هذه خطط ريجو، لاكمال التوكيلات التي قال الأمس انها بلغت 18 ألف توكيل، لن يتمكن من تقديمها على الأرجح، بعد القبض على عنان، وتعليق حملته لنشاطها.