تحركات سريعة في البيت الأبيض لنقل السفارة الأميركية للقدس العام القادم.. نيويورك تايمز: ترامب لم يعد مهتماً بتخفيف آثار قراره الصادم

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/19 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/19 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش

قال مسؤولون كبار، الخميس 19 يناير/كانون الثاني 2018، إن إدارة ترامب تتحرك بشكلٍ أسرع مما كان متوقعاً لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس بحلول عام 2019، وذلك رغم التأكيد في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017، على أن هذه الخطوة لن تُتخذ حتى نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفق ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وتشير خطط الإدارة هذه، التي تأتي بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى أنَّها لم تعد مهتمة بتخفيف آثار السياسة الجديدة، التي أثارت احتجاجاتٍ غاضبة من جانب الفلسطينيين ومواطنين عرب آخرين، وعرَّضت كذلك طموحات ترامب في تحقيق السلام للخطر.

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد تطرَّق للمرة الأولى إلى مسألة إمكانية التعجيل بهذه الخطوة، يوم الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني 2018، وقال للصحفيين إن السفارة ستُنقل "في غضون عام". وهذا الحديث يضع نتنياهو في موقفٍ متعارض مع ترامب، الذي قال بعد ذلك بساعات: "لا نسعى حقاً لذلك".

ولم يتضح بعد ما إذا كان مستشارو ترامب قد أطلعوه على الجدول الزمني الجديد حتى يوم الخميس. وقال المسؤولون إنَّ ترامب كان يتحدث عن بناء مجمع سفارة جديد تماماً في القدس، وهو ما توقع وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ألا يكتمل "قبل 3 سنوات تقريباً، وهذا توقُّعٌ طموح للغاية".

توترات بين تيلرسون والبيت الأبيض

لكنَّ وزارة الخارجية استقرت منذ ذلك الحين على خطةٍ أيسر لتحويل مبنى القنصلية في أرنونا، وهي حي بالقدس الغربية، ليصبح مقراً للسفارة. ومن شأن ذلك تقليص تكلفة المشروع والسماح للسفير ديفيد فريدمان وموظفيه بالانتقال إلى هناك بحلول العام القادم.

وقد تسبَّبت مسألة التوقيت في توتراتٍ بين تيلرسون والبيت الأبيض. فقد دفع فريدمان، الذي عَمِل محامياً لترامب، باتجاه نقل السفارة هذا العام، ودعمه في ذلك غاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره البارز، الذي يُشرف على مبادرة الرئيس للسلام بالشرق الأوسط.

لكنَّ تيلرسون قدَّم التماساً للرئيس ترامب في اجتماع، الخميس 11 يناير/كانون الثاني 2018؛ طلباً للمزيد من الوقت بغرض تحسين أمن المبنى، وقد وافق الرئيس. وقال ستيفن غولدشتاين، مساعد وزير الخارجية للشؤون والدبلوماسية العامة: "ما يضعه وزير الخارجية نصب عينيه هو إتمام الأمر، مُقدِّماً الوضع الأمني على السياسي".

ويقع مبنى أرنونا بالقرب من الخط الأخضر، الذي مثَّل -بحكم الأمر الواقع- حدود إسرائيل منذ عام 1949 حتى الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967. وفي حين يحتاج المبنى، الذي يُصدِر الآن تأشيرات ويقدم خدمات قنصلية للمواطنين الأميركيين، لإعادة تهيئته حتى يتسنى للسفير العمل على أمورٍ سرية- يبدو أنَّ هذا البناء جديد بالكامل ومُزوَّد بتأمينٍ مادي أفضل مما كان عليه الوضع في سفارة تل أبيب.
الجدول الزمني لنقل السفارة

وقد أصبح الجدول الزمني لنقل السفارة أمراً هاماً فيما يتعلق بقرار ترامب التاريخي. وعندما وقع الرئيس إعلاناً في ديسمبر/كانون الأول 2017، اعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقَّع أيضاً على وثيقة أخرى -بمنأى عن الضجة الإعلامية- أجَّل بموجبها طلب الكونغرس القاضي نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس في غضون 6 أشهر.

وفي الوقت نفسه، قال مسؤولو البيت الابيض إنَّ الاعتبارات العملية واللوجيستية هي ما أدَّت إلى القرار. وقالت وزارة الخارجية إنَّها لن تتمكن من افتتاح سفارةٍ بالقدس وفقاً للجدول الزمني المنصوص عليه في قانون عام 1995، والذي يُطالِب الرئيس بالتوقيع على قرار تأجيلٍ كل 6 أشهر، يتذرَّع فيه بأسبابٍ مُتعلِّقة بالأمن القومي؛ من أجل إبقاء السفارة في تل أبيب.

وقال مسؤولون في وزارة الخارجية إنَّ استطلاع موقع للسفارة، والتكليف بوضع تصميم لها، وبناء مجمع السفارة، قد يستغرق كل ذلك ما يصل إلى 6 سنوات، وتكلفة تتراوح ما بين نحو 600 مليون دولار إلى مليار دولار.

بيد أنَّ خبراء قانونيين يرون أنَّ لا شيء في قانون عام 1995 قد يمنع الولايات المتحدة من تعليق لافتة خارج القنصلية القائمة في القدس مكتوب عليها كلمة "سفارة".

فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي، أقامت الولايات المتحدة، على وجه السرعة، سفاراتٍ في مواقع مؤقتة بعواصم الجمهوريات السوفييتية المستقلة حديثاً. وقد تنقّل السفراء الأميركيون أحياناً بين مواقع مختلفة في البلدان التي أنشأت بها عواصم جديدة، مثل ميانمار.

لكنَّ تأجيل هذا التحرك أكسب البيت الأبيض بعض الفوائد الدبلوماسية فيما يتعلَّق بمساعيه لإبقاء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين حيّةً. وأدى التأجيل كذلك إلى تجنُّب إيجاد آثار رمزية محسوسة لسياسة ترامب الجديدة، وجنَّب البيت الأبيض أيضاً اتخاذ سلسلةٍ من القرارات -مثل مكان وجود السفارة في المدينة- من شأنها وضع تحديدٍ جغرافي في البيان، الذي قصد الرئيس إبقاءه عاماً، حول القدس.

وقد تجمَّدت العلاقات بين الولايات المتحدة والفلسطينيين على خلفية إعلان ترامب. وتعهَّد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بعدم المشاركة مجدداً في مفاوضات سلام تتوسط فيها الولايات المتحدة. وفي خطابٍ ألقاه مؤخراً على المسؤولين الفلسطينيين، علَّق عباس على تغريدة لترامب، قائلاً "يخرب بيتك".

وقالت الإدارة الأميركية بدورها، إنَّها ستُعلق 65 مليون دولار أو أكثر من نصف التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة بشكل عام إلى إحدى وكالات الأمم المتحدة المختصة بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.

ويُعَد هذا القرار توبيخاً للأمم المتحدة التي صوَّت غالبية أعضائها، الشهر الماضي، لإدانة قرار الولايات المتحدة المتعلق بالقدس. ويعكس كذلك وجهة نظر البعض في البيت الأبيض حول حاجة المنظمة، وهي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إلى الإصلاح وأنَّها تُعرقل عملية السلام بدلاً من دفعها.

هدية لترامب

وقال مسؤولون إنَّ نقل السفارة بسرعة قد يُمثِّل هدية سياسية لترامب في عام انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس، وذلك بالنظر لشعبية قراره بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل بين الناخبين الإنجيليين والأميركيين المتشددين المؤيدين لإسرائيل، مثل رجل الأعمال شيلدون أديلسون.

وقد اهتم الرئيس ترامب، المُطوِّر العقاري السابق، شخصياً بموقع وتكلفة السفارات. ففي هذا الشهر الجاري (يناير/كانون الثاني)، غرَّد ترامب على حسابه في تويتر حول إلغائه زيارةً كانت مقررة إلى لندن؛ بسبب بيع إدارة أوباما "أفضل وأرقى موقع سفارة في لندن مقابل (ثمنٍ بخسٍ)، لبناء سفارة جديد في موقعٍ غير مناسب بمبلغ يُقدَّر بنحو 1.2 مليار دولار!".

وكانت إدارة جورج بوش الابن قد اتخذت قرار إغلاق السفارة في ساحة غروسفينور بحي مايفير وبناء برج جديد جنوب نهر التايمز بتكلفة تزيد على مليار دولار.

وفي مقابلةٍ مع وكالة رويترز، قال ترامب عن قرار نقل السفارة: "نتطلع إلى إقامة سفارة جميلة، لكن ليس من النوع الذي يُكلِّف 1.2 مليار دولار. تعلمون ما أرمي إليه، أليس كذلك؟".

تحميل المزيد