الديمقراطية المصرية مزيفة.. الغارديان: الانتخابات القادمة فرصة للمصريين من أجل إحداث تغيير

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/16 الساعة 05:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/16 الساعة 05:16 بتوقيت غرينتش

أعلنت السلطات المصرية، في وقتٍ سابق من هذا الشهر (يناير/كانون الثاني 2018)، موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة بالبلاد. وتقول صحيفة الغارديان البريطانية إنه يبدو أن ما مِن شكٍ حول الفائز في الانتخابات، حتى قبل أن تُطلَق صافرة بدء الانتخابات.

ويكاد يكون من المؤكَّد أن الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، هو من سيكون الرئيس المقبل للبلاد، بحسب صحيفة الغارديان. وهناك قائمة متنامية من المُرشَّحين المُحتَمَلين؛ إما انسحبوا من الترشُّح وإما مُنِعوا منه. وكان الرجل ذو الفرصة الأفضل للاستفادة من السخط السائد في أكثر بلدان المنطقة العربية اكتظاظاً بالسُكَّان هو أحمد شفيق، الجنرال السابق في القوات الجوية الذي خسر الانتخابات الرئاسية الحرة الوحيدة في عام 2012 بفارقٍ بسيط. وكان المحامي الخاص به قد ادَّعى في تغريدةٍ على موقع تويتر، أن الحكومة أرغمته على سحب ترشُّحه للانتخابات.

وتتابع الصحيفة: "ومع أن ذلك يبدو مُحبِطاً بعمق، لكنه تحوُّلٌ مُتوقَّع تماماً للأحداث في مصر. والآن، يتمثَّل التهديد الأساسي من داخل المؤسَّسَة الحاكمة في قائدٍ عسكريٍ سابق، رغم أن الشكوك لا تزال قائمة حول ما إذا كان سينتهي به الحال بخوض الانتخابات الرئاسية بالفعل".

أموال من الجيش للإعلام

وأفادت تقارير بأن الجيش يدفع أموالاً بشكل سري لجهاتٍ إعلاميةٍ خاصة؛ لدعم السيسي في الانتخابات. وتشير كل المؤشِّرات إلى انتخاباتٍ ستكون أشبه بدورةِ إعادةٍ لانتخابات 2014، حين جنى السيسي 96% من الأصوات. ومن المثير للسخرية أن خصم السيسي الوحيد في تلك الانتخابات حلَّ في المركز الثالث بعد عدد الأصوات الباطلة! ويتعاطى السيسي باستحياءٍ مع الترشُّح للانتخابات مرةً أخرى، لكن الجميع يتوقَّعون أنه سوف يترشَّح بالفعل.

وتعيش مصر في الوقت الحاضر ديمقراطيةً صورية، بينما تقبع السلطة الحقيقية في يد الجيش الذي يقف وراء الستار، لكنه أشرف على حملة قمعية ضدالمعارضين منذ عام 2013.

وكان الجيش قد صعد إلى السلطة بإطاحة محمد مرسي، الرئيس الأسبق المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وقتل أكثر من 800 متظاهر بميدان رابعة العدوية بالقاهرة وفق ما ذكرته الصحيفة. ومن غير المُستغرَب أن يُعرِب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن ثنائه على حكومة السيسي.

ولحسن الحظ، أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى "عمليات القتل خارج القانون والتعذيب" على يد الحكومة المصرية. وأعدَمَت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، 5 سجناء – 4 منهم لهم صلاتٌ بالإخوان المسلمين- رغم الادعاءات الموثوقة بأنهم خضعوا لمحاكماتٍ غير عادلة. ولعل هذا يبدو تحذيراً للمنافسين بأن السياسة المصرية قاتلة وليست فقط خطيرة للغاية.

ويجب على الزعماء السياسيين الغربيين أن يقلقوا من أن تصبح مصر دولةً فاشلة، ومن الخطأ أن يغضوا الطرف عن تجاوزات السيسي. وقد مهَّدَت سياساته المُتشدِّدة الطريق أمام نشأة تنظيماتٍ مُسلَّحة عنيفة. ويُدبِّر الإرهابيون عملياتهم ضد أهدافٍ أمنية ومدنية على السواء، بتفجيراتٍ واغتيالاتٍ لأشخاصٍ رفيعي المستوى. وفي سيناء، أغرقت الحرب التي يشنها السيسي الأرض بالدماء وأدت إلى أن يتَّخذ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من المنطقة معقلاً له.

إحداث تغيير

كانت ثورة 2011 المصرية هي ذروة الربيع العربي، وقد وفَّرَت فرصةً للدولة المصرية لإشراك المواطنين في عملية صنع القرار من خلال تحرير السياسة. لكن السيسي في المقابل، دَفَعَ باتجاه إجراءاتِ تقشُّفٍ قاسية بينما وضع المجتمع في قبضةٍ خانقة. وكان من شأن السياسات الديمقراطية أن تضمن بعض الاقتناع لدى المصريين بالدواء المُر الذي اضطروا إلى ابتلاعه في الشهور الأخيرة.

وقد أدَّى خفض قيمة العملة إلى ارتفاعٍ حاد بأسعار السلع الأساسية وإغراق البلاد في الديون. وعلى نحوٍ كان مُتوقَّعاً، جاءت مصر ضمن 4 دول تنخفض فيها مستويات معيشة المواطنين كل عامٍ منذ 2014، من أصل 115 دولة شملتها دراسةٌ أجرتها منظمة غالوب للبحوث الإحصائية ومقرها واشنطن.

على الرئيس أن يقلق بشأن ما يجري في بلده، لكنه يبدو منشغلاً بتشييد الأبنية لنفسه: عاصمة إدارية جديدة ليست أكثر مشكلات مصر إلحاحاً، بالنظر إلى أن معدلات الفقر قد قفزت بنسبة 25% في العامَين الماضيَين. وحين يرى الناسُ حياتهم تسير في الاتجاه الخاطئ، يريدون أن يقدروا على إحداث تغيير. والانتخابات الرئاسية في مصر ستمنح المُصوِّتين فرصةً لفعل ذلك.

تحميل المزيد