كشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها في إنشاء "قوة حدودية" تتكون من عناصر قوات سوريا الديمقراطية، التي تضم في معظمها عناصر حزب العمال الكردستاني، وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية. وقد كشفت واشنطن عن خطتها هذه الأحد 14 يناير/كانون الثاني 2018، علما وأن اليوم يصادف عطلة رسمية في الولايات المتحدة.
وقد تسبب هذا الأمر في تفاقم الأزمة مرة أخرى مع تركيا.
عموما، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستطلق اسم "قوات حرس الحدود" على هذا التشكيل الجديد، الذي سيشمل عناصر قوات سوريا الديمقراطية. وستنتشر هذه القوات على طول الحدود التركية والعراقية، حيث ستتوزع شمالا على الحدود التركية، وفي الجهة الجنوبية الشرقية على الحدود العراقية، بين المنطقة التي تخضع لنفوذ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل واشنطن، والمنطقة التي يسيطر عليها النظام السوري المدعوم من قبل روسيا، أي في منطقة وادي نهر الفرات، وفق ما ذكرت صحيفة حرييت التركية.
وفي الأثناء، ذكر المتحدث باسم قوات التحالف الدولي رايان ديلون أنّ "الأكراد سينتشرون أكثر في الشمال، على طول الحدود التركية، بينما سيتوزع العرب في محيط وادي نهر الفرات في الجنوب".
وقد عززت هذه التطورات من أهمية اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي سيعقد يوم غد الثلاثاء في كندا. فمن المتوقع أن توجه أنقرة تحذيراتها الأخيرة لإدارة ترامب، على لسان وزير خارجيتها جاويش أوغلو.
تسلسل الأحداث
كانت نقطة البداية مع الأخبار التي تناقلتها وسائل إعلام سعودية خلال الأسبوع الماضي، التي كشفت استعداد الولايات المتحدة الأمريكية للاعتراف دبلوماسيا بالمنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية. إثر ذلك، وصلت بعض المعلومات إلى أنقرة تفيد بنية واشنطن تأسيس حرس حدود يتكون من عناصر قوات سوريا الديمقراطية. وقد دفع ذلك أنقرة إلى استدعاء فيليب كوسنيت مستشار السفارة الأمريكية لديها، وأبلغته انزعاج تركيا على خلفية هذه الأخبار.
عقب ذلك بيوم، كشف ديفيد ساترفيلد، المسؤول عن الملف السوري في وزارة الخارجية الأمريكية، عن الأسباب التي تحول دون خروج واشنطن من سوريا. وقد شدد ساترفيلد على أن حماية حليفهم أي قوات سوريا الديمقراطية أمر بالغ الأهمية، نظرا لأنّ هذه القوات ستعمل على تشكيل هيكل سياسي جديد في المنطقة، سيكون نموذجا لكل سوريا. وقد رافق هذه التصريحات ما كشفت عنه وكالة الأناضول، حيث أفادت أن هيئة أمريكية تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية بادرت بالاجتماع مع قادة من وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا.
أردوغان: "سندخل عفرين"
تبلور أول رد فعل تركي رسمي على هذه التطورات، من خلال تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت 13 يناير/كانون الثاني، حيث وجّه الرئيس التركي تحذيرات شديدة اللهجة، مشيرا إلى أن الجيش التركي يتجهز لدخول عفرين.
ومساء ذلك اليوم، تواترت العديد من الأخبار بشأن شن القوات التركية لقصف مدفعي على المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي. وفي صباح اليوم الموالي الأحد، تبين فعلا أن واشنطن تسعى لتأسيس قوات حرس حدود في المنطقة.
وقد أفاد المتحدث باسم قوات التحالف الدولي رايان ديلون في إجابته على تساؤل صحيفة حرييت عبر البريد الإلكتروني، بأنّ ""قوات حرس الحدود" ستتكون من 30 ألف عنصر مسلح".
15 ألف عنصر من قوات سوريا الديمقراطية
ستكون قيادة هذه الوحدات تحت إمرة قوات سوريا الديمقراطية. وسينضم 15 ألف عنصر من العناصر المسلحة التابعة لها، التي شاركت في الحرب ضد تنظيم الدولة واكتسبت خبرة قتالية كبيرة، لقوات حرس الحدود التي تعتزم الولايات المتحدة تشكيلها ونشرها على الحدود. وسيتم تجنيد بقية العناصر، أي ما يقارب 15 ألف مقاتل آخر، حتى يتم تدريبهم.
الأكراد على الحدود التركية، والعرب في وادي نهر الفرات
وقد كشف رايان ديلون من خلال تصريحاته أن توزيع العرب والأكراد سيكون على أساس المناطق التي يعيشون فيها. وبالتالي، ستخدم هذه العناصر في المناطق التي ينتمون لها، أي أن الغالبية العظمى من قوات حرس الحدود في الشمال على الحدود التركية ستكون مكونة من الأكراد، فيما سيشكل العرب معظم العناصر التي ستنتشر في منطقة وادي نهر الفرات، وعلى طول الحدود العراقية. لكن لم يكشف ديلون أعداد الأكراد والعرب ضمن 30 ألف عنصر من حرس الحدود.
أزمة أخرى وعطلة جديدة
مرة أخرى، أعلنت واشنطن عن قرار يستفز أنقرة. ومن المصادفات الغريبة أنّ هذا القرار، وللمرة الثانية، يصدر يوم أحد، في حين يليه يوم عطلة، تماما كما حدث خلال الأزمة الدبلوماسية التي نشأت بسبب تأشيرات الدخول.
ومن المتوقع أن يحمل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في جعبته رسائل تحذيرية شديدة اللهجة، وذلك في إطار اجتماعه مع نظيره الأمريكي يوم غد الثلاثاء في كندا. ومن المرجح أن تطغى هذه التطورات الأخيرة على أجندة الاجتماع، بعدما كان من المقرر أن يركز على موضوع الأمن في شبه الجزيرة الكورية.