لهذه الأسباب لن يكون دوره “كومبارس”.. ترشُّح عنان للرئاسة يخلط أوراق اللعبة الانتخابية في مصر

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/13 الساعة 07:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/13 الساعة 07:50 بتوقيت غرينتش

شكل إعلان حزب مصر العروبة منذ أسبوع ترشيح رئيس الأركان المصري السابق الفريق سامي عنان لخوض انتخابات الرئاسة، مفاجأة كبيرة وغير متوقعة في مصر.

وأكد سامي بلح، أمين عام الحزب، في تصريحاته لصحيفة المصري اليوم، أن عنان سيخوض الانتخابات/ قائلاً إن عنان أكد له أن قرار ترشحه "نهائي لا رجعة فيه وليس من قبيل الشو أو الفرقعة الإعلامية".

الآن خرج سامي عنان ليقطع كل الشكوك ويؤكد ترشحه للرئاسة. جاء ذلك في كلمة متلفزة، مدتها نحو 5 دقائق نشرتها الصفحة الرسمية للحملة الانتخابية لـ"عنان"، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وبدا فيها الأخير جالساً على مكتب يقرأ من ورقة بيده.

هذه المفاجأة جاءت لتخلط الأوراق في سباق الانتخابات المصرية التي ستجرى بين 26 و28 مارس/آذار المقبل، ولتضيف إثارة وحرارة لم يكن المصريون يتوقعونها، خصوصاً وسط الحديث حول تكرار مشهد انتخابات 2014، عندما خاض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الانتخابات أمام مرشح وحيد هو حمدين صباحي، ليكتسحها بنسبة كبيرة.

ومع تأكيد المحامي والحقوقي خالد علي، ترشحه للرئاسة، توقع العديد من المهتمين بالشأن المصري أن السيناريو سيعاد مرة أخرى هذا العام.

وجاء إعلان ترشح عنان بعد أيام قليلة من سحب الفريق أحمد شفيق ترشحه للرئاسة، وسط ضغوط تتعلق بتهديدات مارستها السلطات المصرية عليه، طبقاً لما أشار له تقرير لصحيفة نيويورك تايمز. الصحيفة الأميركية قالت إن السلطات المصرية هددت موكله بفتح ملفات قضايا فساد سابقة مرفوعة ضده في حال لم يتراجع.

وقامت حكومة السيسي بقمع واضح للمعارضة منذ أول يوم لتوليها قيادة البلاد. وقد سُجِنَ تقريباً جميع منتقدي الحكومة البارزين أو غادروا البلاد أو التزموا الصمت، بينما أغلقت السلطات مئات المواقع وحظرت جميع المظاهرات غير المرخصة.

وطبقاً لما ذكرته الواشنطن بوست، فإن الكثيرين كانوا يتوقعون أن تكون انتخابات مارس/آذار عملية شديدة الترتيب والتجهيز تنتهي في إعادة انتخاب الرئيس الحالي بشكل ساحق.

وجه معروف للمصريين يمتلك عناصر مهمة


قاد عنان الجيش المصري رئيساً للأركان في الفترة من 2005 إلى 2012، وهو معروف في مصر كجزء من المجلس العسكري الذي حكم البلاد بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

وأجبر عنان على التقاعد من قبل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في عام 2012. وذهب الجنرال السابق لتشكيل حزب العروبة المصري، ويعتزم الآن الوقوف ضد زميله السابق في الجيش، السيسي.

ووسط قمع واضح لكل مرشح قوي يعلن ترشح نفسه للرئاسة، جاء عنان ليخلط هذه الأوراق. وقال محللون إن عنان شخص معروف في مصر وأكثر من مجرد مرشح معارضة رمزية.

وقال الدكتور ها هيليير، وهو زميل غير مقيم في معهد الملكية المتحدة للخدمات، في تصريحه لصحيفة التليغراف البريطانية، إن سامي عنان ليس رقماً لا يذكر، فهو يمتلك عناصر مهمة.

عنان رجل عسكري سابق وبالتالي هو مقبول عند شريحة واسعة من المصريين الذين يرون العسكر هم الأكثر قدرة على إدارة البلاد منذ عام 1952. كما أنه كشخص عسكري سابق كبير جداً يحظى باحترام وقبول داخل المؤسسة العسكرية.

وأضاف هيليير إن عنان لا يعرف عنه أنه شخص حليف للسيسي، وبالتالي لا يمكننا القول أنه يسير نحو الانتخابات ببساطة إلا ليمثل تحدياً أمام منافسه.

وربما يمثل عنان فرصة للمصريين الذي يرضخون تحت أزمات اقتصادية كبيرة، وسط ارتفاع الأسعار وزيادة نسب التضخم بشكل غير مسبوق.

ويرى بعض المصريين أنه يمكن أن يساعد في تغيير السياسات الاقتصادية للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي طالته الكثير من الانتقادات في العام الأخير مع تدهور الظروف المعيشية للمصريين.

لا يمكن أن يكون كومبارساً


في بيان أمين عام حزب العروبة حول ترشح سامي عنان لانتخابات الرئاسة، قال ليس كل من يترشح في انتخابات الرئاسة أمام الرئيس الحالي خائن أو "كومبارس". وأشار إلى أن كل من يترشح هو من أبناء هذا البلد وعلينا أن نحترمه وأن نستمع إليه وإلى برنامجه الانتخابي وأن نترك الاختيار للشعب صاحب القرار النهائي.

التصريح يؤكد الحالة التي وصلت إليها سياسة تكميم الأفواه التي تقوم بها الحكومة المصرية الحالية، ومحاولة تحجيم أي مرشحين أقوياء أمام السيسي.

وأوضح رئيس تحرير صحيفة المشهد الأسبوعية مجدي شندي، أن ترشح سامي عنان للانتخابات الرئاسية إن حدث بالفعل سيشكل متغيراً مهماً في مسار هذا الاستحقاق السياسي، ولن يجعله مجرد استفتاء.

ولم يستبعد شندي أن تصطف حركات سياسية وقوى وشخصيات مصرية وراء عنان، وأن يهاجمه بالمقابل الإعلام التابع للسلطة والمؤسسات التابعة للرئاسة، مشيراً إلى أن مؤسسات الحكم ليست على قلب رجل واحد.

من جهته، أكد أيمن نور زعيم حزب غد الثورة أن علاقات سامي عنان خارج مصر وداخلها وخاصة في المؤسسة العسكرية والدولة العميقة، وتجربته داخل نظام حسني مبارك، ستجعله مرشحاً جدياً في قراره ومؤثراً. وقال إن عنان سيستفيد من حالة الاستقطاب الموجودة في مؤسسات الدولة خاصة بعد التسريبات الأخيرة.

وعلق الدكتور محمد عز العرب الخبير بمركز الأهرام للدارسات السياسية والاستراتيجية، قائلاً "هناك محددين رئيسيين للعملية الانتخابية بمصر، وهما تحدي المنافسة وتحدى المشاركة، فالأول يتعلق بدخول منافسين آخرين للسيسي، سواء من حيث العدد أو النوعية وهو ما يؤثر بدرجة كبيرة في العملية الانتخابية حتى وإن كانت فرص السيسي أكبر بالفوز بولاية ثانية".

وقال عز العرب، في تصريحات لـCNN بالعربية، إن "وجود عناصر لها وزن في الشارع يعكس تعددية في اتجاهات تصويت الناخبين للاختيار بين أكثر من مرشح، وبالتالي عودة السياسة في شكلها الإجرائي المرتبط بالانتخابات وهي الانتخابات الرئاسية الثالثة منذ 2011".

وأضاف أن "التحدي الآخر يتعلق أكثر بنزول الناخبين للتصويت، حيث توجد توقعات أن معدلات المشاركة لن تكون كبيرة لأسباب قد تكون لاعتقاد البعض من الناس أن المسالة محسومة للسيسي، بسبب ما أنجزه في ملفه خلال ولايته الأولى، فضلاً عن اعتقاد آخرين بأنه لا يوجد مرشح قوي يمكنه منافسه السيسي على الرغم أن الأخير لم يعلن موقفه من الترشح رسمياً حتى الآن".

الترشح غير مؤكد


وترشح عنان نفسه لا يعني خوضه سباق انتخابات الرئاسة حتى النهاية. فقد سبق وأعلن عنان ترشحه لانتخابات رئاسة 2014، لكنه تراجع عن قراره بعد 29 يوماً فقط.

سامي عنان كان أعلن خوضه للانتخابات الرئاسية في 16 فبراير/ شباط 2014، في فترة قد تشبه كثيراً، ما نعيشه اليوم من أجواء إعلان المرشحين المحتملين لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة في نهاية مارس/ آذار المقبل.

وكان السبب وراء التراجع عن الترشح قد ذكره عنان في بيان، قال فيه "إعلاء للمصلحة الوطنية، وبسبب المخاطر التي تحيط بالبلاد".

لكن المرشح الرئاسي السابق، وزعيم حزب غد الثورة، أيمن نور، أكد أن رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، سامي عنان، يعتزم بشكل قاطع المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن البيان الصادر عن حزب عنان "مصر العروبة" يُترجم رغبته، خاصة أنه زعيم هذا الحزب، و"لا يتصور أن يصدر مثل هذا البيان المهم دون موافقته واستطلاع رأيه".

وأضاف "لكني أعتقد أن عنان سيعلن ترشحه بشكل رسمي خلال أسبوع سواء، كان هذا بشكل شخصي أو من خلال مجموعة من انصاره ومؤيديه"، مشيراً إلى أن هناك ثمة تحركات لحزب "مصر العروبة" وعدد من مؤيدي عنان في بعض المحافظات منذ أيام؛ بهدف جمع توكيلات له يتم إصدارها من الشهر العقاري.

تحميل المزيد