لم يتوقف الجدل حول العملات الإلكترونية رغم عدم اهتمام كثير من الناس بها، لكنك قد تعيد التفكير في الأمر إذا رأيت سعر عملة إلكترونية مثل "الإيثريوم" يقفز نحو 2300% في 2017!
فما هو "الإيثريوم" هذا الذي قد يجعل نظامنا النقدي الحالي في خبر كان؟ وهل سنكون أغنياء لو امتلكنا هذه العملة السحرية الافتراضية؟ الجواب: ربما وربما العكس!
ما الذي يميز الإيثريوم عن البيتكوين؟
الإيثريوم غير محدودة، فعكس البيتكوين التي يُطرح منها عدد محدود فقط ينتهي في وقت معين ويستمر تداول المعروض، فالإيثريوم غير منتهية ويستطيع صناع العملة طرح المزيد كل وقت للتداول.
تعاملات الإيثريوم أسرع بكثير؛ فهي تستغرق 15 ثانية تقريباً، بينما يحتاج البيتكوين نحو 10 دقائق لإتمام المعاملة، وهذا يجعل الإيثريوم سريعة وأكثر عملية وتقلّباً أيضاً.
الملكية الجماعية: فعكس البيتكوين التي ابتكرها شخص غامض يدور الكثير من الجدل حول حقيقة شخصيته، فالإيثريوم أُنتجت بتمويل جماعي وملكية مشتركة وليست ملك شخص بعينه فقط، وهذا يجعلها أكثر مصداقية ربما.
الإيثريوم ليست بديلة للعملات التقليدية: فهي نشأت ضمن مجتمع مطوري التطبيقات كطريقة للدفع، ولم يُقصد بذلك أن تحل محل العملات التقليدية وإن كانت في طريقها لتكون بديلاً بالفعل أيضاً مثل البيتكوين.
يعتبر الإيثريوم حاسوباً عالمياً مكوناً من عدد من الحواسيب متصلة بشبكة، ويتكون النظام من شبكة من التطبيقات التي تنفذ الأوامر عبر ما يسمى "العقود الذكية"، وهي الفكرة المميزة للإيثريوم، وتتكون من بروتوكولات معلوماتية يتم بيعها وشراؤها وتوثيق العقد تلقائياً من دون وسيط.
انهيار لحظي مفاجئ وتعافٍ سريع!
تعطيك هذه الحادثة إشارة تحذير من الثقة الكاملة بالإيثريوم، فقد أدى خبر خاطئ في القناة الرابعة بأن بوتيرين قد مات في حادث سيارة مفجع إلى "خسارة فادحة في قيمة إيثريوم، بعد أن ارتفع سعر العملة 50 مرة في هذا العام". حتى الآن، حدث انهيار مفاجئ حينما تم محو 4 مليارات دولار من القيمة السوقية الإجمالية للإيثريوم على أثر خبر الحادثة المزيف.
اتضح بعدها أن بوتيرين لم يمت ولم تحدث حادثة سيارة، وقد ظهر بنفسه على تويتر؛ لإثبات أنه على ما يرام، حيث ظهر في صورة سيلفي مع ورقة عليها بيانات حديثة لعملة مشفرة حديثة كدليل على أنه حي.
ورغم أنه لا يسيطر على الشبكة؛ بل هو جزء من البرامج والتطبيقات اللامركزية التي يمكن لأي شخص تشغيلها والبناء عليها. فإن موقعه كمصمم لها جعل الشائعات تؤثر على العملة في الأسواق، وقد حدث تعافٍ سريع بعد ذلك، لكنه مؤشر خطير حول ما يعنيه أن يكون 26 ملياراً من القيمة السوقية معتمدة جزئياً على بقاء شاب ذي 23 عاماً بصحة جيدة وعلى قيد الحياة وتوافر سيلفي لإثبات ذلك.
ما هو الإيثريوم.. كمبيوتر أم إنترنت؟
يعمل جهاز الإيثريوم كجهاز كمبيوتر افتراضي عالمي (EVM)، يعطي للمطورين القدرة على العمل ونشر أي نوع من التطبيقات على شبكة إيثريوم، ويقوم بتوزيع عمليات البرنامج على شبكة آمنة وشفافة.
يمكن أن تتخيل الإنترنت على شكل سلسلة من العُقد المتصلة في بِنية شبكة الإنترنت، ويعتبر الجهاز الخادم (السيرفر) عقدة مركزية تتصل بها العُقد الصغيرة مثل أجهزة الحاسب الشخصية، بهذه الطريقة يمكن أن توجد نقاطُ خللٍ، مثل أن تتم مهاجمتها فتفقد الإنترنت مساحات واسعة منها، مثلما كان الحال في انقطاع أمازون في وقت مبكر من العام الحالي.
لكن الإيثريوم مختلف عن الإنترنت العادي؛ فمن خلال اللامركزية وتوزيع المعلومات في كتل متطابقة والتشفير عبر الشبكة بأكملها، يلغي الإيثريوم تلك النقاط الضعيفة كالخوادم التي تشكل العمود الفقري للإنترنت ويجعل الشبكة بأكملها محميَّة، ولهذا يقول البعض إن إيثريوم هو ويب 3.0.
هذه هي ميزة الإيثريوم، فهو أكثر فائدة قليلاً من البيتكوين، حيث إن كل قوة الحوسبة المستخدمة للحفاظ على تشغيله لا يمكنها التحقق من المعاملات فقط، ولكن أيضاً تشغيل التعليمات البرمجية، وهذا أمر مفيد للغاية بالنسبة للأشخاص الذين يراهنون على الإنترنت والتكنولوجيا ليحلا محل نظام النظم في نهاية الأمر، مثل النظام المالي العالمي والحكومة وما إلى ذلك.
لأنصار الإيثريوم، هو إضافة هائلة للتطبيقات، فبجانب العملة هناك القوة التي يعطيها للتطبيقات للعمل؛ ففي الإنترنت القديم ربما نستخدم شيئاً مثل باي بال لقبول المدفوعات والشراء عبر الإنترنت، وبالطبع يأخذ "باي بال" نسبة من كل معاملة، ويقوم الوسيط بتسجيل المعاملة في جدول بيانات مخصص لذلك، لكن في الإيثريوم عقد التسجيل بسيط وبلا وسيط، فهو بيتكوين مطور يمكنه تنفيذ التعليمات البرمجية بكفاءة؛ ما يعني أن لديك نظاماً مستقلاً تماماً وشفافاً ومحصناً ضد الهجمات ومتوافقاً مع التطبيقات ويمكنه تشغيل أي شيء تقريباً.
حسناً، من الذي صنع هذا؟ عكس بيتكوين، نحن نعلم هوية الشخص الذي اخترع الإيثريوم، وهو فيتاليك بوتيرين، ويمكنك أن تقرأ ملفه الشخصي وسيرته الذاتية، وقد استطاع أن يطور الإيثريوم مع مجموعة مميزة من المطورين المساهمين في المشروع ويعملون على زيادة الوصول والشفافية والمساءلة وضمان الانفتاح واللامركزية، وهدفهم المعلن هو خلق اقتصاد جديد يمكن لأي شخص أن يشارك فيه بشروطه الخاصة، لقد أصبحت الإيثريوم رمزاً وليس مجرد عملة إلكترونية.
بالتأكيد، لم يحل الإيثريوم محل النظام العالمي بعد، ولا نستطيع الجزم بأن هذا سيحدث، خاصة مع الهشاشة التي ترافق هذه الأفكار الطموحة، فقد أدت شائعات بوفاة بوتيرين إلى انهيار العملة للهاوية فترة قصيرة قبل أيام.