عودة رفات أقصر ملوك إيطاليا قامةً من مصر تفتح جروحاً قديمة.. اليهود غاضبون وأحفاده محبطون

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/20 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/20 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش

أخيراً، أُعيد رفات الملك فيكتور إيمانويل الثالث إلى إيطاليا من مصر، بعد 70 عاماً من وفاته في المنفى هناك.

لكنَّ عودة الرفات الملكي نكأت جروحاً قديمة وأثارت الذكريات؛ بل والغضب الذي عفى عليه الزمن، حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

اشتُهر الملك فيكتور إيمانويل الثالث بلقب Sciaboletta في بلاده، والذي يعني "السيف الضئيل"؛ نظراً إلى قِصر قامة الملك التي لم تتجاوز متراً ونصف المتر؛ ولهذا السبب كان لا بد من سَن سيف خاص به يتناسب مع طوله القصير؛ لئلا يمس نصل السيف الأرض وينسحب عليها في أثناء تقلّد الملك له.

لعل طول الملك وحجمه كانا ضئيلين، ولكن بصمة الملك وتأثيره على شؤون بلاده، إيطاليا، قطعاً ما كانا كذلك.

فمن المعروف في إيطاليا أن أفعال هذا الملك هي ما قاد إلى ظهور النظام الفاشي تحت لواء بينيتو موسوليني وهي التي أدت فعلياً إلى إنهاء الحكم الملكي.

الآن، وبعد 7 عقود خلت من موت الملك، ها هو ذا يعود من جديد، ليثير ذكريات الماضي وعواصف الجدل القديم.

كان فيكتور إيمانويل قد توفي في منفاه (مصر) عام 1947، بعدما فرَّ إلى هناك من إيطاليا قبلها بـ4 سنوات؛ فراراً من اعتقال الجيش الألماني له حينما أعلن الهدنة مع قوات الحلفاء في أثناء الحرب العالمية الثانية.

ويوم الأحد الماضي 17 ديسمبر/كانون الأول 2017، نُقل جثمانه أخيراً إلى موطنه الأم، وسط موجة سخط وغضب عارم، لا سيما في أوساط يهود إيطاليا، الذين قالوا: "لقد كان فيكتور إيمانويل الثالث شريكاً للنظام الفاشي بعدم ممانعته له حينما ظهر".

"مهزلة"

في عام 1922، اختار فيكتور إيمانويل ألا يسيّر الجيوش ضد فاشيي موسوليني؛ بل بدلاً من ذلك طلب منه تشكيل حكومة، ممهداً بذلك الطريق لـ20 عاماً من الحكم الديكتاتوري.

لاحقاً، أُخِذ عليه بكثير من اللوم والنقد توقيعُه قوانين عنصرية عام 1938 تشرع اضطهاد اليهود.

بعض أحفاد فيكتور إيمانويل يطالبون بنقل رفاته إلى "البانثيون"، ذاك النصب الروماني العريق الذي يرقد فيه أول ملكين إيطاليين من آل سافوي.

فقد قال إيمانويل فيليبيرتو، ابن حفيد الملك الراحل، متحدثاً للإعلام الإيطالي بأن أفراد عائلته ينبغي ألا يُدفنوا في "أي قبر عادي" وحسب؛ بل "ليس ضد تيار الزمن أبداً أن نتمنى الاحترام للملوك".

غير أن مطلبه هذا، وصفته الجالية اليهودية في روما بـ"المهزلة"، حيث أشار الكثيرون منهم إلى قرب مبنى "البانثيون" من حي اليهود الذي سيق منه عام 1934 نحو 1000 من اليهود واقتيدوا إلى معتقلات الموت النازية، ولم ينجُ من هؤلاء سوى 16 فرداً.

وحتى طريقة نقل رفات الملك من مصر لإيطاليا أثارت الغضب هي الأخرى، فالنقل تم على متن طائرة عسكرية مدفوعة التكاليف من قِبل الدولة؛ وعن هذا يقول رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماسيمو داليما: "خيارٌ غير موفق".

كذلك، علَّق لويجي دي مايو، زعيم حركة النجوم الخمس، الذي سيخوض الانتخابات المقبلة وقد يصبح رئيس وزراء إيطاليا الجديد: "ينبغي لنا الحرص على الرموز والإشارات التي نرسلها، فنحن نعيد فتق جرح من ماضينا".

"محبوب"

بعد 3 سنوات من فراره من وطنه (إيطاليا)، تاركاً وراءه جيشه الإيطالي، أعلن الملك تنازله عن العرش لصالح ابنه؛ ثم بعد شهر من ذلك، وتحديداً في يونيو/حزيران 1946، صوتت إيطاليا على قرار التحول إلى جمهورية.

وتقرر آنذاك حظر دخول جميع آل سافوي إلى البلاد ومنعهم من أن تطأ أقدامهم أرض الوطن مرة أخرى، لكن ذاك الحظر رُفع عام 2002.

عودة رفات الملك جاءت في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بعدما تقدمت عائلته بطلب رسمي عام 2011.

ويوم الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول 2017، جرى تكريم الملك الراحل في مدفن عائلي قرب تورين ضمن مراسم حفل خاص صغير.

وقد وُوري جثمانه الثرى بقرب زوجته، إلينا ابنة ملك مونتينيغرو (الجبل الأسود في يوغسلافيا)، التي كانت امرأة فارعة الطول (1.80 متر) وكانت تلاطف زوجها بلقب "ملكي الصغير".

الملك الجديد

ولدى الملك الراحل حفيدٌ على قيد الحياة سمي على اسم جده، فيكتور إيمانويل، ولو كانت إيطاليا ما تزال مملكة لكان هذا الحفيد على رأس العرش حالياً؛ يقول هذا الحفيد إنه ما زال يأمل أن يُنقل جثمان جده إلى "البانثيون"، فهو المبنى "الذي يليق بالملوك".

أما ابنة أخي الملك الراحل، ماريا بيا، فقالت إنه كان "محبوباً"، وأضافت: "كنت أناديه بـ(جدي الصغير)، فقد كان مصاباً بالكساح، ما جعل ساقيه قصيرتين؛ ولهذا كان كلما أراد النهوض من على كرسيه، نهض بقفزة صغيرة مثلنا نحن الأطفال!".

أما بقية البلاد، فالأرجح أنها تتذكر ملكها الراحل بطريقة مختلفة جداً.

الملك فيكتور إيمانويل الثالث في سطور

1900: نُصِّب ملكاً على إيطاليا.
1922: طلب من موسوليني تشكيل حكومة جديدة، ما مهد الطريق للنظام الفاشي.
1938: وقَّع الملك وصدَّق على قوانين تقيد الحقوق المدنية لليهود.
9 سبتمبر/أيلول 1943: فرار الملك من إيطاليا.
9 مايو/أيار 1946: الملك يتنازل عن عرشه لصالح ابنه.
2 يونيو/حزيران 1946: استفتاء إيطاليا وقرار التحول إلى جمهورية.
28 ديسمبر/كانون الأول 1947: وفاة فيكتور إيمانويل الثالث في منفاه بمصر.

تحميل المزيد