"1"
ضحكةُ صغيرتي حيفا
وروحي تسبقُ أنفاسي إليها..
وأنا ما تعذرتُ
ألهث في قاطرةِ الوقت والغربة
أنقر القرى بأهدابي
ويسألني الغزاة
في المحطة المشرعة السّاقين
من أين الغريب؟!
لعل كيس الزّعتر لم يتّسق مع عطرهم
غير المتجانس مع رائحةِ البارود المغموسِ بالوجل
ولعل حذائي المنسوج من الشّوك والوحل
لم يرق لجزماتهم المتعالية
ما هذه الورطة أماه؟
كيف تركت طفلتي تركض وراء إوز المحطة
وحلوى العجائز المتصابيات
وكيف اصطفاها الظّلام
ألِأنّ عتمة شعرها أعمق؟
ألأنّ دمعة منها أمضُّ من شلالات الدّمع
التي تَصلي ظهره..
أظنها تعجلت عندما قطعت حبلها السّري
من رحمِ زيتونةِ العلياء
ولم تعد لها عندما رمت
ذاك الجندي بقشرةِ الفستق
"2"
عجيبٌ أمرُ المحطةِ
كيف تنتصب جدرانها ولا تنتحر
وتبقى متسمرةً في الوجود
وهم يبولون البيرة على رجليها..
وتتفرج المقبرة
دون أن تنفض عنها القترة والديدان
وتطعنهم بعظامها العجوز
أو أن تشرع رموسها جحيمها
من تحت خطواتهم!
"3"
ضحكةُ صغيرتي حيفا
عبقُ أصابعها البضّة يعرّش على الرئتين
أمسكي كسرة الأمل بشدةٍ يا صغيرتي..
لكن كيف تقوين على حمل الأساطير والتنبؤات بثقةٍ وبسمةٍ لا تدلُك؟
"4"
ضحكةُ صغيرتي حيفا
قد أنهكتِ الطريقَ يا ابنتي
بدا ذاك جلياً في ارتعاشات السماء
لتوجسها عليكِ
وفي قطوف العصافير
التي تزاحمت لتزفّكِ
لنهايةِ الشاطئ وفاتحةِ الربيع..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.