ما يقوله عنك الآخرون.. لا تجعله يتحكم في شخصيتك

فاحذر عزيزي أياً كنت: (اثنان اتفقا على جلب روح جديدة لهذا العالم لتعمره، جدة تدعي في هذه اللحظة أن يكون مولود ابنها ذكراً، عمّ وعمة، خال وخالة، أصدقائي الأطفال ممن قدموا قبلي أو معي، صديقي وصديقتي الدراسية أو الجامعية أو حتى في العمل، رفيق دربك ودربي، وأخيراً ممن يصادفوننا لمرة أو مرتين أو حتى لثلاث مرات في حياتنا ويحكمون علينا بالحكم على أنفسهم).

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/13 الساعة 04:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/13 الساعة 04:19 بتوقيت غرينتش

مع التطور الفسيولوجي للجسم يصاحبه تطور سيكولوجي نفسي، يبدأ بنمو يختلف قليلاً عن نمو باقي الأعضاء؛ حيث يتصف بالنمو المكتسب، بمعنى الفكرة المشهورة "نولد على الخير بالفطرة بفضل خالقنا عز جلاله"، بمعنى حد معين من النفس البشرية خيرة الأفكار، وتتغير بالتصاعد أو بالتنازل بفضل عالمنا المحيط الذي يبدأ من عالم العائلة فقط، لعالم الأقارب، فالروضة، ثم المدرسة،

وهكذا تكبر الدوائر المحيطة بنا وتتشكل طفولتنا مصحوبةً بقصص وتجارب لن تشيخ فينا مهما شِخنا، وربما تكون هذه القصص مجرد كلمة ستفعل فعلتها فينا سواء أكانت إيجابية أم سلبية مع اختلاف اتجاه سهم الثقة بالنفس فينا، وإن تعدت الكلمات للكمات، سواء لنتعلم من خطيئاتنا أم ليتعلموا فينا، فسقف الثقة يتعرض لاهتزاز أشبه بإعصار، إما نخضع له أو يخضع لنا، ولا يمكن نسيان الكلمات التي تقذفنا إلى أعالي السحب؛ لننعم بلحظات من الفخر والحب والحنان، والتي ترفع في أنفسنا ما فيها من أسهم الثقة.

فاحذر عزيزي أياً كنت: (اثنان اتفقا على جلب روح جديدة لهذا العالم لتعمره، جدة تدعي في هذه اللحظة أن يكون مولود ابنها ذكراً، عمّ وعمة، خال وخالة، أصدقائي الأطفال ممن قدموا قبلي أو معي، صديقي وصديقتي الدراسية أو الجامعية أو حتى في العمل، رفيق دربك ودربي، وأخيراً ممن يصادفوننا لمرة أو مرتين أو حتى لثلاث مرات في حياتنا ويحكمون علينا بالحكم على أنفسهم).

مؤشر ثقتي مرّ بما عشته أنا فقط، فهذا المؤشر يتميز بتفرده لكل أحدٍ منا بقصص متشابهة، ولكن بتأثيرٍ غير متشابه؛ لذلك سأعمل على القواعد الفيزيائية التي أهواها لجعل محصلة ثقتي ترتفع كل صباح يومٍ جديد ومساء يومٍ فائت.

وسرّ كتابتي لهذه الورقة هو ورقة صغيرة مثنية على ثلاث كلمات جعلتني أعيد النظر في العمل على نفسي؛ حيث جاءت لي بحكم لعبة قد لعبناها قبل عامٍ سلف مع مجموعة من الزملاء في أحد البرامج التطويرية للطلاب الجامعيين، واشترطت اللعبة علينا بكتابة انطباعٍ إيجابي لمن صادفنا لتوّنا من أشخاص، كتمرين من تمارين التفكير الإيجابي، وبعد ما انتهينا من تحبير أوراقنا لكل شخص كان في تلك الغرفة، وزّعنا الأوراق ورقة ورقة لكل اسم وهكذا انتهت اللعبة، وحماسي لم ينتهِ ليكشف لي سراً لطالما أردته "كيف يراني الآخرون"،

ومرت الأوراق على عيني بكلمات جعلت قلبي يرفرف فرحاً، وإذ وقعت على نظري آخر ورقة مكتوب عليها "Zero Self Confidence"، توقف بصري وبصيرتي للحظة، ولم أرد التصريح بأوراقي للآخرين لأتباهى معهم بحسن شخصيتي وجمالها، وبعد لحظة شعرت بالتفرد، وأردت أن أدير سفينتي لا تديرني؛ لذلك قررت أن أخبر المدرب بما كتب، فانصعق من قدرتي على إخباره وحاول مساعدتي بكلمات تحفيزية بحكم قدرته على التأثير كـ"من كتب ذلك يعكس شخصيته السلبية لا شخصيتك القوية الجريئة الإيجابية"، فكان ذلك كافياً لي، ولكن ليس كافياً لفضولي لمعرفة ذلك الشخص، وعلى طول طريق العودة بقيت الأوراق في يدي متحفظة عليها ناظرة إليها بنقيضَين من السعادة والحزن وبشيء قليل من شعور التميز،

فأنا الوحيدة التي كتب لها كذلك من عدد لا بأس به من الأشخاص، وأردت أن تكون تلك الورقة ملكي في لعبة الشطرنج مع الحياة إلى جانب إحياء ما مضى من كلمات تحتفظ بها ذاكرتي فقط لا شاهد عليها، كمثل تلك الورقة التي أيقظت جميع حواسي دفعةً واحدةً من سبات طويل، فكانت الورقة الناطقة لما مضى جميعاً وأردت استخدامها ورقة فخ كلما دعت الحاجة لذلك، فلم أفكر ما إذا كان الكلام المحبر عليها صحيحاً، أردت فقط أن أجعل منها المعجزة للاستمرار في رحلتي وإلى جانب المزيد من العمل على نفسي، وتذكرت ما أعرفه من قصص علماء ونوابغ ومفكرين جميعهم بدأوا من تلك النقطة، من ذلك الانطباع الخاطئ، من كلمات الحكم المسبق، من تصديق فكرة التعميم والشمولية، وإنكار وجود الشاذ على القواعد العامة.

فاحرص عزيزي من فمك بمقدار حرصك على يدك، فكلماتك أياً كانت زينها بإنسانيتك على قدر المستطاع؛ لقوله تعالى: "(وَلَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران: 159).

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد