بعد عام على تعويم الجنيه: الدولار أصبح متوافراً.. لكن الشركات المصرية تصرخ

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/13 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/13 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش

اضطر رجال أعمال مصريون، مثل إبراهيم سودان، إلى السعي وراء السوق السوداء للحصول على الدولارات على مدار العام الماضي (2016)؛ من أجل سداد قيمة الواردات، جراء العجز الهائل في العملات الأجنبية.

والآن، أصبحت الأوراق النقدية الأميركية تتوافر بغزارة في البنوك المصرية بعدما تم القضاء على السوق السوداء تماماً، نتيجة قرار الحكومة المصرية تعويم الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 (أي قبل أكثر من عام)؛ من أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.

وكان تخفيض قيمة الجنيه المصري أحد الإجراءات السياسية الحساسة التي اتخذتها الحكومة ولقيت استحساناً كبيراً من قِبل صندوق النقد الدولي، وساعدت على جذب المستثمرين الأجانب إلى السوق المحلية، وفق ما ذكرته صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.

ارتفاع مروّع

ومع ذلك، فقد أدت تسوية إحدى المشكلات إلى ظهور مجموعة جديدة من التحديات التي تواجه رجال الأعمال المصريين، منها ارتفاع معدل التضخم وزيادة تكاليف الاقتراض. وتؤدي تلك المشكلات إلى قيام بعض الشركات بإرجاء خُطط التوسع، ومن بينها شركة ريادة لتصنيع الجبن والتي يمتلكها سودان.

فقد أرجأت شركته خطط افتتاح مصنع جديد للعصائر بالتعاون مع أحد الشركاء الأجانب، "حتى نعرف إلى أين نحن ذاهبون"، بحسب ما ذكره سودان، مشيراً إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الطاقة والنقل ومواد التعبئة. ويقول سودان: "ارتفعت أسعار جميع السلع بصورة مروعة".

ولا تعد شركته هي الشركة الوحيدة التي تعاني ذلك. فقد تعرضت الشركات ذات المديونية بالعملات الأجنبية لخسائر كبيرة بعد أن فقد الجنيه نصف قيمته في أعقاب قرار التعويم.

وقد شهدت الشركات التي تعتمد على المدخلات المستوردة انخفاضاً في رأس المال العامل لديها إلى نحو النصف. وقد أدى التضخم، البالغ نحو 30%، إلى التأثير على القوة الشرائية لدى عملاء الشركات.

الفائدة

ويقول عمر الشنيطي، العضو المنتدب لمجموعة Multiples، وهي شركة حقوق ملكية خاصة وبنك استثماري: "من يستطيع أن يدير أعماله بصورة مناسبة من خلال هذه الأسعار؟! الناس يقترضون من أجل زيادة رأس المال العامل، ولكن المخاطرة لا تبرر الاستثمار الرأسمالي طويل الأجل. ينبغي أن تحقق أرباحاً مستدامة تصل إلى نحو 30-35% حتى تستطيع الاقتراض بمعدل فائدة يتراوح بين 22 و24%".

وقد رفع البنك المركزي سعر الإقراض اليومي، خلال يوليو/تموز، إلى 19.75%، وهي الزيادة الثانية خلال هذا العام.

ويصر صندوق النقد الدولي على ارتفاع الأسعار وعلى ضرورة إجراء الإصلاحات، التي تضمنت استحداث ضريبة القيمة المضافة وخفض دعم الطاقة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، توصل الصندوق إلى اتفاق لصرف الشريحة الثالثة، البالغة قيمتها ملياري دولار، من القرض الذي يبلغ إجمالي قيمته 12 مليار دولار.

وذكر صندوق النقد الدولي، كجزء من مراجعته الثانية، أن "الإصلاحات واسعة النطاق التي تضمنت تعويم الجنيه، قد بدأت تؤتي ثمارها فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي واستعادة الثقة".

ويعتقد صندوق النقد الدولي أنه كان هناك حاجة لزيادة أسعار الفائدة؛ للحد من التضخم الذي تتوقع الحكومة أن ينخفض بنسبة 13% بحلول العام القادم.

الأجانب مهتمون

ومع زيادة التدفقات الأجنبية والتحويلات المالية، ارتفع حجم احتياطي العملات الأجنبية من 19 إلى 36.7 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول. ويذكر مسؤولو البنوك أيضاً أنهم يلاحظون تجدد اهتمام الشركات الأجنبية بالاستثمار في الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان.

ولا توفر هذه العوامل الإيجابية مزيداً من الارتياح لدى سودان وغيره من أصحاب الشركات العاملة بالقطاع الخاص. ويقول سودان إنه نظراً إلى استيراد أكثر من 60% من مدخلات شركته، فقد ارتفعت تكاليف الإنتاج إلى حد كبير. ومع ذلك، لم يتمكن من فرض تلك الزيادة على العملاء، الذين يواجهون أيضاً ارتفاع تكاليف المعيشة.

ويستطرد قائلاً: "قمنا بزيادة الأسعار بنسبة 15%؛ نظراً إلى أن القوة الشرائية لدى العملاء لا تستطيع استيعاب نسبة أكبر من ذلك، بينما كان ينبغي أن تتجاوز الزيادة 30%".

ولم تتمكن شركة سودان من استغلال ضعف قيمة الجنيه في تعزيز الصادرات؛ نظراً إلى انغماس الأسواق التقليدية لصناعة الأغذية المصرية (ليبيا وسوريا واليمن) في الكثير من النزاعات السياسية.

إنقاذ رجال الأعمال

ويرى رجال الأعمال أنهم بحاجة إلى المزيد من السياسات الداعمة من قِبل الحكومة، ومن بينها اتخاذ إجراءات للتخلص من البيروقراطية ومعالجة الاحتكار الذي يشوّه الأسواق.

وتقول وزيرة الاستثمار المصرية سحر نصر إنه يتم حالياً مواجهة تلك المشكلات بموجب قانون الاستثمار الجديد الذي يقدم حوافز ضريبية ويستهدف الحد من الإجراءات البيروقراطية.

وتقول الوزيرة: "يمكن أن يتوقع المستثمرون الحد من الإجراءات البيروقراطية واستحداث سياسة استثمارية واضحة وتيسير الوصول إلى الفرص الاستثمارية. ويمنح القانون المزيد من الشفافية والمساءلة والحوافز؛ تشجيعاً للاستثمار في القطاعات ذات الإمكانات الهائلة".

ومع ذلك، يذكر أجنس بلير، كبير مسؤولي شركة فاروس القابضة وبنك فاروس الاستثماري، أنه "يتعين خفض أسعار الفائدة بأسرع ما يمكن. ومن دون استثمارات القطاع الخاص، سيظل معدل النمو الاقتصادي منخفضاً ولن يحدث تحسُّن في معدلات وفرص التوظيف".

علامات:
تحميل المزيد