تحالفات خطيرة تتشكل في شمال سوريا من شأنها تغيير خريطة المنطقة، والأكراد هم محور هذه التحالفات والمستفيد الأكبر منها.
فحسب صحيفة nizavisimaya الروسية، فإن الأكراد يلعبون على كل الحبال، وينسجون علاقات وثيقة مع الأميركيين والروس رغم المنافسة بين القوتين العظميين في المنطقة.
وفِي هذا الإطار، رفض المتحدث باسم البنتاغون، إريك باهون، التعليق على مسألة نشر الأمن والسلام في المناطق الشرقية من محافظة دير الزور السورية التي يسيطر عليها التحالف بقيادة الولايات المتحدة بالمشاركة مع روسيا.
ولكن إريك باهون اعتبر أن الولايات المتحدة وحلفاءها هم من قادوا العمليات العسكرية الرئيسية ضد تنظيم داعش في سوريا، وليس النظام السوري وروسيا، وأنهم سيواصلون العمليات بسوريا عن طريق دعم القوات المحلية.
ووفقاً للبنتاغون، فقد لعب الحراك الأميركي دوراً هاماً في تمكّن دمشق وموسكو من استعادة السيطرة على دير الزور، التي تعتبر من المناطق السورية الغنية بالنفط.
في المقابل، أوضح عضو لجنة إدارة مناطق شرق الفرات، والمتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية محمود نوري، أن "اللجنة تعتبر المناطق الشرقية من محافظة دير الزور جزءاً لا يتجزأ من سوريا".
وكان لافتاً توجيه "وحدات حماية الشعب" مؤخراً، الشكر إلى روسيا خلال بيان تلاه نوري بحضور الجنرال الروسي ألكسي كيم، نائب قائد قاعدة حميميم العسكرية، أشاد فيه بـ"القيادة العسكرية الروسية في حميميم؛ لتقديمها الدعم الجوي واللوجيستي والاستشارة والتنسيق على الأرض".
وفي إشارة إلى تعزيز محتمل للتنسيق العسكري، أعرب نوري محمود عن استعداد "وحدات حماية الشعب" لتشكيل "هيئة أركان" و"غرفة عمليات مشتركة" لمحاربة "داعش" بهدف رفع وتيرة التنسيق و"إنهاء الحرب بالكامل"، وفق قوله.
حماية الروس
ونقلت الصحيفة الروسية عن المسؤول الكردي قوله: "قاتلت الميليشيات الكردية، تحت القيادة الروسية، بفاعلية، ضد تنظيم داعش. وفي الوقت الراهن، فإن الجماعات الكردية مستعدة لضمان سلامة الجيش الروسي المتمركز على الضفة الشرقية لنهر الفرات".
وتبدو هذه المعلومات مثيرة للاهتمام، حسب الصحيفة، ففي وقت سابق، كانت القوات الكردية تقاتل رسمياً في إقليم شرق نهر الفرات تحت راية التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
ولكن، يبدو أن الأكراد قد حاربوا ضد تنظيم الدولة تحت القيادة الروسية أيضاً.
وقد تم تأكيد هذه المعلومات في مؤتمر صحفي لممثل القوات الروسية بسوريا، القائد الروسي الجنرال إفغيني بوبلافسكي، الذي أكد أن "سلاح الجو الروسي قد نفذ 672 طلعة جوية، تم خلالها تدمير أكثر من 1450 هدفاً تابعاً لداعش، في إطار تقديم الدعم للقوات القبلية ووحدات حماية الشعب الكردية في عملياتها ضد التنظيم الإرهابي، شرق الفرات".
غرفة عمليات مشتركة
وقال المسؤول الروسي إنه من أجل السيطرة المباشرة على المنطقة، من الضروري إنشاء غرفة عمليات مشتركة تضم المستشارين والعسكريين الروس إلى جانب الممثلين عن قبائل شرق الفرات، وكل ذلك في سبيل إدارة عمليات القوات القبلية والتنسيق وضمان التفاعل بين الطرفين.
علاوة على ذلك، ستعمل التشكيلات الكردية على ضمان سلامة العسكريين الروس على ضفاف نهر الفرات.
تقول الصحيفة الروسية: "بناء على ذلك، يبدو أن التفاعل الأميركي مع قوات سوريا الديمقراطية، التي تضم الوحدات الكردية، سينتهي في دير الزور".
ولكنها تستدرك قائلةً: "ومع ذلك، من السابق لأوانه القول إن الولايات المتحدة قد فقدت السيطرة على شرق سوريا بالكامل.
فقد أكد أحد أهم مستشاري الشؤون الدولية الإيرانية، علي أكبر ولايتي، لوسائل الإعلام، أن "الأميركيين قد أنشأوا 12 قاعدة عسكرية في سوريا، كما قرروا زيادة عدد وحداتهم هناك ليصل إلى 10 آلاف عنصر، كما تقوم الولايات المتحدة في محافظة الرقة بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة".
دولة كردية على حساب تركيا
وفي مقابلة للمتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، تالو سيلو، مع وكالة الأناضول، قال إن "لمسلحي قوات سوريا الديمقراطية دوافع لدعم الولايات المتحدة؛ إذ إن البنتاغون يزودهم بالأسلحة والمال، كما يتغاضى عن مسألة تهريب النفط".
إلى جانب ذلك، يَجمع الولايات المتحدة بحزب العمال الكردستاني مستوى تفاعل لا بأس به.
وفي هذا الإطار، يقول سيلو: "تقدم الولايات المتحدة الدعم العسكري الكامل لكلا الجانبين، ومن مصلحة قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني السيطرة على بعض المناطق الهامة، وبطبيعة الحال دون مساعدة الولايات المتحدة فلن يكون ذلك ممكناً".
ووفقاً للمتحدث الكردي، تدعم الولايات المتحدة سراً الانفصاليين من التشكيلات الكردية وحزب العمال الكردستاني؛ من أجل إنشاء دولة مستقلة في الأراضي الواقعة شمال سوريا وجنوب تركيا.
البحر المتوسط
وتقول الصحيفة الروسية إن ممثلاً رفيع المستوى من أجهزة الاستخبارات الأميركية، كان قد اجتمع مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد؛ ليؤكد له أنه مقابل تمكين بلاده من الاستيلاء على حقول النفط بدير الزور، ستساعد واشنطن في توحيد جميع الجيوب الكردية بشمال سوريا مع ضمان الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف تالو سيلو أنه "في حال عدم وصول الكيان الكردي إلى البحر الأبيض المتوسط، فلن يكون له أمل في الوجود بالمستقبل".
وحسب سيلو، فإنه بما أن دير الزور أصبحت بحوزة الروس، فإن لدى واشنطن خططاً أخرى. وفي كل الأحوال، يؤكد سيلو أن الولايات المتحدة ستحاول البقاء في الشرق الأوسط فترة أطول.
في المقابل، يبدو أن لدى روسيا خططاً مماثلة؛ إذ وقّع رئيس الوزراء الروسي، ديميتري ميدفيديف، الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2017، اتفاقية توسيع أراضي إمداد الأسطول البحري في ميناء طرطوس.
ووفقاً لهذه الاتفاقية، سيتم إنشاء بنية تحتية جديدة بتمويل من موسكو، مما سيسمح بدخول منظم وواسع النطاق للسفن العسكرية القادمة من روسيا نحو ميناء سوريا.