قالت توقّعات جديدة أصدرها مركز أبحاث بيو في واشنطن، إن تعداد السكان المسلمين في بعض البلدان الأوروبية قد تتضاعف ثلاث مرّات بحلول عام 2050، في حين سيتغير بالكاد عمّا هو عليه في الوقت الحالي في بلدان أخرى.
وبحسب ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية، الأربعاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، يُظهِر تقرير بعنوان "عدد السكان المسلمين المتزايد في أوروبا" فارقاً صارخاً بين بلدان أوروبا الغربية والشرقية. فقد تزداد حصّة السكان المسلمين في ألمانيا من 6.1% وفقاً لإحصائيات عام 2016، لتصل إلى 19.7% في عام 2050، إذا استمرّت معدّلات الهجرة المرتفعة، وفي المقابل ستتغير نسبة المسلمين في بولندا من 0.1% إلى 0.2% في نفس السيناريو.
وحتّى إذا أغلقت جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى النرويج وسويسرا، حدودها أمام اللاجئين، فسوف تواصل نسبة السكان المسلمين بالغرب في التنامي، بسبب صغر السن ومعدلات الخصوبة المرتفعة، ولكنها ستظل منخفضة جداً في البلدان الأوروبية بشرق القارّة.
ووفقاً لبيانات بيو، شكَّل المسلمون 4.9% من تعداد السكان الأوروبيين في عام 2016، إذ قُدّرَ عددهم في أنحاء 30 دولة بنحو 25.8 نسمة، وهو ما يشير إلى الارتفاع عمّا كان عليه العدد في عام 2010، حيث كان يقدّر حينها بنحو 19.5 مليون نسمة. وارتفع عدد المهاجرين المسلمين الذين يصلون إلى أوروبا بعد عام 2014 إلى ما يقرب من نصف مليون نسمة سنوياً، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الفارّين من الصراعات في سوريا والعراق وأفغانستان.
ونظر الباحثون في ثلاثة سيناريوهات؛ وهي انعدام الهجرة بين 2016 و2050، ومعدلات الهجرة المتوسطة التي يتوقف خلالها تدفق اللاجئين، بينما يواصل الناس الهجرة لأسباب أخرى، فضلاً عن معدلات الهجرة المرتفعة، التي يستمر خلالها تدفق اللاجئين، الذي بلغ أرقاماً قياسية في الفترة بين 2014 و2016 بنفس التكوين الديني لأجل غير مسمّى.
وفي سيناريو الهجرة الصفرية، من المتوقّع أن يرتفع عدد السكان المسلمين في أوروبا من 4.9 إلى 7.4%؛ وبخلاف قبرص التي لديها حصة عالية من المسلمين تقدر بنحو 25.4% بسبب التواجد التاريخي للقبارصة الأتراك في شمال الجزيرة، سيكون لدى فرنسا أكبر حصّة من السكان، التي قدّرها الباحثون بنحو 12.7%، حيث سترتفع عن معدلها الحالي الذي يبلغ 8.8%.
وفي سيناريو الهجرة المتوسّطة، الذي قد يتحقق في الأغلب، سيكون لدى السويد الحصّة الأكبر من عدد السكان المسلمين، التي ستصل إلى 20.5%. وسترتفع حصّة المملكة المتحدة من 6.3% بحسب ما كانت في 2016، لتصبح 16.7%، وسترتفع حصّة فنلندا من السكان المسلمين 2.7% إلى 11.4%، وستواجه معظم دول أوروبا الغربية زيادة كبرى.
أما إذا استمرّت الهجرة المرتفعة حتّى عام 2050، فستتزايد حصّة السويد من السكان المسلمين لتبلغ 30.6%، وستشكّل 15% في فنلندا، و17% في النرويج. وستُبقي بلدان أوروبا الغربية على نسبة منخفضة نسبياً من تعداد السكان المسلمين، إذ ستشهد فقط المجر واليونان زيادات كبيرة في الأعداد عن نظيرتها بعام 2016.
وبصرف النظر عن الهجرة، من المتوقّع أن يشهد عدد المسلمين في أوروبا ارتفاعاً على نحو كبير من خلال الزيادة الطبيعية؛ فسكان أوروبا المسلمون سيكون لهم أطفال أكثر من أفراد الجماعات الدينية الأخرى أو الأشخاص الذين لا ينتمون لديانة، بحسب ما تظهر الدراسة؛ إذ إن معدّل الخصوبة الأوروبي يبلغ 2.6 للمسلمين في مقابل 1.6 لغير المسلمين.
ويشار أيضاً إلى أن السكان المسلمين أصغر سنّا بكثير من نظرائهم غير المسلمين، وتبلغ نسبة السكان المسلمين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً 27%، وهو ما يبلغ تقريباً ضعف نسبة من هم دون الخامسة عشرة من عمرهم، التي تبلغ 15%.
ويقول تقرير بيو إنه "في حين أنه من المتوقّع أن ينمو عدد السكان المسلمين في السيناريوهات الثلاثة -ليصير أكثر من الضعف في سيناريو الهجرة المتوسطة والمرتفعة- من المتوقّع أن ينخفض عدد السكان غير المسلمين، من ناحية أخرى، في كل سيناريو".
وتاريخياً، شكّل اللاجئون جراء العنف والاضطهاد نسبة صغيرة نسبياً من المهاجرين إلى أوروبا، إذ كان يتوافد أغلب المهاجرين لأسباب أخرى، وكان ما يقرب من نصف المهاجرين الجدد إلى أوروبا من غير المسلمين، وكان المسيحيون يشكّلون ثاني أكبر مجموعة مهاجرين.