دبلوماسية تيلرسون الهادئة تحت النار.. روسيا تسيطر على الوضع في سوريا لكنها مرغمة على عقد تسوية مع واشنطن

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/29 الساعة 15:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/29 الساعة 15:24 بتوقيت غرينتش

في ظل تعالي الأصوات المنتقدة لسوء إدارة ريكس تيلرسون وزارة الخارجية الأميركية، يشارك وزير الخارجية في لقاء دبلوماسي هادئ مع الروس؛ لإحلال الاستقرار بسوريا.

موقع بي بي سي الإخباري يشير في تقرير له إلى أن "(الصمت) أصبح طبيعةً في الرجل عكس سلفه جون كيري، الذي بذل هذه الجهود نفسها، ولكن مع ضجيج إعلامي كبير".

ويضيف: "لقد ساد (الصمت) الآن أيضاً؛ لأن روسيا هي التي تسيطر على الوضع كله".

وبعد أن ساعد رئيس النظام السوري بشار الأسد في كسب الحرب، يقود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآن مساعي السلام، التي يبدو أنها تصبّ في صالح المنتصر.

وعلى الرغم من ذلك، يرغب الروس في تسوية مع الجانب الأميركي؛ لأن هناك مساحات شاسعة في الأراضي السورية يسيطر عليها المعارضون المتحالفون مع الولايات المتحدة، كما أن بوتين لا يريد أن يتحمل عبء تكلفة إعادة إعمار البلاد وحده.

وأشار بعض المسؤولين البارزين في وزارة الخارجية الأميركية إلى إمكانية إحراز تقدم ملحوظ من خلال إبرام اتفاق بين ترامب وبوتين، والذي أُعلن عنه في وقت سابق من هذا الشهر.

وركزوا بشكل خاص على التزام بوتين بخطة الأمم المتحدة للتحول السياسي، والتي وضعت من خلالها إطار عمل يتضمن عدة جولات من المفاوضات عُقدت في جنيف، لم تُسفر عن أي تقدم حتى الآن.

قال أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية: "ربما يكون التصريح الأكثر وضوحاً للرئيس الروسي حتى الآن، أن قرار مجلس الأمن يُعد خارطة طريق للعملية السياسية".

وأضاف المسؤول أن "وزير الخارجية تيلرسون رأى أنه من المهم الأخذ بالحسبان وجهة النظر الروسية بهذا الصدد"، وبالنظر إلى الاجتماعات الروسية المتوازية في هذا الشأن، المنعقدة مع إيران وتركيا بهدف التوصل إلى تسوية سياسية، ربما "يسهل ذلك من تلاعب النظام السوري"، حسبما قال المسؤول.

وتخلت العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة عن الشروط المسبقة كافة، بما في ذلك مطالبة الأسد بالتنازل عن السلطة. وعلى الرغم من أن إدارة أوباما قامت بالشيء نفسه، فإنها أكدت وجود ضرورة ماسة "لتحوُّل لا يتضمن" الرئيس السوري في السلطة.

وتقتضي الخطة الحالية -ببساطة- بوضع دستور جديد، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ينخرط فيها ملايين السوريين الذين أُجبروا على ترك البلاد بسبب الحرب.

هل سيصوّت اللاجئون لصالح الأسد؟

يقول مسؤول بارز آخر في وزارة الخارجية الأميركية: "أعتقد أن ذلك قد يغير مستقبل سوريا". وأضاف: "أعتقد أن الشعب السوري سيتخذ قراره بتولية قيادة جديدة".

يوضح هذا المسؤول أن الأميركيين يتصورون أنه من الملائم التنسيق بين الطوائف الرئيسية في سوريا لتقاسم السلطة على غرار ما جرى في العراق.

لكن ليس من الواضح تماماً أن بشار الأسد على استعداد للتخلي ولو عن جزء من سلطته، عندما ينتصر فيما يعتبره كفاحاً من أجل البقاء.

فها هو يواصل عملياته من أجل الحصول على انتصار عسكري كامل، بينما تُصر المعارضة على مطالبتها بتخليه عن السلطة.

ربما تكون المفاوضات حول مساعدات إعادة الإعمار أكثر إغراءً لروسيا، لكن الولايات المتحدة ما هي إلا واحدة من بين قوىً خارجية عديدة، يجب على بوتين أن يرضيها.

إحدى هذه القوى الرئيسية إيران، التي لديها أكبر جيش غير نظامي في الداخل السوري، والتي تراقب بحذرٍ أي محاولة قد تؤثر سلباً على نفوذها بالبلاد.

أكد أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية أن "روسيا قد اتفقت على ضمان انسحاب القوات الإيرانية، والميليشيات المدعومة من إيران، من منطقة وقف إطلاق النار على الحدود المتاخمة للأردن وإسرائيل جنوب غربي البلاد".

إلا أن ذلك لم يُطمئن إسرائيل، ولا الكونغرس الأميركي؛ إذ يرى النقاد أن ثمة هدفاً خاصاً يتعلق بسوريا لدى كل من تيلرسون والرئيس ترامب. فهم يقولون إن الإدارة قد تخلت عن سلطة البلاد لصالح طهران، رغم سياساتها الرامية إلى تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة.

لقد انصب التركيز الأميركي في الواقع على محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تاركاً لكل من روسيا وإيران حرية تحديد نتائج الحرب الأهلية السورية حسب أهوائهما، وهو النهج الذي سلكته إدارة أوباما، وسار عليه ترامب من بعده.

إلا أنه بعدما ضاقت الدائرة على تنظيم داعش، يحاول الأميركيون إيجاد مدخل خلفي. فقد صرح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في وقت سابق بأن القوات الأميركية ستظل هناك بعض الوقت؛ من أجل "وضع شروط الحل الدبلوماسي".

حتى وإن لم تمتلك الولايات المتحدة العديد من الخيارات، فإن وجودها العسكري سوف يحول دون استعادة الأسد السيطرة على معظم ما بقي من البلاد، وهو ما يفيد إيران أكثر مما يفيد روسيا.

تحميل المزيد