قرية فقدت روحها: معظم رجال بئر العبد قُتلوا والباقون يريدون الرحيل.. وضعٌ مأساوي يعيشه أهالي القرية السيناوية

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/28 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/28 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش

يتذكر محمد خليل الفوضى التي عمّت القرية بعد بدء وصول مئات الجثث الممزقة إلى أشلاء إلى قرية بئر العبد السيناوية جراء وقوع أسوأ اعتداء إرهابي على مسجد الروضة بالقرية.

سارع خليل، على غرار الكثيرين، إلى المستشفى للتبرع بالدم وتقديم المساعدة في أعقاب مذبحة مسجد الروضة، حيث قام المتطرفون بتفجير قنبلة أثناء إقامة شعائر صلاة الجمعة ثم استخدموا المدافع الرشاشة في حصد الناجين.

وشاهد خليل العواقب الناجمة عن ذلك الاعتداء الإرهابي، حسبما روى لموقع ميدل إيست آي البريطاني.

ونقل الموقع عن خليل قوله: "لم تكن هناك عربات إسعاف كافية لنقل كل الجثامين. واضطررنا لنقل بعضها في السيارات. وصُدمنا من هول التفجير".

ويوضح مقطع فيديو تم تصويره بالمستشفى صفوف الجثامين الملقاة تحت الشمس بعد الظهيرة، بينما كانت السيارات تجلب المزيد من الجثامين إلى المكان. وكان من بين القتلى 27 طفلاً على الأقل.

ولم يكن خليل يستطيع القيام بشيء؛ وقال إن أعداد القتلى والمصابين كانت مروعة. وسرعان ما تم نقل الناجين إلى الإسماعيلية والقاهرة بينما شرع أهالي بئر العبد في دفن جثامين ذويهم.

"كان هناك الكثير من رجال الأمن والكثير من القتلى. وهناك أشخاص يعرفون كيف يسعفون المصابين بينما كان الآخرون يساعدون في نقل الجثامين".

"اضطر الأهالي إلى وضع الجثث داخل سياراتهم من أجل نقلها إلى حيث يتم دفنها".

"تم تجهيز مقبرة جماعية لدفن ضحايا قرية مدار المتاخمة لمسجد الروضة. وقمنا بإحصاء 309 جثامين. وتم دفن 18 جثماناً آخر في مكان آخر بقرية بئر العبد".

شنت الحكومة المصرية هجمات جوية ضد من زعمت أنهم مسؤولون عن الاعتداء ودمرت سيارات زعمت أنها استخدمت في تنفيذ المذبحة.

ووعد الرئيس عبدالفتاح السيسي بالرد "بقوة غاشمة". وقال يوم السبت: "سينتقم الجيش والشرطة للشهداء وسوف نستعيد الأمن والاستقرار بالقوة خلال الفترة القصيرة القادمة".

وزعمت السلطات أن المعتدين كانوا يرفعون الراية السوداء لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي اعتبر أن الصوفيين ملحدون. ومع ذلك، لم يعلن التنظيم، الذي اعتاد الإشادة بأعماله الإرهابية، مسؤوليته عن المذبحة.

نجا بسبب مصرع آخرين

وصف إمام مسجد الروضة محمد عبد الفتاح كيف استطاع أن ينجو من الموت جراء سقوط آخرين فوقه ومن حوله.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية قوله: "كنت قد بدأت في إلقاء الخطبة منذ دقيقتين حينما سمعت انفجارين خارج المسجد، ثم رأيت المصلين يهرعون في ذعر شديد".

"ثم بدأ المعتدون في دخول المسجد وإطلاق النار على كل من بداخله".

"وبمجرد أن بدأ إطلاق النار سقطت. ولم أر أو أشعر بشيء سوى الجثث الثلاث التي سقطت فوقي".

وتعهد عبد الفتاح من فراشه بالمستشفى أن يعود إلى ما تبقى من المسجد لاستكمال مهمته وإلقاء خطبة الجمعة.

وقال: "إذا سمحت صحتي، سأعود يوم الجمعة المقبل وأستكمل خطبتي".

وأعربت الكنائس في أنحاء مصر عن تضامنها وأقامت الصلوات للضحايا. وفي غزة، ذاعت الأنباء حول قيام الكثيرين بالتبرع بالدم للضحايا وإقامة الجنازات للشهداء.

ونعى العديد من أصدقاء الضحايا ذويهم على الشبكات الاجتماعية وتبادلوا صور القتلى. وكتب منير الهواري، الذي يعمل معلماً: "تحطم قلبي.. ماتت المدرسة بالكامل.. زملائي وطلابي بمدرسة الروضة الإعدادية والثانوية".

"حالة انهزام تام"

ومع ذلك، وأياً كان حجم الثأر ومهما كان ما حدث بالمسجد، فقد تغيرت قرية بئر العبد تغيراً كبيراً.

ولا يعرف خليل ما إذا كانت القرية ستعود إلى سابق عهدها.

وقال: "لقي معظم رجال القرية مصرعهم. وليس لدى العديد من الأسر أي عائل أو ابن أو أب أو جد حالياً".

"هناك عائلة مشهورة هي عائلة الدويري، وقد لقي جميع رجالها مصرعهم".

وكانت الصدمة كبيرة وحجم الخسارة فادحاً.

وقال خليل: "يريد الأهالي أن يرحلوا. ولي صديق يمتلك متجراً ولكنه سيغلقه. فلم يتبق أحد لشراء أي شيء. يشعر الأهالي بحالة انهزام تام. فقد فقدت قريتنا روحها".

ورغم كل الوعود التي قدمتها الحكومة، إلا أن أهالي شمال سيناء يشعرون بالذعر الشديد من إمكانية التعرض لاعتداءات أخرى.

وأضاف خليل: "وصل أهالي سيناء إلى حالة من الاستياء البالغ. ومع ذلك، لم يتوقع أحد وقوع كارثة بهذا الحجم. فقد كان لديهم مشاعر خاصة تجاه هذا المسجد".

وسيبقى حالياً ليصبح شاهداً على أكبر ضربة إرهابية مروعة أصابت سيناء.

"يشعر أهالي سيناء أنه ليس لديهم من يحميهم.. وأنهم معرضون للقتل في أي وقت من الأوقات وبأي عدد وفي أي مكان حتى أثناء إقامة شعائر الصلاة".

علامات:
تحميل المزيد