اكتَسح فيديو وصور ملكة جمال جامعات الجزائر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد استضافتها بإحدى القنوات التلفزيونية، وإجراء حوار يخص تمثيلها للجزائر في مسابقة ملكة جمال جامعات العالم.
إلا أن الموضوع أخذ منحى آخر غير أخلاقي إن لم نقُل غير إنساني، فللحظة كما عهدنا البعض صار الجميع مدربين، محللين رياضيين، أطباء، أئمة ومفتين… وهذه المرة لمَ لا خبراء للجمال.
إذ راحت الغالبية تعيب شكلها، التساؤل عن معيار اختيارها، كيف لها أن تشارك في مسابقة كهذه مع التطرق للسفور وما إلى ذلك من تعليقات أقل ما يقال عنها ساخرة بذيئة وتدخلاً في حرية الغير.
مع أن حلم الأغلبية ممن اتخذوا هذا الموقف العيش في مجتمع بذهنية أوروبية لا يتدخل أحد في خصوصيات الآخر، وإن كان العكس فلما الجميع يحلم بالهجرة! بالإضافة لإيمانهم الوراثي الذي يتكلمون بألسنتهم دون أن تبصره قلوبهم أن الخليقة صُنع الله فكيف لهم أن يعيبوا ما خلق!
بغضّ النظر عن الموقف من مسابقة ملكة جمال الجامعات بتقبلها أو رفضها، فقد أُجريت لتكون مفتوحة للجميع مع حرية التقدم من عدمه، فحظيت مليسا إدريّس باللقب.
كما هو معروف في مسابقات الجمال فحاملة اللقب ليست بالضرورة أكثر المشاركات جمالاً، لضوابط يُحتكم إليها كالمستوى العلمي، الثقافة، الأعمال الاجتماعية والخيرية مع التقدم بمشروع خيري.
إطلالة الفتاة رغم صغر سنها، إلا أنها ظهرت متزنة وواثقة من نفسها وطموحة.
أما مشروعها الحالي فهي تُقدم دروساً دعم للأطفال وهدفها نشر العلم أما المشروع الذي ستدخل به مسابقة ملكة جمال جامعات العالم الذي ستمثل فيه الجزائر هو تقديم العون لليتامى الذين لا مُعيل لهم ليُدرسهم أو ينصحهم.
إن عدم النظر لفكرة المشروع البسيطة من زاوية ضيقة يسمح بتسليط الضوء حول ظروف هذه الفئة من التلاميذ وغيرهم ممن لديه أولياء ذَوو مستوى محدود والصعوبات التي تواجههم في التحصيل العلمي الفردي خارج المؤسسات التربوية.
ما يحتم تضافر الجهود لمساعدتهم خاصة بعد تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية المدفوعة، المنتشرة منذ سنوات لتُصبح هاجس أولياء وعلة مجتمع يحدد مصير جيل بأكمله.
إن إقدام الفتاة على هكذا مشروع يظهر شخصيتها الناضجة وإنسانيتها التي تحمل رسالة تكافل اجتماعي معدوم عند البعض.
إن أكثر ما يُعاب عنا كمجتمع أننا لا نحترم الآخر لا فكراً ولا طموحاً لينظر للاختلاف جُرماً، هناك حتى من ألبسه ثوب العار.
فالكل متسرع يفرض وجهة نظره ورأيه على الآخر كي يبلغ أحياناً التدخل بأموره الشخصية. أما المشكلة الكبرى أن التفاهات والحكم المسبق وقذف أعراض الناس أصبح غريزة عند الأغلبية بالرغم من ادعاء الإيمان؛ لنصير مجتمعاً ينافق ذاته أحياناً يلبس فيه الجميع ثوب العفة والطهارة.
متى نفهم أن الطموح حق للجميع وحرية الغير خط أحمر؟ متى ننتهي من استحقار بعضنا، متى نعي الاستخدام الأمثل لما يتيحه الفضاء الافتراضي؟ متى نرتقي بفكرنا ونتجرأ على نقد ذواتنا قبل نقد الآخر ونتحرر من النقد الجارح اللامسؤول بتبني النقد البناء الهادف؟ على كُل السنوات قادمة والباب مفتوح ليتفضل كل من يرى أنه يحمل المواصفات لنيل لقب ملك أو ملكة جمال الجامعات فيتقدم أمام لجنة التحكيم ليفوز باللقب ويمثلنا أحسن تمثيل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.