اقتربت الأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة في الانتخابات البلدية والولائية بالجزائر من موعد الحسم، بعد أيام من محاولات التعبئة الشعبية لمرشحيها طمعاً في الفوز بمقاعد في المجالس المحلية.
وبعد 3 أسابيع من الحملة الانتخابية برع المرشحون على كثرتهم في إثارة انتباه الجزائريين، ليس بخطاباتهم المتضمنة للوعود القديمة والمستهلكة، لكن بملصقات حملاتهم العشوائية والمثيرة للغرابة والسخرية.
أتعبت الهيئة المشرفة
وفي تقييمه، لأطوار الحملة الانتخابية، عاب رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبدالوهاب دربال، على الأحزاب والقوائم الحرة، تعليق ملصقاتها الإشهارية بشكل فوضوي وفي غير الأماكن القانونية المخصصة لها.
وقال في ندوة صحفية، إن أغلب تدخلات الهيئة، كانت بسبب مخالفات تتعلق بالإلصاق العشوائي للقوائم الانتخابية، واعتبر "المسألة حضارية وثقافية قبل كل شيء مشيراً إلى أن هذا المشكل يضر أكثر بالمترشحين ويعطي صورة سيئة عنهم".
ووقفت "عربي بوست"، على فوضى الملصقات الانتخابية، بحيث يستغل أنصار مختلف التشكيلات السياسية الساعات المتأخرة من الليل، لوضع صور مرشحيهم في أماكن عمومية كالأعمدة الكهربائية أو الجسور، أو فوق قائمة تشكيلة حزبية أخرى.
اجتهادات غريبة
الإلصاق العشوائي للقوائم الانتخابية، أثناء الحملات أمر عادي في نظر المتتبعين للانتخابات الجزائرية، فبالنظر للفوضى المسجلة التي تميز الاستحقاقات المتعاقبة، صار من المستحيل التحكم في الأمر، والرادع الوحيد هو الوازع الحضاري والثقافي للأحزاب للمشاركة حسب تقدير الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.
غير أن السمة التي برزت في الانتخابات المحلية والولائية هذه المرة، هي تلك الاجتهادات التي حاول المرشحون إدخالها على ملصقاتهم الإشهارية، طمعاً في استمالة الناخبين، هذه الاجتهادات كان لها نتائج عسكية ووضعتهم محل سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحاول الكثير من متصدري قوائم الأحزاب اللعب على وتر الشعارات السياسية أو الثورية أو الاجتماعية وحبكها في تصميم غريب لاستعطاف الناس.
مانديلا على رأس القائمة
ولم يجد أحد مرشحي حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)، طريقة لتصميم صورة عملاقة له كمرشح، غير الاستنجاد بالزعيم التاريخي لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا، حيث أرفق صرة الأخير إلى جانبه وكتب اسمه "بشيري إبراهيم المدعو مانديلا".
وعلق على الملصق أحد النشطاء على مواقع التواصل قائلاً "الكل يتفنن في الاستغباء".
استهداف العنصر النسوي
في الجزائر هناك مثل شعبي شهير يقول "إذا حلفت فيك امرأة بات واقف" (إذا هددتك امرأة عليك أن عليك ألا تغمض عينيك)، وفي مقابله يقول ممتهنو السياسية، "إذا صوتت عليك النساء فمبارك لك الفوز الساحق".
هذه القاعدة يؤمن بها مرشح حزب الحركة الشعبية الجزائرية في بلدية أولاد موسى بولاية بومرداس، بل ويطبقها أيضاً، حيث قام بإرسال صورته الإشهارية داخل كيس بلاستيكي شفاف ومعها خمار، للمنازل، طمعاً في كسب أصوات النساء.
وعلق أحد النشطاء في مواقع التواصل "حزب عمارة بن يونس يستقطب الناخبين بقطعة صابون وخمار.. وإن كنت أشك أن الألف في "خمار" وضعت سهواً مقارنة بالحملة الأصلية".
رجل لا يفارق المساجد.. وأبو الفقراء
وعن حركة مجتمع السلم (التيار الإسلامي)، استغل المرشح مسعادي السبتي، كل ما يرمز للدين الإسلامي ووضعه إلى جانب صورته في ملصقه، من مسجد، مسبحة وطاقية الرأس، وكتب عن نفسه "الرجل الذي لا يفارق المساجد".
وترأس قائمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي (حزب الوزير الأول أحمد أويحيى)، ببلدية مقرة بولاية المسلية، مرشح فضل الظهور لوحده منتصب القائمة في بوستير طويل متخذاً من "أبوالفقراء" اسماً له.
الذئاب مرشحة
هذه الجهود الحثيثة من قبل المرشحين لاستمالة الناخبين، لقيت استجابات متقاربة لدى الجزائريين، عبر عنها بشكل أدق مواطنون من مدينة عين البيضاء بولاية أم البواقي شرق البلاد، حيث قبضوا على ذئب وصلبوه بعد قتله، في حيز خاص على الأعمدة المعدنية المخصصة لمصلقات الانتخابات إلى جانب بقية القوائم الحزبية.
وأرادوا بذلك القول، إن المرشحين ذئاب على حقيقتهم، ويظهرون الود ويتعهدون بالوعود الوردية للجزائريين أثناء الحملة الانتخابية قبل كشف النقاب بعد الوصول إلى الكرسي.
وعلق الكاتب الصحفي عبد العزيز بوباكير على الصورة التي تم تداولها بشكل واسع قائلاً: حرام عليكم حرام.. قتل هذا الذئب المسكين وتعليقه بهذه الطريقة البشعة جريمة لا تغتفر. كان من المفروض القبض عليه حيّاً وترشيحه للانتخابات، مثله مثل الذئاب الأخرى!"