شارك نحو 14 مليون زائر عراقي وأجنبي من دول مختلفة في إحياء أربعينية الإمام الحسين التي بلغت ذروتها، الجمعة 10 نوفمبر/تشرين الثاني، في مدينة كربلاء جنوب بغداد، فيما تواصل حشود الزوار ذهاباً وإياباً أداء مراسم الزيارة وسط إجراءات أمنية مشددة.
وتكتسب الذكرى هذا العام طابعاً مختلفاً، إذ تتزامن مع اقتراب القوات العراقية من حسم معركتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وبدأ ملايين المسلمين الشيعة منذ أمس الخميس بالتوافد إلى كربلاء. ورغم النجاحات العسكرية للقوات الأمنية العراقية، فرضت إجراءات أمنية مكثفة في محيط المقام ينفذها عناصر الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومتطوعون، فيضطر الزوار لعبور 5 حواجز تفتيش للوصول إلى الحرم.
وقال المتحدث باسم قيادة شرطة كربلاء، العقيد علاء الغانمي: "تم نشر 35 ألف عنصر من الجيش والشرطة، إضافة إلى تفتيش يدوي للزائرين والزائرات مع وجود أكثر من 1500 عنصر نسوي".
توافد مئات الآلاف إلى #كربلاء لإحياء ذكرى أربعينية #الحسينhttps://t.co/1Ynh2lF514#rtarabic pic.twitter.com/CpV9evOtxt
— RT Arabic (@RTarabic) ٩ نوفمبر، ٢٠١٧
ولفت الغانمي أيضاً إلى وجود "4000 عنصر من الحشد الشعبي" يشاركون على الأرض بمساعدة من طيران الجيش الذي يقوم بمسح صحراء كربلاء وصولاً إلى الأنبار في غرب البلاد.
ومع انتهاء مراسم الزيارة أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان رسمي "نجاح الخطة الأمنية لحماية ملايين الزائرين". وأكد أن نجاح القوات العراقية في هذه المهمة "يضاف الى انتصارات قواتنا ضد عصابات داعش الإرهابية وتحريرها الأراضي والمدن العراقية كافة".
وتعتبر السلطات العراقية أن تهديد الجهاديين للمناسبات الدينية الشيعية، خصوصاً زيارة الأربعين، يبقى مرتفعاً، رغم الهزائم التي مُنوا بها. وتتخوّف السلطات من أن أي اعتداء سيكون كارثة إنسانية بسبب الأعداد المهولة التي تتوافد إلى الزيارة من العراق وخارجه.
وقُتل العام الماضي أكثر من 70 شخصاً بينهم عرب وأجانب في تفجير صهريج مفخخ استهدف الزوار العائدين من كربلاء على طريق الحلة.
14 ميلون زائر
وتعد هذه المناسبة التي تنتهي بعد ظهر الجمعة، من أكبر المناسبات الدينية في العالم، وتحيي ذكرى مرور 40 يوماً بعد العاشر من محرم، تاريخ واقعة الطف التي استمرت ثلاثة أيام في عام 61 للهجرة (680 ميلادية)، وقتل فيها الإمام الحسين (ثالث الأئمة المعصومين لدى الشيعة) وحفيد النبي محمد (صبى الله عليه وسلم)، على يد جيش الخليفة الأموي آنذاك يزيد بن معاوية.
ويقوم الزوار، من نساء ورجال وأطفال متشحين بالسواد، بقطع كيلومترات طويلة للوصول إلى داخل الحضرة الحسينية، قبل أن ينقسموا في منطقة تسمى "بين الحرمين"، فيختارون إما الدخول إلى مقام الإمام الحسين، أو الى مقام أخيه العباس، الملقب لدى الشيعة بـ"أبوالفضل" أو "قمر بني هاشم".
وأعلنت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق، الجمعة، أن "عدد زائري أربعينية الإمام الحسين وصل الى نحو 14 مليون زائر".
وتوقع محافظ كربلاء عقيل الطريحي، في وقت سابق، أن يصل عدد الزوار العرب والأجانب مع نهاية المراسم إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص.
وأضاف الطريحي أن "العراقيين بدأوا بالدخول إلى كربلاء والخروج منها قبل أكثر من أسبوع، ومن المتوقع أن يفوق عددهم 10 ملايين زائر".
الأندبندت البريطانية:تصف زيارة الأربعين في كربلاء بأنهاأكبر وأرقى تجمهر ديني بالعالم حيث يزيد عدد الزوار عن ٢٠ مليون زائر
وما لا يعلمه الكثير بان الملايين تسيرمشيا على الاقدام ولا يحملون في مسيرهم المال لان كل شي من الاكل والمبيت والاتصالات والادوية يحصلون عليهامجانا#Iraqesque pic.twitter.com/rgTxRPA9Iu— Baghdad Dar Al Salam (@baghdad_salam) ١٠ نوفمبر، ٢٠١٧
رحلة العودة
وفيما لا تزال الحشود تتوافد من داخل العراق وخارجه باتجاه الحرم المقدس لديهم، حيث مرقد الحسين وأخيه العباس، بدأ البعض بعودة أدراجه بعد انتهائه من المراسم.
وقال عبدالله ظاهر (٢٩ عاماً) كان ينتظر عند حاجز تفتيش قرب الحرم: "أنتظر زوجتي، تركتها في الفندق مع ابني البالغ خمسة أشهر. لم أستطع حرمانها من الزيارة فاتصلت بها لتأتي هي والطفل ونزور قبل أن نعود الليلة الى النجف".
وقال الكويتي فاضل يعقوب أبوالحسن: "نحن أتينا من الكويت عن طريق البر إلى النجف ثم كربلاء، الأجواء جيدة من حيث الأمن والخدمات والاستقبال".
أما العائدون أدراجهم فبينهم بندر الحمامي العائد إلى محافظة ذي قار الجنوبية بعدما قطع وعائلته مسافة 350 كيلومتراً على الأقدام.
وقال الحمامي لوكالة فرانس برس: "قضينا أربعة أيام في الطريق وها نحن الآن عائدون بعد زيارة الإمام".
وأشار الحمامي الذي يرتدي جلابية بيضاء وعقالاً بدوياً إلى أن الزيارة العام الحالي كانت متميزة بالأمان، قائلاً: "الحمد لله قضينا على داعش ولم يعد هناك إلا قضاء راوة (غرب) ونسترجع العراق بالكامل".
واعتبر شياع الموسوي من محافظة ميسان أن هذه الجموع "دليل على الوحدة، وأن الإرهاب يستهدف الجميع ولا يحسب على طائفة معينة".
وطبعت واقعة الطف التاريخ الإسلامي، وكانت لها آثار سياسية وفكرية، وكانت المعركة الأبرز والأكثر محورية في تحديد طبيعة العلاقة بين المسلمين الذين انقسموا في وقت لاحق بين سنة وشيعة.