5 روائع سينمائية جمعت بين الأوسكار وسعفة كان الذهبية.. تعرف عليها

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/26 الساعة 04:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/26 الساعة 04:44 بتوقيت غرينتش

مهرجان كان وحفل الأوسكار قِبلتا عشاق السينما كل عام، وأشهر مناسبتين سينمائيتين تتجه إليهما أنظار الجمهور والنقاد سوياً رغم اختلافهما في الزخم الإعلامي وأجواء الاحتفال ومقاييس الاختيار، فمهرجان كان له فعالياته وعروضه، بينما الأوسكار هو حفل لتوزيع الجوائز فقط، لكنهما دائماً يتشابهان في إثارة الجدل باختيارات الفائزين كل عام، ومدى حجم التأثير الذي تصنعه الأفلام وصناع السينما المفضلون لكل فعالية.

نرصد معكم في القائمة خمسة أفلام متميزة نالت من الشعبية الجماهيرية والتقدير النقدي ما جعلها تفوز بسعفة كان الذهبية، ولم تكتفِ بذلك، فنافست بشدة وحازت أكثر من جائزة أوسكار بالعام نفسه.

Marty.. المحلّق خارج السرب يربح أول سعفة



في عام 1955، انطلقت لأول مرة منافسات جائزة السعفة الذهبية؛ فكان المهرجان يكتفي بالجائزة الكبرى، وحينها كانت المفاجأة بفوز Marty، وهو فيلم مستقل لم يكلّف صناعه إلا ثلثمائة ألف دولار فقط، لكنه حاز شعبية كبيرة كونه تمرّد على الشكل السائد للأفلام الرومانسية المبهرجة آنذاك.

فقد قدّم مؤلفه بادي تشيفسكي البطل جزاراً بسيطاً يسكن في حي عادي، لا يتمتع بسحر أو وسامة ملحوظة؛ ما جعله يتعرض للرفض من قبل كل الفتيات اللاتي تعرف عليهن. وفي الوقت الذي يمل فيه من فكرة الزواج والحب، يلتقي بشابة مُعلمة ليست ذات جمال خلاب مثلما يراها الآخرون وترى نفسها، وتعاني نفس ما يعانيه مارتي، ثم يبدأ بينهما حديث بسيط عادي عن كل شيء، ويؤكد فيه كلٌّ منهما للآخر أنه ليس بالسوء الذي يعتقده، فتكبر مشاعر الألفة بينهما في عفوية، حتى يقرر مارتي أنها الفتاة المناسبة له ويسعى أن يتزوجها.

يعد هذا الفيلم إلى الآن الفيلم الوحيد الذي فاز بالسعفة وأوسكار أفضل فيلم، إضافة إلى أفضل مخرج لديلبرت مان وسيناريست لتشيفسكي وممثل أرنست بورجنين من أصل ثمانية ترشيحات، فقد زادت شعبية الفيلم فجأة بعد فوزه بالسعفة فتم عرضه بشكل موسع في أميركا، ثم فاز بعديد جوائز الأوسكار بشكل ساحق، لتظل المرة الوحيدة حتى يومنا هذا التي يتفق فيها حكام كان وحكام الأوسكار على منح نفس الفيلم جوائزهم الكبرى.

Apocalypse Now.. حلم كوبولا العنيد



بعد خمسة أعوام من تحقيق المخرج الكبير فرانسيس فورد كوبولا نجاحاً ساحقاً بعمله The Godfather، والذي توّج بثلاث جوائز أوسكار عن جزئه الثاني؛ قرر أن يتفرغ لحلم سينمائي تمنّى كثيراً أن يصنعه وهو مشروع ضخم لفيلم Apocalypse Now عن أهوال حرب فيتنام، المستوحى عن رواية قلب الظلام التي تحكي أحداثها الأصلية سيرة تاجر عاج مهووس كوّن لنفسه إمبراطورية مصغرة بالكونغو، والتي حوّلها كوبولا إلى عملية إعادة عقيد منشق عن الجيش خلال حرب فيتنام.

استغرق تصوير الفيلم بالفلبين حوالي سبعة أشهر، في ظروف قاسية اضطرت عديد أفراد طاقم العمل إلى تركه قبل الانتهاء منه، واضطر كوبولا نفسه إلى رهن بيته وسيارته كي يستطيع إكمال الفيلم، حتى أنه يقول عن تلك الفترة: هذا ليس مجرد فيلم عن الحرب بل هو فيتنام نفسها؛ فقد فقدنا صوابنا وأصبحنا على حافة الجنون، وكأننا صرنا مثل الجيش الأميركي الذي لم يعد يدري ماذا يفعل بفيتنام!

حظي الفيلم بظهور شرفي للعظيم مارلون براندو، والذي كان قد ازداد وزنه حينها بعد تجاهل استوديوهات هوليود له بسبب مواقفه السياسية، وقد أعطاه كوبولا الحرية للارتجال في مشهده الافتتاحي الذي ارتدى فيه زياً قاتماً، أخفى وزنه المترهل بل وأعطاه الهيبة الملائمة لشخصية العقيد المتمرد، الذي ظهر من الظلام كي يقرأ أبياتاً للشاعر تي. إس. إليوت، في دلالة رمزية للرعب المقيم الذي وجدته القوات الأميركية في فيتنام.

كان الفيلم عنيداً في طرحه ومناهضته للحرب، لذا حاز حفاوة نقدية أهدته سعفة مهرجان كان الذهبية، وجعلت كوبولا أول مخرج أميركي يحصل على السعفة مرتين، بعد فيلمه The Conversation عام 1974، إضافة إلى ثمانية ترشيحات أوسكار، لكنه عانى من تجاهل شديد خلال إعلان الجوائز لصالح فيلم Kramer vs Kramer، ليفوز بجائزة وحيدة كانت من نصيب مصور الفيلم الايطالي فيتوريو ستورارو، الذي انضمّ لطاقم العمل خلال التصوير، إنقاذاً للفيلم من انسحاب جوردون ويليس مصور الأب الروحيّ الذي ترك الطاقم لخلافات مع كوبولا.

اشتهر الفيلم بمشهد أيقونيّ للقوات الأميركية وهي تبيد قرية فيتنامية عن آخرها. ذلك المشهد الذي خلّده كوبولا باختيار جريء لمقطوعة صارت من أشهر المقطوعات في تاريخ أفلام الحروب، وهي فالكيري للموسيقار الألماني فاغنر، والذي كانت موسيقاه من المحظورات في هوليوود كونه كان الموسيقار المفضل لهتلر، في إشارة ذكية إلى أن ما فعلته أميركا بالشعب الفيتنامي لا يختلف كثيراً عن المذابح النازية.

Pulp Fiction.. تارنتينو يصنع سحره الخاص



إن كان لمخرج أن يحبه مهرجان كان فلابد أن يكون كوينتن تارانتينو، فقد عرض عام 1994 فيلمه الطويل الثاني Pulp Fiction للمرة الأولى بمهرجان كان، وكانت المفاجأة فوزه بالسعفة الذهبية أعلى جائزة في المهرجان، بين ترحيب كثيرين وصدمة بعضهم؛ خاصة أن الفيلم فاز بالجائزة متغلباً على مخرجين عظام، مثل كريستوف كيشلوفسكي الذي كان ينافس بختام ثلاثية الألوان فيلم Three Colors: Red، وعباس كياروستامي بخاتمة ثلاثية كوكر فيلم Through The Olive Trees.

أثار قرار لجنة الحكام حينها غضب بعض الجماهير لدرجة الاستهجان بصوت مرتفع عند إعلان الجائزة. المثير للسخرية، أن تارانتينو نفسه كان مصدوماً عندما تقدم ليتسلم الجائزة قائلاً: لم أكن أتوقع أن أفوز أبداً بأي شيء، لأنني لا أصنع نوعية الأفلام التي تجمع الناس سوياً، أنا أصنع أفلاماً تفرقهم!

استطاع هذا الفيلم أن يؤسس مكانة بارزة لتارانتينو، كمخرج متميز له بصمة خاصة في صناعة أفلامه. ويقول عنه روجر إيبرت الناقد الأميركي الشهير: رأيت الفيلم للمرة الأولى في كان عندما فاز بالسعفة الذهبية، ثم هيمن على كل المحادثات حول الأفلام في أميركا لمدة عام على الأقل، إنه أكثر الأفلام تأثيراً في هذا العِقد.

التأثير العظيم للفيلم على هوليوود والسينما بشكل عام يأتي من اختلافه تماماً عن أفلام الثمانينيات، التي وصفها تارانتينو بالسينما القمعية، فقد كان هناك شعار أن كل فيلم يجب أن تقوده شخصيات محبوبة، لهذا السبب يفضل تارانتينو أن يُظهِر الشخصيات المسماة بالشخصيات الإجرامية بشكل مختلف تماماً، شكل يجعلك لا تستطيع أن تكرهها بل ترى بها جانباً أبعد من مجرد الشر.

من السمات المميزة للفيلم، التي أثنى عليها كثير من النقاد، الحوار، وهو من أفضل الحوارات التي يمكن أن تستمتع بها، فهو عند تارانتينو ليس مجرد أداة للشرح بل يذهب أبعد من ذلك، ويعطي له حرية ليذهب في مواضيع لا تتصور أن ترتبط بالأحداث، ولكنه يأسرك ويجعلك تندمج مع الشخصيات، ثم ينقلك بسهولة للحظات شديدة العنف والدموية دون أن تشعر بتناقض أو انفصال عن الفيلم.

أما السيناريو، وهو الجزء الأهم هنا، فهو لا يسير في خط زمني واضح ومحدد عن قصة محددة، بل هو ثلاث قصص عن قصة واحدة، ذات أحداث متشابكة في أوقات مختلفة، بل وقسّم الفيلم إلى فصول أيضاً يعرض فيها قصصه المنفصلة المترابطة، ذلك الأسلوب الذي اتبعه بعد ذلك كثير من المخرجين مؤكدين على التأثير الهائل للفيلم في صناعة السينما حتى يومنا هذا.

ذهب الفيلم إلى الأوسكار بسبعة ترشيحات من بينها أفضل مخرج، لكن فاز تارانتينو بأفضل سيناريو، في عام حقق الفيلم المستقل الذي كانت ميزانيته ثمانية ملايين دولار نجاحاً هائلاً بإيرادات تجاوزت مائة مليون دولار، ليغيّر تعريف الفيلم المستقل من وقتها ويعتبره كثير من النقاد أفضل فيلم مستقل على الإطلاق، وقد لفت أنظار هوليوود إلى هذه الصناعة التي أخرجت كثيراً من المبدعين وأطلقت مسيرة حافلة لمخرج مميز.

The Pianist.. بولانسكي يثير الجدل مجدداً



بعد عدة تخبطات في تاريخه المهني، لفت رومان بولانسكي الأنظار إليه مرة أخرى عند صدور فيلم The Pianist عام 2002، ليفوز بالسعفة الذهبية، الاختيار الذي قوبل بالامتعاض الشديد من عديد النقاد، مثلما قوبل بالترحيب ممن أعجبهم الفيلم.

فقد تباينت ردود فعل النقاد بعد أن رأوا كثيراً من الأفلام عالية المستوى لمخرجين كبار تخسر أمام فيلم بولانسكي، المعتاد على إثارة الجدل مثلما فعل سابقاً مع فيلمه Chinatown، حتى جعل بعض الآراء تتهم ديفيد لينش، الذي ترأس لجنة التحكيم في ذاك العام، وباقي الحكام بأنهم منحوا للفيلم جائزة ترضية فقط؛ بسبب موضوع الفيلم الذي يتناول الاجتياح النازي لبولندا، متجاهلين عديد الأفلام التي تفوقت فنياً عليه.

لكن أتى حفل الأوسكار ليفوز الفيلم بثلاث جوائز من أصل سبعة ترشيحات، وهي جائزة أفضل مخرج لبولانسكي، وأفضل ممثل رئيس للنجم أدريان برودي، وأفضل سيناريو مقتبس ونالها رونالد هاروود.

الفيلم مبني على القصة الحقيقية لعازف البيانو البولندي فلاديسلاف شبيلمان، التي سجلها في مذكراته، ويروي فيها وقائع معاناته الشديدة بعد الغزو الألماني لبولندا، وكيف نجا بعد ست سنوات من المعاناة والاختباء والهرب في ظروف قاسية وفقدان عائلته في معسكرات الإبادة.

لكن ما يميز الفيلم عن كثير من الأفلام التي تناولت الهولوكوست وبشاعتها، هو أنه لا يحكي قصة بطولة أو شجاعة خارقة مكنت البطل من النجاة، لكنها بكل بساطتها وصعوبتها تدور حول قصة عازف البيانو اليهودي الذي تمثل له الموسيقى كل شيء، وفجأة يجد نفسه محاصراً بـفظائع الحرب التي أفقدته عائلته، وكان هو الوحيد الذي هرب من مصير عائلته بمساعدة صديق يهودي فابتعد عن معسكر القتل. هي قصة رجل فعل كل ما بوسعه لكي ينجو مستعيناً بإنسانية ما زالت باقية في بعض المعارف والغرباء.

عاصر بولانسكي نفسه هذه الوقائع، وفقد أمه في أحد هذه المعسكرات ولكنه نجا، وظلت تراوده الرغبة في صنع فيلم عما حدث، فكثير من مشاهد الفيلم هي إعادة إحياء لما شهده بولانسكي بنفسه في طفولته من مشاهد تعذيب وقتل، ربما يحكي الفيلم عن شبيلمان ولكنه يحكي أيضاً جزءاً من بولانسكي.

ربما لهذا السبب تغاضى الحكام عن اعتبارات فنية كثيرة – مثلما عبَر النقاد- و تعايشوا مع حالة وجدانية؛ فقرروا أنه يستحق التكريم، لكن هذا لا ينفي حقيقة أن عازف البيانو هو أحد أفضل أفلام بولانسكي وأقربها لقلبه أيضاً.

Amour.. العذوبة في أجمل تجلياتها



هو آخر فيلم احتفي به في المهرجانين، ولا عجب! فهو من إبداع المخرج النمساوي القدير مايكل هانك، الذي سبق وأن فاز بالسعفة عن فيلم The White Ribbon، إلى جانب ثماني جوائز كبرى متنوعة بمهرجانات كان عن أعماله السابقة، حتى صار تواجده أمراً مألوفاً مع كل فيلم جديد من إبداعه.

أتى عام 2012 بأفخم استقبال وتكريم لسينما هانكه، عندما فاز فيلمه Amour الناطق بالفرنسية هذه المرة بسعفة كان، إلى جانب خمسة ترشيحات كبرى للأوسكار نال منها جائزة أفضل فيلم أجنبي، ليس هذا فقط لكنه كان الحصان الذي نافس بشراسة على جائزتي أوسكار أفضل مخرج وممثلة، لكن ذهبت الجائزتان لأنج لي عن Life of Pi، والأخرى لمفاجأة الحفل جينيفر لورانس عن Silver Linings Playbook.

مع كل هذا الزخم الجماهيري والنقدي الذي حازه الفيلم، لم يكن Amour فيلماً ملحمياً أو ضخم الإنتاج بل بسيطاً عذباً ذا أحداثٍ قليلة، لقصة حب جمعت زوجين في خريف عمرهما، فتولى الزوج رعاية زوجته بعد أن أصبحت قعيدة، لكن نقطة التميز الأكبر هي قدرة هانك على التعبير عن مشاعرهما الدافئة بسلاسة جذابة، ساعده في هذا تمكن البطلة إيمانويلا ريفا من أداء دور راق كان أجمل ختام لمسيرتها الفنية الزاخرة، والتي امتدت لستين عاماً حتى توفيت، بعد أن صارت أكبر مرشحة لجائزة أوسكار عن هذا الفيلم وهي بعمر 85 عاماً.

علامات:
تحميل المزيد