في عصر يعتبر الكثيرون منا مصابين بفوبيا الجراثيم، كيف نتعامل مع أطفالنا المرضى؟ أنا لا أتحدث عن الحصبة والنكاف والحميراء. بطبيعة الحال، عندما يتعلق الأمر بالجدل حول قبول أو رفض التطعيم الجماعي، هناك قضايا أكثر خطورة بكثير في اللعب. أنا أتحدث عن نزلات البرد والفيروسات التي تنتشر أسرع من الوقت الذي تستغرقه في قول "غطّ فمك!".
هل ينبغي أن نبقي أطفالنا في المنزل إذا كانوا مرضى؟ ھل یجب أن نبقیھم بعیداً عن الفعاليات إذا کنا نعرف أن أحداً مريضاً سيحضر؟ أم يجب أن نقبل هذه الأمراض كجزء ضروري في النمو؟
وبمجرد أن نستقر على وجهة نظرنا الخاصة، نتساءل إذا ما كان الآباء في دائرة أصدقائنا يشاركوننا نفس وجهة النظر؟ يبدو أنه عندما يكون صغارنا مريضين تصبح هناك مجموعة جديدة من المعايير للتنقل.
أمي العزيزة أخبرتني مرة بهدوء عن حفلات الجدري التي كانوا يقيمونها، وتخيلت الدعوة…
حفلة جدري في مكاننا
مساء السبت على الساعة 12:00
بابونج وجلسرين طبيعيان
اتضح أنها لم تكن طريقة ناتجة عن التخفيف من العبء أو الراحة تجاه المرض كما بدت لي. لقد قرروا كمجموعة أنه إن أصيب طفل واحد بما فكروا به لاحقاً كـ "مرض لا بد أن يحدث في مرحلة الطفولة" فإنهم في الغالب سيجعلون الأطفال الآخرين يلتقطون المرض عند نقطة ما.
قبل التطعيمات الجماعية،جميع الذين يعيشون على مقربة من بعضهم البعض، ويلعبون معاً وجميع الذين يذهبون لنفس المدرسة الابتدائية، كان يعتقد: أن بأخذهم لحفلة عيد الميلاد سيمرض جميع الأطفال في نفس الوقت تقريباً، وسيتغلبون عليه في نفس الوقت، وكآباء وأمهات سنخرج جميعاً من الدائرة الاجتماعية في نفس الوقت،ثم نعود في نفس الوقت.
وبذكر الأمر لأصدقائي من نفس السن أو أكبر، تذكر الكثيرون نهجاً مشابهاً جداً، بغض النظر عن بلدهم الأصلي. وتحدث البعض عن ذلك مع استنكار صريح – نوع من "ألم يكن آباؤنا مجانين؟ ربما كان هذا بسبب التبغ الذي دخنوه في الستينات"، والبعض مع ما فسرته اشتاق لذلك الوقت البسيط.
الآن، مع الاستفادة من ما يقارب 30 سنة من الإدراك المتأخر وما يرتبط به من قفزات في التحصين والرأي الطبي، فإنه يبدو نهجاً خطيراً إلى حد ما.
لكني أعترف أن الجانب اللوجستي منه يتوافق مع الوسواس القهري لدي. عندما تلتقط ابنتنا أحدث عدوى فيروسية أو بكتيريا أبدأ في التنقل من مكان لمكان ومن شخص لشخص وأكون مشتتة.
عندما تظهر الأعراض ويؤكد الطبيب العام بعد زيارته أنها عدوى معدية، يتراكم على التشخيص، والجدول الزمني والأدوية. وبالنظر إلى وجهها الصغير الغاضب، أشعر بالحزن الشديد تجاه صغيرتي – ستفتقد المدرسة وكل الأنشطة الاجتماعية، في بعض الأحيان، أنزعج من غبنها وطيشها، وأقرر أنني سأتحدث مع الصغير الآخر الذي أظن أن العدوى انتقلت لها منه.
ولكن شيء ما يجعلني أتمهل. قبل أن أطبق هذا الأمر هو إجراء عملية تقييم وتفكير. هل أعرف أنه بالتأكيد الطفل الذي اعتقدت أنه هو؟ هل يعرف الآباء أنهم أرسلوا عمداً طفلاً معدياً للعالم؟ لا، وحتى لو فعلوا، هل المكان لي حتى أقوم بهذه الدراما؟ على الأرجح لا. فهل يمكنني بوعي الكامل أن ألقي باللوم عليهم؛ لأن طفلي مرض؟ لا.
ما يثيرني ربما يكون سؤالاً أكبر: لماذا نحتاج إلى إلقاء اللوم على أحد؟ المرض أمر طبيعي، وهناك بعض براهين تشير إلى أن التعرض لبعض الأمراض الشائعة يمكن أن يخلق جهاز مناعة أقوى، وربما حتى يؤدي إلى حياة صحية أكثر.
لذلك ربما كان آباؤنا دراميين أقل منا، حياتهم أقل تهديداً عرضة لما لا يقتلك يجعلك (أو جهاز مناعتك) أقوى. ولكن، على الرغم من كل جاذبية خدماتها لا أريد أن ترسل لي دعوات لديسكو مرضي في أي وقت قريب.
أظن أن هناك مساراً جيداً بين الطريقة التي عالج بها جيل أمي الأمور والحكمة العامة التي يتمتع بها جيل اليوم. أنا لن أنقل المرض عمداً للأطفال. على الرغم من أنه كان يعمل على ما يرام في ذلك الوقت، قليلاً ما يتساءل إذا كان ليس فقط بقدر عن الحياة الاجتماعية للوالدين كما كانت صحتنا. وليس هناك شك في أن بعض الأطفال لم يستفيدوا جيداً من هذا النهج. ولكن، كما أنني لن أعيدهم عمداً لتجنب المرض.
وبغض النظر عن دفعة المناعة المحتملة، المرض لبضعة أيام يساعدهم على تقوية خيالهم – الصباحات التي تمر دون مشاهدة التلفزيون تعني أن صغيرتي ستحسن قراءتها عندما تمرض. سماعها تلعب ألعاباً خيالية وشرح مرضها للعبها يجعلني أدرك مدى ذكائها. ويجدر بالصغار أن يعلموا أن هناك أحداثاً في الحياة خارج سيطرتنا، ويجب أن يعرفوا كيفية التصرف عندما يحدث واحد منهم.
وبطبيعة الحال، بالنسبة لي، فإن الأمر لا يعود للخدمات اللوجستيكية؛ لأن شخصاً ما سيكون دائماً مريضاً في هذا العصر؛ لذلك إذا كنا دائماً سنتجنب هذا لن نغادر المنزل أبداً، وسنمرض جميعاً من بعضنا البعض.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.