ديفيد هيرست يكشف دور السعودية والإمارات في أزمة كردستان.. ويتوقع: ستخسر الرياض مثل كل مرة!

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/22 الساعة 06:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/22 الساعة 06:18 بتوقيت غرينتش

قال الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست، إن المملكة العربية السعودية تحاول استخدام الأكراد من أجل قص أجنحة إيران في المنطقة لكنها سوف تفشل أيضاً هذه المرة وعليها أن تدرك ذلك لعدة اعتبارات.

وأضاف هيرست في مقال بموقع ميديل إيست آي البريطاني، السبت 21 أكتوبر/تشرين الأول 2017، كان واضحاً منذ اللحظة التي دعا فيها مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، إلى عقد استفتاء الاستقلال أية مجموعة من الدول سوف تُكوِّن تحالفاً لقمع الدولة الكردستانية المستقلة في مهدها.

وأشار إلى أنه بوجود 30 مليون كردي يعيشون في المنطقة متفرقين على أربع دول، كان لتركيا وإيران والعراق مصلحةٌ أكيدة في خنق هذه الدولة الوليدة في مهدها، حتى لو كان ذلك يعني لأنقرة التخلي عن الحليف الكردي الوحيد الذي تعتمد عليه في حربها ضد حزب العمال الكردستاني في الداخل وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا.

وتابع هيرست مع ذلك، لم يكن من الواضح أي الدول أومأت لكردستان بموافقتها وشجعت البارزاني على تلك الخطوة. إذ كانت إسرائيل هي اللاعب الوحيد في المنطقة الذي فعل ذلك علانيةً. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قال: "تدعم إسرائيل الجهود المشروعة للشعب الكردي لإنشاء دولته الخاصة".

إسرائيل والأكراد

وعن علاقة إسرائيل بالاكراد استكمل الكاتب البريطاني مقاله قائلاً على الرغم من أنَّ إسرائيل تعتبر حزب العمال الكردستاني منظمةً إرهابية، صرَّح يائير غولان، نائب رئيس الجيش الإسرائيلي السابق، لمؤتمرٍ في واشنطن بأنَّه شخصياً لا يعتبرها كذلك. وقال: "عندما تنظر إلى إيران في الشرق، وعندما تنظر إلى عدم استقرار المنطقة، فإنَّ فكرة إقامة كيان كردي موحد مستقر في وسط هذا المستنقع ليست فكرةً سيئة".

ولم يكن تفكير غولان غريباً بالكامل عن فكر قوة إقليمية أخرى لديها مصلحة في استخدام الأكراد في قص أجنحة تركيا وإيران والعراق، ألا وهي السعودية.

الدور السعودي

وأضاف هيرست ففي العلن، كان الملك السعودي سلمان حازماً في دعم وحدة العراق. أما وراء الكواليس، فقد أرسل البلاط الملكي سلسلةً من المبعوثين لتشجيع البارزاني في مشروعه للانفصال عن الدولة العراقية، وتهديد وحدة أراضي تركيا وإيران.

كان أحد أولئك المبعوثين جنرالاً متقاعداً في القوات المسلحة السعودية يُدعَى أنور عشقي، ويشغل حالياً منصب رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، وهو مركز بحثي في جدة.

وبحسب الكاتب البريطاني كان عشقي واضحاً في شرح وجهة نظر المملكة، إذ أخبر مركز العلاقات الخارجية أنَّ العمل على إنشاء دولة كردستان الكبرى عبر وسائل سلمية سوف "يحد من الطموحات الإيرانية والتركية والعراقية. إذ سيقتطع هذا الأمر ثلث أراضي كل واحدة من هذه الدول لصالح كردستان".

وكرر عشقي دعمه لإقامة دولة كردية مستقلة في مقابلةٍ تليفونية حديثة مع وكالة أخبار سبوتنيك المملوكة للدولة الروسية.

وقال عشقي إنَّ المملكة لا تقف أمام إرادة الشعوب. وقال: "أعتقد أنَّ للأكراد الحق في أن تكون لهم دولتهم الخاصة. لقد فعل العراق الكثير في ما يتعلق بتهميش الأكراد. وكما قال البارزاني، فالعراق لم يلتزم بالدستور عندما قسَّم البلاد إلى أعراق وطوائف. ولو استمر العراق في الطريق ذاته، فقد ينتهي الأمر بتقسيم العراق إلى أكثر من دولتين".

وأُرسِلَت إشارةٌ أخرى في شهر مارس/آذار من العام الجاري على يد مستشار البلاط الملكي السعودي الدكتور عبد الله الربيع، الذي أخبر صحيفة عكاظ اليومية أنَّ لكردستان العراق إمكانيات اقتصادية وثقافية وسياسية وعسكرية كان من المستحيل على إيران وتركيا تقويضها، بحسب الكاتب البريطاني.

وقال ربيع بعد اجتماعٍ مع البارزاني إنَّ لدى كردستان "الأسس الضرورية للاستقلال والدفاع عن وجودها".

موقف الإمارات

وفعلت الإمارات، وهي عضوٌ آخر مهم في التحالف السعودي، الأمر ذاته.

وبحسب مصادر لهيرست فإنَّ مسرور البارزاني، ابن مسعود البارزاني، والذي يشغل رئيس مجلس الأمن القومي، قد أجرى زيارةً سرية إلى أبوظبي قبل شهرٍ واحد فحسب من استفتاء الـ25 من سبتمبر/أيلول.

وذهب الأكاديميون الإماراتيون الذين يعملون تحت رعاية ولي العهد الأمير محمد بن زايد إلى أبعد من مجرد إصدار بيانات الدعم.

إذ نشر عبد الله عبد الخالق خريطةً ترسم دولة كردستان التي سوف تُقام خلال سنوات وقد يصل عدد سكانها إلى ثلاثين مليون نسمة. ودعا عبد الخالق الرئيس رجب طيب أردوغان إلى عدم معاقبة كردستان بسبب الاستفتاء الذي قال إنَّه "إجراءٌ ديمقراطي".

ولم يمر هذا الأمر دون ملاحظة بغداد. إذ نقلت صحيفة العربي الجديد عن أحد المسؤولين العراقيين زعمه أنَّ أربيل قد وقَّعت "مذكرة تفاهم" مع ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، لمساعدته على تنظيم الاستفتاء. ونفت الإمارات التقارير القائلة بأنَّ قنصلها في أربيل قد حضر الاستفتاء وزار بعض مراكز الاقتراع.

السعودية تُعرِب عن نواياها

وقال هيرست أرسلت السعودية إشاراتٍ أخرى على تغيير سياستها في المنطقة. وأثارت زيارةٌ سرية أجراها وزير الشؤون الخليجية ثامر السبهان إلى الرقة دهشة البعض.

واعتبر الكاتب البريطاني أن هذه الزيارة من الواضح أنَّ تلك كانت رسالة موجهة إلى تركيا.

وتابع هيرست فور انهيار مقاومة البيشمركة في كركوك، سارعت الرياض في القفز من السفينة مرة أخرى. فاتصل سلمان بحيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، للتأكيد على دعم المملكة لوحدة العراق، ودعاه لزيارة الرياض الأسبوع المقبل. وزار قائد أركان الجيش العراقي المملكة الأسبوع الجاري.

يُعدُ الفشل التام في كركوك أحدث مثالٍ على عدم الاستقرار المتأصل في القلب المتهاوي للإمبراطورية الأميركية في الشرق الأوسط. فتركيا، وحكومة كردستان العراق، والعراق والسعودية، كلهم حلفاء استثمرت أميركا فيهم بشكلٍ كبير، بحسب الكاتب البريطاني.

تمزيق المظلة العسكرية الأميركية

واعتبر هيرست أن النزاع في كركوك هو أول خرق كبير من نوعه في اتفاقية عراق ما بعد صدام، القائلة بأنَّ بغداد لن تستخدم القوة العسكرية ضد الأكراد. وقد تعزَّز نفوذ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. إذ ستساعده خطوة إعادة الاستيلاء على كركوك في منافسته لغريمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في انتخابات العام المقبل، أما رأي الدستور العراقي في كل ذلك فليس أمراً ذا أهمية.

معنى ذلك أنَّ كونك حليفاً للولايات المتحدة لا يضمن لك الدعم الأميركي، سواءٌ الدبلوماسي أو العسكري.

وقد أدى الفراغ الناتج عن انسحاب أميركا (وأنا أعتبر فكرةَ "أميركا أولاً" التي يتبناها ترامب استمراراً لانسحاب باراك أوباما من تدخلات عهد سلفه بوش) إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، أكثر حتى من تلك الناتجة عن وصول رئيسٍ أميركي إلى سدة الحكم حوَّل البيت الأبيض إلى إحدى برامج تلفاز الواقع، بحسب الكاتب البريطاني.

وقد أساء مسعود بارزاني فهم الإشارات من الرياض وأبوظبي، بالإضافة إلى خطئه في حساب الدعم الداخلي من البيشمركة الموالين لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

وأضاف هيرست أميركا التي تتراجع الآن أكثر فأكثر لا تترك مكانها توازناً جديداً للقوى يحكمه لاعبون إقليميون أقوياء. وإنَّما تركت وراءها مساحةً شاسعة من الفضاء المتنازع عليه، تحرسها جيوشٌ لا تعبأ بالقانون ومتمرسة في الحرب ومسلحة بأسلحةٍ غربية. وتخلت أميركا عن الحلفاء القدامى، وتحللت السياسات بين عشيةٍ وضحاها.

إيران تكسب مرةً أخرى

طبعاً ثمة فائزون. وإيران واحدةٌ منهم.

واعتبر هيرست أنه في نهاية هذه الجولة ستكسب ايران ايضاً ولكن كيف؟، ففي غياب وسيطٍ دولي قوي يُعتَمَد عليه، يبدو أنَّ قائد قوات الحرس الثوري الإيراني (فيلق القدس) قاسم سليماني قد أدى دوراً أكثر فاعلية بكثير في إقناع جناح عائلة طالباني في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بعقد صفقة مع قوات الحشد الشعبي القادمة، على الرغم من أنَّ الميليشيات الشيعية سرعان ما سحبت قواتها، تاركةً الجيش العراقي والبوليس الفيدرالي للسيطرة على الأمور.

وبعد يومين فحسب من نزع دونالد ترامب للشرعية عن اتفاق إيران النووي، قامت الأخيرة عبر وكلائها الشيعة بالسيطرة الناجحة على قطعةٍ استراتيجية أخرى من الأراضي العراقية وعلى عددٍ من آبارها النفطية، بحسب الكاتب البريطاني.

ودُفِعَت تركيا أكثر إلى أحضان طهران. إذ أصبحت قواتها الرمزية في العراق محاطة الآن من جميع الجهات بقوات الحشد الشعبي، وهي ميليشيا مدعومة إيرانياً استُخدِمَت لقيادة الهجوم على كركوك.

وختم هيرست قائلاً السعودية أصبحت ضعيفة إقليمياً أكثر من أي وقتٍ مضى. هل ترى السعودية الأمور بشكلٍ منطقي وتعرف أنَّها تخسر كل مرة تلعب فيها لعبة صراع العروش؟ وإرث هذا الصراع هو تزايد قائمة المدن السنية المخربة والملايين من اللاجئين. والخرائب واللاجئون هم نتيجة قيادة السعودية المزعومة للعالم السني العربي.

تحميل المزيد