يحتفل الإعلاميون الجزائريون في 22 أكتوبر/تشرين الأول بالعيد الوطني للصحافة الذي أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2013، موازاة مع استحضار ذكرى صدور أول مجلة جزائرية 'المقاومة' في أكتوبر/تشرين الأول 1955.
والجديد في احتفالات هذه السنة 2017، هو تدعيم المشهد الفضائي بالجزائر بسبع قنوات جديدة، تضاف إلى القنوات ال25 التي تنشط منذ سنوات حتى تلك التي لا تملك ترخيصاً.
موضوعاتية متنوعة
القنوات السبع المزمع افتتاحها، أو بالأحرى منح التراخيص لنشاطها ستكون بالأساس موضوعاتية متنوعة، تطرح القضايا السياسية والاجتماعية، مع الاهتمام بالقضايا الشبابية.
ووفق القرار الوزاري الصادر في العدد 56 من الجريدة الرسمية في الجزائر، فإن على الراغبين في الترشح لمنح رخص إنشاء خدمات البث التلفزيوني الموضوعاتية، التوجه إلى وزارة الاتصال لسحب دفتر الشروط الخاص بالعملية.
ووفق الشروط التي وردت في القرار فإنه سيتم فقط فتح 7 قنوات، تتعلق بالأحداث (إخبارية) والثقافة والشباب وفن الطبخ والاكتشافات والمسلسلات والترفيه والرياضة.
وحسب ما جاء في القرار دائماً فإن القنوات السبع المرخص لها لاحقاً ستتكفل بإنتاج برامج متكونة من أخبار، تقارير، تحاليل، تعليقات،حوارات وندوات، وذلك كله لإثراء المشهد الإعلامي في الجزائر.
لا فائدة دون قانون منظم
الإعلامي والأستاذ الجامعي الباحث في تقنيات السمعي البصري، زين العابدين جبارة يعتبر أن فتح التراخيص لإنشاء قنوات جديدة "حل جزئي، وليس هذا ما كان ينتظره المشهد الإعلامي بحرقة".
ويقول جبارة لعربي بوست "ملف السمعي البصري تحول في الجزائر من مشكلة الغلق إلى الفوضى، وفي الحقيقة كل الجزائريين كانوا ينتظرون تفعيل سلطة الضبط للسمعي البصري بقانون منظم يدعم قرار فتح المجال أمام الراغبين".
ويردف "كان من المفترض أن يفعل مجلس سلطة الضبط للسمعي البصري بقانون منظم يحدد عملها وأعضاءها بالانتخاب ومن ثم تضع دفتر شروط واضح ومحدد المبادئ والمواد، على أساسه تفتح القنوات وتسحب تراخيصها".
ليخلص إلى "أن طريقة فتح قنوات جديدة دون الاعتماد على قانون ينظم المجال السمعي البصري في الجزائر، يعد لعباً في فراغ".
صدقة حسب الأهواء
منح التراخيص بالشكل الذي أورده القرار الأخير لوزارة الإعلام الجزائرية، في نظر الدكتور زين العابدين جبارة "تأتي لتمنح التراخيص كصدقة ومنة، وتمنح حسب الأهواء يتنافى ومفهوم دولة المؤسسات والقانون والحريات".
لذا يضيف "يجب الاعتماد بشكل قانوني من سلطة الضبط، وفق قواعد دفتر الشروط فمن توفرت فيه الشروط الواضحة العلنية أمام الجميع، والتي تخدم مصلحة المجتمع أولاً وأخيراً يسحب رخصة نشاطه ومن لم تتوفر فيه يوضح له ذلك لإتمام الشروط أو تداركها".
والتقصير في إحدى هذه الشروط المحدد في الدفتر يضيف جبارة "سيؤدي إلى سحب الرخصة وفق القانون، ودفتر الشروط المعلن من طرف سلطة الضبط بكل شفافية ومسؤولية سينظم من افتتاح وغلق القنوات".
وهو ما يذهب إليه الإعلامي الجزائري بقناة دزاير نيوز عبد النور جحنين، والذي يرى بأن القرار الأخير الوارد في الجريدة الرسمية مبهم وغير واضح، في ظل غياب قانون ودفتر شروط من هيئة السمعي البصري يحدد كيفية منح الرخص".
هذه النقطة يضيف جحنين لعربي بوست "تجعل الوزارة الوصية أمام باب منح التراخيص حسب الأهواء، ومن دون أساسات قانون يحدد طبيعة المستفيد ودفتر شروط واضح للجميع".
التراخيص ستمنح لمن لا يزعج السلطة
يرى الدكتور زين العابدين جبارة، أن التراخيص المزمع منحها لفائدة المستثمرين في المجال السمعي البصري، ستكون للذين لا يزعجون السلطة ويضمنون خدمة النظام وبرامجه.
وهذه التراخيص بحسب المتحدث "ستمنح وفق تجربة بعض القنوات دون تراخيص أو ستمنح لقنوات تجمع أصحابها ومحيطهم مصالح مشتركة من قريب أو من بعيد مع جماعات النظام الحاكم، أو قنوات الطبخ التي لا علاقة لها بالمشهد السياسي ولا أثر لها على النظام الحاكم".
ويعتقد جبارة أن القنوات السبعة المعنية بالترخيص هي" سميرة تي في، والشروق نيوز لاعتماد للشروق العامة سابقاً، ونفس الأمر بالنسبة لدزاير نيوز والنهار لك والبلاد، وقناة الجزائرية إضافة إلى cnbc بنة".
ويضيف "يمكن أن يكون التصريح لقنوات جهوية كالباهية و l index باعتبار أن قنوات مثل نهار لك وبنة الشروق قنوات مغلقة أو آيلة للغلق لفشلها اقتصادياً وجماهيرياً".
وكانت الحكومة قد أغلقت بالقوة قناتين فضائيتين معارضتين، في أقل من سنتين، لأنها ببساطة حسب المتتبعين لا تخدم أجندات السلطة.
كما شهد الإعلام الجزائري أفول عدد من القنوات لأسباب عديدة وعلى رأسها الضائقة المالية، مثل قنوات "جرجرة، السلام، كواليس،وقناة كاي بي سي".
مكسب للأمازيغية أيضاً
قرار وزارة الإعلام، فيه أيضاً نقاط إيجابية يسجلها المراقبون، فقد ركز على عامل اللغة التي ستبث بها القنوات السبع المرخص لها مستقبلاً، بحيث ستكون باللغتين الوطنيتين العربية والأمازيغية.
ويعد الاهتمام باللغة الأمازيغية في منح تراخيص القنوات الفضائية بحسب رئيس المحافظة السامية للأمازيغية الهاشمي عصاد، مكسباً مهماً ويعكس اهتمام الدولة في تطوير اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
ويقول الهاشمي عصاد لعربي بوست "مع فتح مجال السمعي البصري في 2011 لم تدرج اللغة الأمازيغية في دفاتر الشروط ولا حتى في القرارات الوزارية المتتالية حينها، وبالتالي استدراك الوضع مع القرار الوزاري الأخير أمر مهم جداً لمستقبل هذه اللغة في الجزائر".