الحقد الغبي.. انتخابات اليونيسكو

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/20 الساعة 08:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/20 الساعة 08:44 بتوقيت غرينتش

1- نظرة "إسرائيل" لليونيسكو

يجب أن نعرف أن لليونيسكو "رمزية" تغري بالنزاع حولها وآلية توظيفها في معارك أكبر حتى من اليونيسكو نفسها.

للاستفراد بمغانم سياسية أو اقتصادية، خاصة إن تعلق الأمر بقائمة التراث العالمي، فذلك يفتح مغانم سياحية وصناعية هامة، ولكن هنا النزاع ليس من ذلك القبيل بل هو نزاع حضاري حول شرعية وجود تسعى إسرائيل لاستثماره سياسياً وحضارياً لبقاء وجودها.

إن نظرة "إسرائيل" للمنظمة بعد قرار لجنة التراث العالمي في اليونسيكو وقرار مجلسها التنقيذي في دورته العادية في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2016 بما يسمى قرار "فلسطين المحتلة" حول عدم أحقية الكيان الصهيوني بتغيير معالم المسجد الأقصى؛ لكونه تراثاً إسلامياً خالصاً.

لقد كانت تلك النقطة التحول التي جعلت الكيان يرى اليونيسكو منظمة تصدر قرارات معادية لإسرائيل، بل جعل نتنياهو يتهمها بتصريحه: "اليونيسكو تعيد كتابة التاريخ وتشوهه مؤكدة انحطاطاً لا قعر له في إصدار ترهات".

اتهم جملة من أصدقاء إسرائيل من المنظمات خاصة فرنسا بالتواطؤ لاستصدار هذه القرارات المنحازة ضد إسرائيل، ما جعل فرنسا تعمل لتصحيح صورتها بترشيح وزيرة الثقافة الفرنسية ذات الأصول اليهودية لرئاسة المنظمة كقربان تكفير ذنب.

لم تكن إسرائيل وحدها بل إن أميركا أعلنت يوم 10 أكتوبر 2017 انسحابها من منظمة تعتبرها منحازة ضد إسرائيل، ويعتبر الانسحاب ورقة ضغط؛ لكون أميركا تدفع خُمس ميزانية اليونيسكو سنوياً.

2- هاجس إسرائيل من ترؤس العرب لليونيسكو

لم يكن العرب ليستثمروا هذا الترهل الصهيوني مع اليونيسكو للاتفاق على مرشح ينال رضا وقبولاً وبل مباركة فصيل واسع بل انطلقوا من القطيعة والتفكك، ترشح 3 عرب من قطر ومصر ولبنان، انسحب اللبناني وبقي القطري والمصرية.

يبرر الكيان الصهيوني خوفهم على حسب الكاتب اليهودي رفائيل هرين في مقال في "تايم أو إسرائيل بالعربية بعنوان: "إسرائيل تخشى من استلام (ثلاثي إسلامي) لقيادة اليونسكو" بأن ترؤس عربي للمنظمة سيسعى بالدفع لأجندة أكثر عدائية في المنظمة الثقافية للأمم المتحدة".

ركز الكاتب على القطري حمد الكواري بكونه الأوفر حظاً والأشد خطراً إذ أكد أن ترشيح الكواري أثار غضب مركز سيمون فينزنتال، الذي اشتكى قبل نحو عامين بشأن مواد معادية للسامية ظهرت بشكل بارز في معرض كتاب نُظم تحت رعاية وزارة التعليم القطرية.

وفي نفس الوقت لم يبدِ أي هاجس من ترشح منافسة عربية أخرى هي وزيرة شؤون الأسرة والسكان المصرية السابقة مشيرة خطاب، إذ ركز على إشارتها إلى معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979 على أنها أمر يؤهلها على نحو فريد لهذا المنصب.

استشهد بخطاب في مقابلة أجرتها معها وكالة "أسوشيتد برس": "لا تنسوا أننا كنا نحن من بدأ السلام مع إسرائيل".

3- انتخابات اليونيسكو العبرة بالنهايات

بقي القطري حمد الكواري متصدراً للنتائج طوال المراحل الأربع من الخمس التي تحدد هوية المدير العام الجديد.

لقد كانت نتيجة المرحلة الرابعة تقدم القطري حمد الكواري بـ22 صوتاً مقابل 18 صوتاً لكل من الفرنسية أودريه أزولاي والمصرية مشيرة خطاب.

صعد القطري مباشرة للمرحلة الخامسة وأُعيد التصويت بين الفرنسية والمصرية فكانت الغلبة لأزولاي بـ 30 صوتاً مقابل 25 مع ورقتين بيضاوين.

4- الحقد الغبي

لقد كانت الفرنسية تمثل مشروع الكيان الصهيوني لسيادة منظمة تراها معادية لمصالحها، فكان ترؤسها بهدف توجيه أجندتها واستغلال رمزيتها بما يحمي مصالحها وقضية وجودها.

وعلى النقيض من ذلك بعد تبخر المشروع المصري كانت نقطة التحول كشفت معدن بعض الدول التي اختارت الوقوف مع مشروع العدو ضد الأخ القريب.

لقد كان تصويت دول الحصار لفرنسا ضد قطر حقداً ساذجاً غبياً مكّن للكيان الصهيوني للغلبة في معركة دبلوماسية بقينا الفائزين فيها لحد أن نطق الغبي بسفاهة كلفتنا وستكلفنا الكثير.

إن هذا الغباء المنقطع النظير الناجم عن حقد دفين أظهر قانوناً اجتماعياً وسياسياً مناطه أن الكيان الصهيوني يتقوت ويعيش بغباء العرب وحقدهم للناجح منهم.

كما أنها أظهرت ميلاد حقبة تاريخية جديدة بدا فيها التنسيق واضحاً بين الكيان الصهيوني ودول التطبيع الجديدة التي تعمل على مشروع صفقة القرن للتخلص من قضية فلسطين، فكانت النتيجة تحويل منظمة من نقطة قوة إلى ثغر تضرب منه الأمة الإسلامية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد