الحوار في مواقع التواصل الاجتماعي

الحوار هو تواصل إنساني راقٍ يهدف إلى الارتقاء بالفكر الإنساني وتوليد الأفكار وتبادل الآراء ووجهات النظر والأخذ بالرأي والتزود بالحكمة والمعرفة، ويعد الحوار بوابة لبناء علاقات إنسانية وصداقات، ولكن ليس كل حوار له جانبه المشرق، فهناك أيضاً مناطق معتمة، فبعض الحوارات قادت إلى حروب وقطيعة وتنازع وتفريق بين الأصدقاء والناس، وفي زمننا هذا لم يعد الحوار مقتصراً على وجه لوجه، بل صار هناك حوارات على مواقع التواصل

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/19 الساعة 03:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/19 الساعة 03:55 بتوقيت غرينتش

الحوار هو تواصل إنساني راقٍ يهدف إلى الارتقاء بالفكر الإنساني وتوليد الأفكار وتبادل الآراء ووجهات النظر والأخذ بالرأي والتزود بالحكمة والمعرفة، ويعد الحوار بوابة لبناء علاقات إنسانية وصداقات، ولكن ليس كل حوار له جانبه المشرق، فهناك أيضاً مناطق معتمة، فبعض الحوارات قادت إلى حروب وقطيعة وتنازع وتفريق بين الأصدقاء والناس، وفي زمننا هذا لم يعد الحوار مقتصراً على وجه لوجه، بل صار هناك حوارات على مواقع التواصل

الاجتماعي، وبات الحوار سمة غالبة في كل رأي يطرح، وبلمحة سريعة نشعر أن حواراتنا باتت قاسية نوعاً ما، وفيها من تجريح الكثير وكأننا نرى وجهاً جديداً للناس، فهذه الحوارات لم نعهدها في حياتنا اليومية، أو في الواقع هناك ضوابط للحوار بينما مواقع التواصل فيها من التمرد والقسوة الكثير، هل نحن لهذه الدرجة قساة من الداخل عنيفون، يقول سقراط: تكلم حتى أراك، وهنا أشدد على كلمة أراك؛ لأنه الكلمة مرآة النفس وتكشف عن معدنها وطيبها وخبثها وأصلها.. الإمام علي يقول.

لمَ ندخل الحوارات وكأننا ندخل معركة يا غالب أو مغلوب، ندخلها بكل قوة؛ لنهزم عدونا، آسف محاورنا، فنقحم حياته الشخصية بقضية الحوار، ونقول إنه فاشل بزواجه أو مطلق أو عانس، أو نذكر مساوئ أهله وماضي عائلته، وعلى فكرة هذه ليست من أخلاق الدين ولا المجتمع في شيء، وهي تسقط من يستخدمها ولا ترفعه؛ لأنها تعدّ على إرادة الله، ففشل شخص بزواج أو العنوسة أو الطلاق أو تعيير بأم أو أب، وهي أمور الله اختارها للعباد، وكأنك تقول: إن الله اختار السوء وهنا تعدّ على قدر الله وما كتبه للعباد، سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما وأرضاهما كانا يتحاوران في أمور شتى، ويختلفان، لم يقل أبو بكر لعمر في لحظة اختلاف في نقاش أنت يا من وأدت ابنتك، بل كان هناك رقي في الطرح واحترام للاختلاف؛ لأن الاختلاف رحمة وخير، ولم يصل أحد منهم لحياة الآخر الشخصية، وإن أقمت حواراً لك أن تبحث عن نقاط ضعف في حوار الخصم أو في فكرته، هنا تستطيع أن تميل كفة الحوار لجانبك، وتقنعه بفكرتك وبأسلوب حوار لين وبالكلمة الطيبة هي من تملك القلوب وتجعل المحاور في صف احترامك وتقديرك.

وإن اختلفتما وإن لم يقتنع بفكرتك، لكن تبقى مسافة مودة ومحبة، وبشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا، والقول اللين مفتاح الصفاء، ويوصي خبراء التنمية في حواراتنا اليومية بضرورة أخذ الوقت قبل الرد حتى تهدأ المشاعر أو تخرج الكلمة بقالب أنيق ومستساغ ومقبول، ونحن على مواقع التواصل الاجتماعي ألا يجدر بنا أن نأخذ وقتاً قبل بناء رد جديد، خذ بدل دقيقة ساعة، لا ترد وأنت غضبان، لا ترد وأنت منفعل، نحن بدلاً من تبني مقولة إن النقاش لا يفسد للود قضية، نحن ندخل مع كل الإصرار والترصد لإفساد الود، ونتعمد أن نهين الآخر أمام المتابعين حتى نسقطه من عيونهم إرضاء لأنفسنا، ولنا في التوجيه الإلهي في أدب الحوار "وقولوا للناس حسناً"، في سورة المجادلة يقول الحق: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) تذكروا أن مَن يسمع الحوار هو الله، فقولوا خيراً، وأن الحوار الطيب يمده الله بعونه وهديه ويجعل فيه البركة والخير.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد