عبدت لجنة المساطر والأنظمة (تختص بالشؤون الإدارية والقانونية) في حزب العدالة والتنمية ( إسلامي يقود الائتلاف الحكومي)، أمس الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، طريق الولاية الثالثة، أمام عبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي للحزب، عندما صوتت هذه اللجنة لصالح تعديل المادة 16 من النظام الأساسي (قانون داخلي للحزب)، التي كانت تحصر ولاية الأمين العام في ولايتين.
الأمر الذي اعتبره البعض، انتصاراً على تيار الوزراء داخل الحزب، والذي يسعى لقطع الطريق أمام ولاية ثالثة لأمينهم العام ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران.
المؤيدون للتعديل أقوى
وصوت 22 عضواً من أعضاء لجنة المساطر والأنظمة، التابعة للمجلس الوطني للحزب، لصالح تعديل المادة 16 من النظام الأساسي، في مقابل 10 أصوات كانت معارضة.
مصدر حضر الاجتماع، رفض الكشف عن هويته، أوضح لـ"عربي بوست"، أن الذين رفضوا تعديل المادة 16، التي قد تخوّل ولاية ثالثة للأمين العام الحالي للحزب، هم ما يسمى بـ"تيار الاستوزار"، وقد حضر عدد مهم منهم اجتماع أمس.
وأضاف المصدر ذاته، أن الوزراء الذين حضروا الاجتماع، ليسوا أعضاء في لجنة الأنظمة والمساطر، ولم يتجاوب باقي الأعضاء مع رأيهم الموحّد في عدم تعديل المادة المذكورة.
كما أشار مصدرنا، إلى أن التصويت على التعديلات كان دقيقاً، باعتباره يهم أعضاء لجنة الأنظمة والمساطر، الذين حضر منهم 35 عضواً من أصل 60.
من جهته، اعتبر نزار خيرون، عضو شبيبة العدالة والتنمية، في تدوينة على فيسبوك، أن تسويق تعديل مادة من النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية، على أنه انتصار لطرف على طرف أمر مؤسف جداً. مضيفاً أن الأمر لا يتعلق بربح أو خسارة، أو تيارات أو جماعات، أو فئات على حساب فئات، أو خصومة أو شقاق وانشقاق، بل يتعلق الأمر -وهذا هو مربط الفرس- بتقديرات سياسية كلها قابلة للخطأ والصواب.
المؤتمر الوطني يحسم
في تدوينة على فيسبوك، شدّدت إيمان اليعقوبي، عضو المجلس الوطني لحزب المصباح، على أن المجلس الوطني ليس هو المختص بالبت في النظام الأساسي، لأن النقاش كان أساساً حول مشروع التعديل وليس التعديل.
وأضافت اليعقوبي، أنه فيما يتعلق بالمواد التي نوقشت في لقاء أمس، الذي امتدّ لما يزيد عن 6 ساعات، فهي تدخل في مجال اختصاص المؤتمر الوطني، لأنها تتعلق بالنظام الأساسي الذي هو النظام الأول والمرجعي في الحزب، والذي لا يمكن لأي قانون أو مسطرة داخلية أن تتعارض معه أو لا تحترم بنوده.
وأبرزت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، أن مشاريع التعديل لن تسمى تعديلات، حتى يوافق عليها المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي هو صاحب الاختصاص في تعديل النظام الأساسي بشكل نهائي ولا رجعة فيه، إلا بمؤتمر آخر سواء استثنائي أو عادي.
صدام على جبهتين
بالنسبة لإدريس الكنبوري، المحلل السياسي، والمتخصص في حركات الإسلام السياسي، يرى أن عبد الإله بنكيران ومن معه لم ينتصروا بعد، "فالموضوع لم يحسم بعد، وكل شيء يتوقف على المؤتمر المقبل".
لكن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحالي، ورئيس الحكومة السابق، "منذ إعفائه من مسؤولية تشكيل الحكومة، بدأ يعتبر التجديد له لولاية ثالثة على رأس الحزب حصان طروادة"، يستطرد الكنبوري.
واعتبر المتحدث ذاته، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن تجديد الولاية لبنكيران هي "رسالة إلى القصر أولاً، وثانياً إلى الطبقة السياسية التي يوجد معها في صراع، ومفاد هذه الرسالة أنكم إن كنتم تريدون التخلي عن بنكيران فهو باق على رأس الحزب، وبالتالي فأي تفاوض مع الحزب وأي حوار معه، سيتم بالضرورة عبره كأمين عام".
كما أبرز الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي، أن ولاية بنكيران الثالثة "لن تساعد الحزب كثيراً في المرحلة المقبلة في تفاهمه مع الدولة، لأنه نوع من التحدي، وهو في نفس الوقت نوع من التحدي لحكومة العثماني".
في إطار هذا السياق، "سنرى نوعاً من التشدد بين الطرفين، الحكومة والأمين العام، وهذا سيؤثر كثيراً على الأداء الحكومي، وسيصبح بنكيران ومن معه أشبه ما يكونون بمجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، هدفه وضع الكوابح في طريق العثماني"، يقول إدريس الكنبوري، المحلل السياسي، والباحث في حركات الإسلام السياسي.
وأضاف المصدر نفسه، أن "الأقرب إلى المنطق انتخاب شخص آخر حتى لو كان العثماني نفسه، لأن هذا ضمان للتوافق ما بين الحزب والحكومة، كما كان الأمر في عهد بنكيران عندما كان أميناً عاماً ورئيساً للحكومة".
وفي انتظار حسم المجلس الوطني للحسم شهر نوفمبر القادم في التعديلات المقترحة يستمر شد الحبل بين قواعد الحزب التي ترى في الأمين العام الحالي عبد الإله بنكيران ضماناً لاستقلالية الحزب واستمرارية شعبيته، وبين تيار الوزراء المدافعين عن حكومة العثماني ومزيد من التقارب مع القصر.