اتُّهم الزعماء الانفصاليون الكتالونيون بالتوجّه إلى إستونيا لطب المساعدة في إقامة حكومة "رقمية" لإدارة منطقتهم بعد الاستقلال عن إسبانيا.
وذكرت الصحيفة الإسبانية El Pais أن الوثائق التي تم الاستيلاء عليها من مكاتب برشلونة ثم تسرّبت إلى صحافة مدريد تشير إلى أن المسؤولين الكتالونيين سافروا بشكل منتظم إلى دولة البلطيق في وقت سابق من هذا العام للحصول على مشورة حول إقامة حكومة على الإنترنت بعد الاستقلال.
وتتوجّه إسبانيا في نهاية الأسبوع المقبل إلى كارلوس بويغديمونت، رئيس كاتالونيا، الذي سيواجه موعداً نهائياً للاختيار بين تحديه المتواصل لمدريد وبين إسقاط خطط الاستقلال التي يدعي أن غالبية الناخبين أقرّوها في استفتاء أُجري قبل أسبوعين، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة التايمز البريطانية.
وإذا لم يتراجع غداً، فقد أمهلته الحكومة في مدريد حتى يوم الخميس لإعادة النظر، قبل تطبيق مادة من الدستور تسمح بإقالته من منصبه والدعوة إلى الانتخابات في كاتالونيا.
ومع تكثيف المعركة، أثارت صحافة مدريد المزيد من الشكوك حول برشلونة. وقد عُثر على وثائق حول دولة "رقمية" على غرار إستونيا في مداهمات من الشرطة تحاول وقف الاستفتاء.
وبالنسبة إلى صحيفة "إل بايس" تعتبر تلك الوثائق دليلاً على أن خطط الدولة الكاتالونية كانت أكثر تقدماً مما كان يعتقد.
وقالت الصحيفة إن "الحكومة الكاتالونية مستعدة لاستبدال الدولة الإسبانية بإدارة رقمية متكاملة تعمل منذ عامين".
وسرّبت صحيفة "إل موندو" في مدريد وثائق قانونية تتهم عائلة خوردي بوخول، رئيس كاتالونيا في الفترة من 1980 إلى 2003، بإخفاء الملايين في الحسابات المصرفية في أندورا.
وذكرت "إل موندو" أن بوخول فعل ذلك تحت اسم "العائلة المقدسة"، وهو نظام ديني مبتكر اعتبرت فيه زوجة بويول "الأم العليا".
حوار لا يتناول إلا الاستقلال
من جهته قال نائب رئيس إقليم كاتالونيا في إسبانيا أوريول جونكيراس، أمس السبت، إن عرض الحوار الذي طرحته مدريد لا يمكن أن يتناول إلا استقلال كاتالونيا، فيما يشكل شرطاً مسبقاً ويزيد من صعوبة التوصل إلى توافق بين الطرفين، بحسب ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط الدولية.
وقال جونكيراس في كلمة ألقاها في مقر الحزب اليساري الجمهوري بكاتالونيا الذي يرأسه، إن عرض إجراء الحوار الذي قدمته الحكومة الإسبانية "يجب أن يشير إلى بناء الجمهورية والتزامنا بالاستقلال".
وتتزايد المخاوف في مدريد من أن بويغديمونت قد يختار الاستشهاد على الحفاظ على حياته السياسية، معلناً انفصاله عن حكومة إسبانيا بغض النظر عن العواقب.
وفي خطابه الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي، والذي أحبط فيه مؤيديه، ادعى الحق في إعلان إقامة الدولة، لكنه "علق" الإعلان بترك الباب مفتوحاً للوساطة الدولية.
لكن ماريانو راخوي، رئيس الوزراء الإسباني المحافظ، رفض ذلك، قائلاً إنه نزاع داخلي.
وقال خافيير فاكال، وهو أكاديمي في معهد أبحاث مدريد المرموقة: "لقد تحول الأمر إلى كوميديا هزلية. لكن الأمر مأساوي أيضاً عندما تنظر إلى الضرر الذي يقوم به هؤلاء الانفصاليون"، مشيراً إلى نزوح شركات من برشلونة وعودة ظهور انشقاقات اجتماعية خطيرة.
وقد أحرق القوميون الإسبان أعلام كتالونيا في الشارع وخاضوا معارك ضارية مع "الانفصاليين".
وفي محاولة لحلّ المعضلة، اقترح الحزب الاشتراكي الإسباني مناقشة تعديل دستوري يتيح لكاتالونيا المزيد من الحكم الذاتي. لكن السياسيين المؤيدين للاستقلال في برشلونة لم يأخذوا هذا الاقتراح بعين الاعتبار، مصرّين على حق المنطقة في تقرير مستقبلها.
وقال الفريد بوش، أحد السياسيين الانفصاليين البارزين: "لقد قمنا باستفتاء وكانت هناك نتيجة. لقد أغلقت إسبانيا الباب في وجهنا. لدينا حق إعلان الاستقلال، وعلينا الآن أن ننفذه".
وإذا حدث ذلك، فقد يخضع راخوي، رغم أنه متردد في جعل بويغديمونت شهيداً انفصالياً، لضغوط المتشددين من حزبه لاستخدام المادة 155 من الدستور، واعتقال بويغديمونت وفرض حكم مباشر.
وبعد جهود الشرطة العنيفة لوقف التصويت، من المؤكد أن هذا من شأنه أن يشعل غضب كاتالونيا ويسيء إلى سمعة إسبانيا في الخارج. وهذا قد يكون ما يريده بويغديمونت تحديداً.