نفت وزارة الخارجية المصرية صلتها بالشخص الذي هتف "تسقط قطر وتحيا فرنسا" داخل مبنى اليونسكو يوم الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول 2017، لكن هذا النفي يثير تساؤلات حول طبيعة هذا المصري والصفة التي أهلته الدخول إلى مبنى اليونسكو.
وزعم بعض ممن يعرفون هذا المصري أنه ليس مستشاراً وليس خبيراً ولا يعمل بأي جهة مرتبطة بالاتحاد الأوروبي، لكنه "عاطل" استطاع تصدير نفسه للإعلام المصري بصفته خبيراً.
موقع صدى البلد المقرب من السلطات المصرية أشار إلى أن الشخص هو مصري بالفعل ويدعى صلاح عبد الحميد، وأنه لم يدخل إلى قاعة التصويت بل كان يقف وسط الصحفيين والقنوات الأجنبية التي تتابع الانتخابات من مقر اليونسكو خارج القاعة، مما قد يوحي بأنه يحمل صفة إعلامية وليس دبلوماسية.
ونشر عبد الحميد تدوينة على صفحته بفيسبوك نفى فيها أن يكون ضمن البعثة الدبلوماسية، موضحاً أنه "مواطن مصري يدافع عنها في أروقة اليونسكو". لكنه عاد وحذف التدوينة بعد ساعات قليلة.
ويقيم عبد الحميد في بلجيكا، ويعرف نفسه على أنه "مستشار للتنمية السياسية بالاتحاد الأوروبي".
وبالبحث عبر الإنترنت لم يظهر وجود منصب يسمى "مستشار للتنمية السياسية بالاتحاد الأوروبي"، كما لم يظهر اسم صلاح عبد الحميد في أي موقع مرتبط بالاتحاد الأوروبي أيضاً.
وذكر عبد الحميد أنه كان حاضراً في فرنسا خلال فترة انعقاد انتخابات رئاسة اليونسكو، لكنه لم يكن ضمن البعثة الدبلوماسية المصرية نفسها. كما أوضحت صفحته أنه درس في كلية السياسة والعلوم الاقتصادية.
وظهر عبد الحميد في إحدى الصور التي نشرها على صفحته داخل قاعة اليونسكو دون وجود أي شيء يدل أنه حاضر كإعلامي أو صحفي. لكنه عاد وحذف الصورة بعد مرور 24 ساعة فقط.
وبالطبع فلا يمكن لأي مواطن أن يدخل إلى قاعة اليونسكو أو إحدى مباني الأمم المتحدة دون الحصول على تصريح خاص يسمح له بالدخول من بوابة المبنى نفسها، وبالتالي فلاتزال طريقة وصوله لهذا المكان غير مفهومة، إلا أن يكون رافق الوفد المصري نفسه.
كما ظهر عبد الحميد في فيديو خلال حوار له مع قناة الغد من داخل مبنى اليونسكو.
وظهر عبد الحميد في عدة صور مع شخصيات مصرية بارزة مثل مشيرة خطاب وسامح شكري ورئيس الوزراء المصري السابق إبراهيم محلب وبان كي مون.
كما ظهر في صورة من داخل مجلس الوزراء المصري نفسه.
وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية المصرية نشرت فيديو على صفحتها على يوتيوب يوم 7 يناير/ كانون الثاني 2017، يظهر فيه عبد الحميد تحت لقب "خبير تنموي بالاتحاد الأوروبي وعضو الاقتصاد السياسي في بروكسل"، وهو يتحدث عن رؤيته ورأيه حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبالعودة من جديد إلى محركات البحث على الإنترنت لم يظهر أي منصب أو صفة مثل هذه على الإطلاق. كما أن الخلفية التي كانت تظهر وراءه لا تشير بتاتاً إلى انتمائه لجهة ما أو حتى وجوده في مكان معين.
الغريب أن أحاديث وتعليقات عبد الحميد كلها يتضح أنها عامة ولا تدل على خلفية مختصة بالشؤون الاقتصادية أو السياسية للاتحاد الأوروبي.
وانتشرت على فيسبوك تعليقات لنشطاء يوضحون أن عبد الحميد هو شخص عادي استطاع تصدير نفسه بشكل جيد للإعلام المصري بصفته أحد المتخصصين في الاتحاد الأوروبي.
وتناقل النشطاء معلومات حول عبد الحميد تشير إلى أنه ليس بمستشار أو خبير وأنه من أولئك الذين يصدرون أنفسهم للإعلام بأنهم خبراء في مجالات مختلفة.
وقال مصري مقيم في بلجيكا يدعى محمد الحلواني الذي يعمل في إحدى شركات السياحة، أنه يعرف عبد الحميد لأنه سبق وقابلة من قبل. وأوضح أنه مصري يحمل الجنسية الهولندية ولا يعمل، إذ يحصل على إعانة بطالة مقدارها 2000 يورو تقريباً.
وأضاف في تدوينه له أن عبد الحميد عمل في بداية حياته في مطعم في هولندا وتزوج صاحبة المطعم المغربية الجنسية، وبعدما حصل على الجنسية الهولندية طلقها، واستولى على المطعم. وهو حالياً يقيم في مدينة إنفرس البلجيكية.
وقال إن عبد الحميد نجح في تسويق نفسه بعدما نشر صوراً له أمام البرلمان الأوروبي وصوراً داخل أروقته ضمن المناطق المفتوحة للعامة.
ويعيد هذه الحادث تسليط الضوء على واقعتين سابقتين للإعلام المصري الذي استضاف عدة أشخاص على أنهم خبراء في التحليل السياسي ليتضح أنهم أشخاص بوظائف لا تؤهلهم لهذه المهنة.
الواقعة الأبرز كانت لشخص يدعى حاتم الجمسي، المحلل السياسي الذي تستضيفه القنوات التلفزيونية المصرية من نيويورك للحديث عن الأحداث السياسية الكبرى في أميركا، والذي اتضح في النهاية أنه يعمل في تحضير السندويشات في مطعم يملكه بمدينة نيويورك.
وذكرت مواقع مصرية أن التلفزيون المصري استضاف، شهر أغسطس/آب 2017 الماضي، شخصاً يسمى محمد سالم بصفته خبيراً في التنمية البشرية ونظم المعلومات وحروب الجيل الرابع.
المفاجأة، كانت أن سالم ليس خبيراً في أي من هذه التخصصات، فهو حاصل فقط على دبلوم فني صناعي ويقيم في محافظة الشرقية.
واعترف سالم لموقع مصراوي، بأنه عقب حصوله على الدبلوم، قام بشراء كتب مختلفة تمكّنه من الحديث في وسائل الإعلام، خصوصاً أنه على معرفة ببعض مقدمي البرامج.