قد يجد الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه في مواجهة جنود كوريا الشمالية قريباً، على الحدود الأكثر تسليحاً في العالم، وسط تقارير حول اعتزام ترامب زيارة المنطقة منزوعة السلاح، خلال رحلته القادمة إلى كوريا الجنوبية.
وذكرت وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية، أن المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين منذ نهاية حربهما في الفترة من 1950-1953 من بين المواقع المرشحة لجولة ترامب في آسيا. التي تشمل أيضاً كلاً من اليابان والصين وفيتنام والفلبين.
ويتزامن هذا التقرير مع استعراض أميركي للقوة العسكرية الجوية بالمنطقة، مما سيزيد الاستفزازات لكوريا الشمالية، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
وحلقت قاذفات قنابل أميركية من طراز B-B1 فوق شبه الجزيرة الكورية مساء الأربعاء، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وشارك في التدريبات العسكرية مقاتلتان كوريتان جنوبيتان من طراز F-15K، إلى جانب المقاتلات اليابانية، وفقاً لما أورده بيان للجيش الأميركي.
وذكر الجيش الكوري الجنوبي أن هذه التدريبات تستهدف دعم دفاعات الدولة واستعراض قوة التحالف الأمني لسيول مع واشنطن، في مواجهة الصواريخ الباليستية والاختبارات النووية لكوريا الشمالية.
وقال الميجور باتريك أبليجيت من القوات الجوية الأميركية إن "التحليق والتدريب ليلاً مع حلفائنا بأسلوب آمن وفعَّال يعد ضمن القدرات الهامة المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، ويؤدي إلى شحذ براعة وشجاعة طياري كل من تلك الدول.
"يعد ذلك دليلاً واضحاً على قدرتنا على تنفيذ عمليات يسيرة مع كافة حلفائنا في أي وقت وأي مكان".
استفزاز
وترى كوريا الشمالية، أن تلك التدريبات العسكرية مثيرة للاستفزاز؛ ويرجع ذلك بصفة جزئية إلى الذكريات المريرة لغارات القصف الأميركي خلال الحرب الكورية.
وتزامناً مع ذلك نقلت وكالة يونهاب عن مصدر مجهول من وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، أن البيت الأبيض قد أرسل فريقاً من المسؤولين والاستخبارت إلى كوريا الجنوبية في أواخر سبتمبر/أيلول 2017، لدراسة المواقع المحتمل إدراجها ضمن زيارة الرئيس ترامب.
ونقلت الوكالة عن المصدر قوله إنه كان من المتوقع أن يرسل ترامب رسالة قوية، سواء كانت شفهية أو فعلية، إلى كوريا الشمالية، خلال رحلته الأولى إلى شبه الجزيرة الكورية بعد تولي المنصب. "من الأرجح أن يفعل شيئاً كهذا ويتولى مساعدوه اتخاذ الاستعدادات اللازمة".
وذكر المصدر أنه في حالة إتمام الزيارة، فمن المحتمل أن يقضي ترامب بعض الوقت في قرية هدنة بانمونجن، وأحد مواقع المراقبة داخل المنطقة منزوعة السلاح. ولم يدلِ البيت الأبيض بأي تعليق على تلك التقارير.
المكان الأكثر ترويعاً
وبذلك يحذو الرئيس حذو باراك أوباما، الذي ألقى نظرة على كوريا الشمالية من خلال المجهر، خلال زيارته إلى "حدود الحرية" عام 2012، وحذو بيل كلينتون، الذي وصف الشريط البالغ عرضه 2.5 ميل وطوله 155 ميلاً باعتباره "أكثر الأماكن ترويعاً على وجه الأرض"، حينما قام بزيارة البلاد عام 1993.
وفي أبريل/نيسان 2017، استغلَّ نائب الرئيس الأميركي مايك بينس رحلة لم يتم الإعلان عنها إلى المنطقة منزوعة السلاح، كي يعلن عن "انتهاء عصر الصبر الاستراتيجي مع كوريا الشمالية"، حيث التقط جندي من كوريا الشمالية صورته من الجانب الآخر لخط ترسيم الحدود.
حقائق صادمة عن المنطقة منزوعة السلاح
تعد الحدود البرية والبحرية التي تفصل بين الكوريتين بؤر توتر محتملة، منذ انقسام شبه الجزيرة إلى دولتين منذ أكثر من 60 عاماً.
ففي عام 1976، تم تقطيع أجساد اثنين من جنود الجيش الأميركي إلى أشلاء، باستخدام الفؤوس، خلال مواجهة مع جنود كوريا الشمالية في المنطقة الأمنية المشتركة المحايدة.
وتمتلئ المنطقة بالألغام الأرضية، وتخضع لحراسة قوات كثيفة التسليح، رغم أن انعدام النشاط البشري بالمنطقة على مدار عقود من الزمان قد حوَّلها محمية طبيعية بارزة.
وفي مارس/آذار 2010، أدى طوربيد أطلقته كوريا الشمالية إلى إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية شيونان، أثناء إبحارها على امتداد ساحل جزيرة بينج بونج، التي تقع على بُعد بضعة أميال من الحدود الجنوبية، ما أودى بحياة 46 بحاراً. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، قصفت كوريا الجنوبية جزيرة بينج بونج الحدودية، التابعة لكوريا الجنوبية، وأدت إلى مصرع جنديين اثنين وإصابة المدنيين.
منطقة سياحية
ورغم أن المنطقة منزوعة السلاح تعد منطقة جذب سياحي هائلة، إلا أن تواجد ترامب يمكن أن تعتبره بيونغ يانغ أمراً استفزازياً.
ومن الأرجح أن يتضمن برنامج الرحلة زيارة إلى مجموعة الأكواخ الزرقاء الكائنة على خط ترسيم الحدود العسكرية، حيث اعتاد المسؤولون من كوريا الشمالية وفريق الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة اللقاء من أجل التفاوض.
التايكوندو
ونظراً لأن الحرب الكورية قد انتهت باتفاق هدنة وليس بتوقيع اتفاقية سلام، لا يزال جنود كوريا الشمالية ونظراؤهم من كوريا الجنوبية -الذين يتم اختيارهم استناداً إلى قاماتهم وقدراتهم على ممارسة التايكوندو- في حالة حرب فعلياً.
يتم السماح للسائحين بالتقاط صور للجنود على الجانب الآخر من الحدود، ولكن يُحظر التحدث معهم أو الإشارة إليهم.
ومن الأرجح أن يتم استخدام أكواخ الأمم المتحدة مرة أخرى في المستقبل القريب. وقد رفض ترامب خلال الأسابيع الأخيرة إمكانية إجراء محادثات مع كوريا الشمالية.
وأعرب الرئيس الأميركي في تغريدة له، يوم الإثنين 9 أكتوبر/تشرين الأول 2017، عن معارضته لأي نوع من التواصل، قائلاً "بلادنا لم تنجح قط في التعامل مع كوريا الشمالية على مدار 25 عاماً؛ ورغم تقديم المليارات من الدولارات، لم نحصل على شيء في المقابل. فالسياسة لم تنجح!".