صفقة تجاريّة إعلاميّة مع قضايا الجنس!

هنا، حيث تمرّ بمركبتك فيصدُفك إعلانٌ لمنتجٍ جديد يظهر امرأة بلباس قصيرٍ أمام سيّارة حديثة، أو خدمة جديدة لشركة خاصّة عزمت أن تبرز مفاتن المرأة بشكل كبير، أو تدخل لمكان لطلب خدمة فتلحظ أنّه مليء بالفتيات المُنتقيات بعنايةٍ شديدة، أمّا عن المسلسلات والأفلام التلفزيونيّة فلا تخلو من مشاهد حميميّة أو كلمات جنسيّة، وفي ألعاب الكارتون الموجّه تحديداً للأطفال تُوجّه حركات يكرّر الأطفال القيام بها دون فهم معناها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/09 الساعة 04:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/09 الساعة 04:52 بتوقيت غرينتش

هنا، حيث تمرّ بمركبتك فيصدُفك إعلانٌ لمنتجٍ جديد يظهر امرأة بلباس قصيرٍ أمام سيّارة حديثة، أو خدمة جديدة لشركة خاصّة عزمت أن تبرز مفاتن المرأة بشكل كبير، أو تدخل لمكان لطلب خدمة فتلحظ أنّه مليء بالفتيات المُنتقيات بعنايةٍ شديدة، أمّا عن المسلسلات والأفلام التلفزيونيّة فلا تخلو من مشاهد حميميّة أو كلمات جنسيّة، وفي ألعاب الكارتون الموجّه تحديداً للأطفال تُوجّه حركات يكرّر الأطفال القيام بها دون فهم معناها.

من ناحيةِ المدارس، حيث يُمنع إدخال الهواتف الذكيّة تُصدم حين تلحظ بوجودها مخبّأة بين أيدي طلبة لم يتجاوز عمرهم الثالثة عشرة يتناقلون من خلالها الأفلام الإباحية دون التوعية بمخاطرها مستقبلاً أو تبعاتها النفسيّة على أجسادهم أو سلوكهم ناحية الآخرين أو تحصيلهم المدرسيّ.

في أحد التقارير الصحفية التي تطرّقت لها عن إدمان الأشخاص على المواقع الإباحية، كان أحد الأسباب يعود إلى استفزاز غريزة الشخص عاطفيّاً ما يدفعه إلى تعويضها بمشاهدة الإباحي، ثمّ يتبع ذلك أضرار نفسية جمّة قد تبدو آثارها مستقبلاً بشكل أكبر، ولا نستغرب حين يقول مدير إحدى المدارس: "وجدت هواتف بأيديهم وحين قمت بتفتيشها وجدتها مليئة بصورٍ وفيديوهات إباحية لأطفالٍ بعمر الرابعة عشرة".

تقول إحداهنّ: "كنت حين أنظر لدعاية مثيرة خلال مشاهدة إحدى حلقات مسلسلٍ عبر التلفاز سرعان ما أشعر أنّني بحاجة لمتابعة أفلام إباحية حتى أدمنتُها، ما أثّر على سلوكي وقطعتُ علاقتي بالآخرين"، فيما يذكر شخص آخر: "تابعت برنامجاً يعرض قضايا سياسيّة لا أفهم شيئاً بها غير أنّ مقدمة الأخبار مغرية للغاية بجسدها وعرض مفاتنها".

حين يخطّط مُعلِنٌ ما لنشر إعلان مُنتجِه أو إشهار شركته فأوّل ما يقوم به هو دراسة المشاهدات والتفاعل للمؤسسة الإعلامية، ثم يتّخذ بناء على ذلك قرار الإعلان أم لا؛ لذلك لا عجب، إن تكرّرت المواد الصحفية بأشكالها كافّة التي تطرح قضايا الجنس في المجتمع بشكل لافتٍ، حين تجد مؤسسة إعلامية أثارت الجماع بين الزوجين كقضيّة مهمة لنشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتفاعل معها أكثر من قضية اتفاقية أوسلو المشؤومة وحصد المشاهدات العالية ثمّ جلب الإعلانات بسببها بشكل أكبر، إذن صفقة تجارية!

بيّن ويلسون براين في كتابه (الاستغلال الجنسي في وسائل الإعلام) أنّ تصميم الإعلانات جاء بناءً على التأثير العاطفي وليس الفكري، حيث يعتمد صاحب الإعلان على دراسات ديموغرافية ونفسية لتصميم الإعلان من خلال تحفيز الرغبة والتعلق المرضي عند الشخص حيث تم الكشف عن وجودها لدى الشخص عندما كان طفلاً.

تعدّدت الدراسات البحثيّة التي ترصد تأثير العنف الجنسي في وسائل الإعلام المختلفة، وأوضحت غالبيّتها أنّ الإيحاءات الجنسية المثيرة في المضامين تدعو المراهقين خاصّة لممارسة الجنس أو متابعة المواقع الإباحيّة قبل أن يستعدّوا لذلك نفسيّاً ما يسبّب لهم مشاكل جسدية ونفسية فيما بعد.

إضافةً إلى ذلك، تقود اللقطات المثيرة الشخص إلى ارتكاب سلوك عدوانيّ، فيما تشجّع مشاهداتها الشخص على ممارسة الاغتصاب، وتصوّر المرأة على أنها سلعة للإثارة فقط.

من الملوم وراء كثرة الأخبار والإعلانات الجنسيّة؟ هل هي وسائل الإعلام التجارية أم وعي المواطن؟ وما سبب رفض الأهالي أو عدم تثقيف أبنائهم بالشكل الصحيح كي يجتنبوا هذه السموم المنبعثة بأشكال عدّة؟

في مقابلة صحفية سابقة أجابت والدة أحد الأطفال المدمنين على مشاهدة الأفلام الإباحية أن سبب عدم التثقيف الجنسي هو الخجل من الحديث بهذه المواضيع، والاكتفاء بمعرفتهم لوحدهم؛ لذلك يلجأ الأطفال لمصادر مغلوطة تؤثر عليهم وتجعلهم منطوين أكثر على أنفسهم!

التوعية الصحيحة تبدأ من الأسرة، إضافة للمدارس، ثمّ وعي الأشخاص بالسموم المنبعثة من الإعلانات الجنسية، وتسليط الضوء من الإعلام حول مخاطر متابعة الأفلام الإباحية، وتخصيص وقت لمناقشة قضايا الشباب وهمومهم، ولا بأس من حملاتٍ توعوية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ترفض وجود الإيحاءات الجنسية بأيّ مكان، وتحاسب من يروّج لها، أو يستغل جسد المرأة لإشهار سلعته!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد