أوقف الجيش الأميركي بعض مناوراته التدريبية مع حلفائه من دول الخليج العربي على خلفية الأزمة الدبلوماسية المستمرة المستهدفة لقطر، في محاولة منه لاستغلال نفوذه لإنهاء الخلاف الدائر منذ أشهر، حسبما قالته سلطات لوكالة أسوشييتد برس الجمعة 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي حين لم تكشف السلطات عن المزيد من التفاصيل، فإن تأكيد هذا الخبر من طرف القيادة المركزية للجيش الأميركي يُظهر القلق الذي يساورها من الخلاف الذي نشب في منطقة الخليج، التي يتخذ منها الأسطول البحري الأميركي الـ5 مقراً له وتضم قواعد عسكرية رئيسية وهامة في الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي في العراق وسوريا، فضلاً عن أهميتها للحرب الدائرة في أفغانستان.
وكانت الأزمة القطرية قد تفجرت في الـ5 من يونيو/حزيران 2017 عندما فرضت كلٌ من البحرين ومصر والسعودية والإمارات حظراً ومقاطعة اقتصادية على قطر مع إغلاق المنافذ البرية الحدودية والمجالات الجوية والطرق والمعابر البحرية أمام الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بموارد الطاقة. وكانت الدول الـ4 اتهمت قطر بدعم المتطرفين وفرط التودد في علاقاتها مع إيران، فيما نفت قطر مراراً مزاعم دعمها للمتطرفين. هذا وتتشاطر قطر مع إيران حدودياً حقل غاز طبيعي ضخماً يجعل من مدخول مواطنيها الأعلى في العالم لكل نسمة.
وكان المسؤولون الأميركيون العسكريون قالوا بداية إن المقاطعة والخلاف ليس لهما تأثيرٌ على عملياتهم العسكرية والتدريبية. يذكر أن قطر تؤوي قاعدة العديد الجوية الضخمة التي تعد المقر الأمامي للقيادة المركزية التي تشرف على التحالف الأميركي في حملته على تنظيم داعش وتدير خط اتصالات مباشراً مع روسيا لتنسيق الضربات الجوية في سماء سوريا المزدحمة.
ولكن مع مضي الأشهر ومراوحة الخلاف مكانه، قام وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، بزيارة إلى الدوحة ليمد يد الدعم، كما وافقت إدارة ترامب كذلك على صفقة جارٍ العمل عليها لإتمام بيع مقاتلات "F-15" لقطر مقابل 12 مليار دولار.
ورداً على سؤال تقدمت به وكالة أسوشييتد بريس للكولونيل في القوات الجوية جون توماس المتحدث باسم القيادة المركزية، أكد الكولونيل أن القيادة سوف تحدّ بالفعل من مناوراتها التدريبية.
وقال العقيد توماس في تصريح له: "إننا نوقف بعض تدريباتنا العسكرية؛ احتراماً منا لمفهوم الشمولية والمصالح الإقليمية المشتركة. سوف نواصل تشجيع الشركاء كافة على العمل معاً نحو التوصل إلى حلول مشتركة تُحِلّ الأمن والاستقرار في المنطقة."
ولم يصدر عن المسؤولين القطريين ردٌّ سريعٌ على سؤال وجهته لهم الوكالة الإخبارية، في حين أعرضت دول المقاطعة عن تأكيد خبر تعليق المناورات العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة.
أزمة قطر الدبلوماسية أحدثت شرخاً قطع أوصال مجلس التعاون الخليجي، المشهور عنه وحدة وأُخوة أعضائه، فهو الذي كان أحد أسباب تأسيسه لمّ شمل دول الخليج العربية الشقيقة وتوحيد سياستها في مواجهة ثقل إيران.
ويُجري الجيش الأميركي مناوراته التدريبية هناك لأسباب، منها بناء ثقة القوات والجيوش الإقليمية التي يستخدم أغلبها أسلحة أميركية الصنع.
ومن جملة التدريبات التي سيطولها التعليق على الأرجح عملية Eagle Resolve (عزيمة النسور) السنوية التدريبية التي جرت إقامتها منذ عام 1999 بمشاركة قوات مجلس التعاون الخليجي مع الأميركيين لمحاكاة معارك يخوضها جيش دولي متعدد الجنسيات. وكانت عملية Eagle Resolve التدريبية هذا العام قد عُقدت بالكويت في شهر مارس/آذار الماضي بمشاركة 1000 جندي أميركي.
كذلك، درجت العادة بين الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين على إقامة تدريبات منتظمة مشتركة أصغر حجماً في المنطقة.
ويأتي قرار الجيش الأميركي هذا بعدما قال سيناتور جمهوري كبير ذو نفوذ، في شهر يونيو/حزيران، إنه سيتحفّظ على الموافقة على بيع الأسلحة الأميركية لعدة حلفاء شرق أوسطيين. يقول كريستيان كوتس أولريخسن، الزميل الباحث في معهد James A. Baker III للسياسة العامة بجامعة رايس الأميركية، إن مجموع هذه التحركات معاً مؤشرٌ لدول الخليج كي تفهم أن المسؤولين الأميركيين يريدون لهذه الأزمة أن تنتهي عاجلاً وليس آجلاً.
وختم أولريخسن القول لوكالة أسوشييتد برس، بقوله: "قد يستخدم المسؤولون الأميركيون نقطة ضغط للتعبير عن استيائهم مما يرون فيه أزمة لا داعي لها، طال أمدها أكثر مما ينبغي، وفيها تشتيت يشغل عن التركيز على القضايا الإقليمية الأكثر إلحاحاً. ويبدو الأرجح أنها إشارة من الولايات المتحدة إلى شركائها منذ فترة طويلة في الأمن والدفاع، تحذرهم فيها من أن صبرها على هذا الخلاف القائم بلغ حدوده وأنه يشارف على النفاد".