خطاب نادر من ملك إسبانيا يهاجم قادة كتالونيا.. وهذا ما حذَّر منه

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/04 الساعة 02:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/04 الساعة 02:21 بتوقيت غرينتش

اتهم العاهل الإسباني، الملك فيليبي السادس، الثلاثاء 3 أكتوبر/تشرين الأول 2017، المسؤولين الانفصاليين في كتالونيا، بأنهم وضعوا أنفسهم "على هامش القانون والديمقراطية"، مشدداً على وجوب أن "تكفل الدولة النظام الدستوري"، في حين تظاهر مئات الآلاف في برشلونة احتجاجاً على عنف الشرطة الاتحادية.

وقال الملك فيليبي السادس، في خطاب نادر إلى الأمة عبر التلفزيون، بعد يومين على استفتاء تقرير المصير الذي أجراه إقليم كتالونيا، على الرغم من أن مدريد حظرته، إن "هذه السلطات (الكتالونية) وضعت نفسها بطريقة واضحة وقطعية وبالكامل على هامش القانون والديمقراطية".

وحذَّر من أن قادة الإقليم "بتصرفهم غير المسؤول قد يعرضون الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لكتالونيا ولإسبانيا بأسرها للخطر".

واعتبر العاهل الإسباني أن الهدف النهائي من وراء الاستفتاء الذي أجراه الإقليم هو "إعلان الاستقلال بطريقة غير شرعية".

وأضاف الملك الذي اعتلى العرش في 2014، أنه إزاء كل ما تقدم فإنه "من مسؤولية السلطات الشرعية في الدولة أن تكفل النظام الدستوري، وسير المؤسسات بصورة طبيعية، واحترام دولة القانون والحكم الذاتي لكتالونيا".

وبموجب المادة 155 من الدستور، التي لم يتم تفعيلها بعدُ، يحق للحكومة المركزية أن تُجبر إقليماً من أقاليم البلاد على احترام واجباته الدستورية إذا ما انتهكها، أو إذا "شكَّلت خطراً كبيراً على المصلحة العامة للدولة".

700 ألف متظاهر


وأتت كلمة الملك في حين شهدت برشلونة تظاهرات احتجاجية، شارك فيها بحسب بلدية المدينة 700 ألف شخص، احتجاجاً على أعمال العنف التي قامت بها الشرطة الاتحادية الأحد، لمنع الاستفتاء.

وقال متحدث باسم البلدية، إن هذا العدد يأخذ في الاعتبار عدة تظاهرات في المدينة بعد الظهر ومساء.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "قوات الاحتلال اخرجي" و"الشوارع ستبقى دوماً لنا"، في حين صدحت حناجرهم بهتافات مناهضة للشرطة الوطنية والحرس المدني، اللذين أرسلتهما مدريد لمنع الاستفتاء.

وقالت إحدى المتظاهرات، وتدعى ميريام لاو (35 عاماً)، لوكالة فرانس برس "انظروا، لن تكون هناك عودة إلى الوراء".

وحاول آلاف المتظاهرين التوجه إلى مقر الشرطة الوطنية، لكن عناصرها نصبوا حواجز حالت دون اقترابهم.

وهتف المتظاهرون على مقربة من المبنى أن "هذا المبنى سيصبح مكتبة عامة"، وردَّد أحدهم "تحيا الأرض…" ليكمل البقية "حرة".

ونادى المتظاهرون بخروج قوات الأمن من المنطقة، واصفين إياها بـ"قوات الاحتلال"، في خضمّ مواجهة بين مدريد والإقليم أغرقت إسبانيا في أزمة سياسية هي الأسوأ منذ انتهاء الديكتاتورية عام 1977.

وشهد الإقليم إضراباً عاماً، الثلاثاء، فيما حلَّقت مروحية في الأجواء، ما استدعى تنديداً من الكتالونيين الذين لم يستفيقوا بعد من صدمة العنف الذي شهدته بعض المناطق الأحد.

وامتدَّ الإضراب العام إلى القطاع الرياضي، حيث امتنع نادي برشلونة لكرة القدم عن إجراء تدريباته، فيما أعلن مسؤولون أن الإضراب أدى إلى تراجع حركة النقل المشترك وعمليات شحن البضائع في مرفأ المدينة.

وقالت المدرّسة أنطونيا ماريا ماورا (56 عاماً) المشاركة في التظاهرة "في أكتوبر/تشرين الأول، أصبحنا بلداً محتلاً ولم يغادروا بعد"، في إشارة إلى الشرطة التي أوكلت إليها مهمة منع إجراء الاستفتاء.

وقال ألفريدو فيدال، صاحب مصبغة يبلغ من العمر 68 عاماً "لا يمكن وقف الشباب"، مشيراً إلى مئات الطلبة الذين ساروا ببطء وقد التف كثير منهم بأعلام الانفصال.

الشرطة محاصرة


والأحد حاولت الشرطة الإسبانية منع تنظيم الاستفتاء، مستخدمة الهراوات والرصاص المطاطي لتفريق الحشود، في مشاهد شكلت صدمة واستدعت موجة انتقادات دولية.

ووجَّه المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارغاريتيس شيناس، الإثنين، تحذيراً قائلاً: "لا يمكن للعنف أن يكون أداة في السياسة على الإطلاق".

إلا أن التوتر تصاعد ليلاً مع تحدِّي الكتالونيين إرداة الحكومة الإسبانية.

وحاصر المتظاهرون فنادق كتالونيا، التي تؤوي قوات الأمن، بحسب ما أعلنت الشرطة.

وأُجبر عشرات من عناصر الشرطة والحرس المدني الذين أرسلوا كتعزيزات لمناسبة الاستفتاء، على مغادرة فنادقهم، الإثنين، تحت ضغط السكان ورؤساء البلديات، بحسب نقابيين.

وقال رامون كوسيو، المتحدث باسم الاتحاد الرئيسي للشرطة "إنهم يفرون من فندق إلى آخر، إنهم كالجرذان التي يتعين عليها الاختباء".

وحذَّر من أن الدولة بدأت تفقد سيطرتها على الأمن.

وأعلن فندق واحد على الأقل أن السلطات المحلية أمرته بأن يطلب من عناصر الشرطة النزلاء المغادرة.

التحريض على التمرد


وتعتبر الحكومة الإسبانية والمحاكم في إسبانيا الاستفتاء على الاستقلال غير شرعي، فيما تحمِّل مدريد السلطات الكتالونية مسؤولية إثارة التوتر.

واتهمت وزارة الداخلية الإسبانية، الثلاثاء، حكومة كتالونيا بـ"التحريض على التمرد"، بعدما تعرضت قوات الشرطة التي تم إرسالها لمنع الاستفتاء إلى مضايقات من قبل المتظاهرين.

وقال وزير الداخلية خوان ايغناسيو زويدو: "نرى أكثر فأكثر كيف تدفع حكومة كتالونيا السكان نحو الهاوية، وتحرِّض على التمرُّد في الشوارع"، مضيفاً أن حكومته ستتخذ إجراءات لمنع "المضايقات" بحق الشرطة الوطنية.

المواقع السياحية مغلقة


وترجع المطالبات باستقلال كتالونيا عن إسبانيا إلى قرون من الزمن، إلا أنها عادت إلى الواجهة في السنوات الأخيرة جراء الأزمة الاقتصادية.

وكتالونيا منطقة صناعية غنية في شمال شرقي إسبانيا، يبلغ عدد سكانها نحو 7,5 مليون نسمة، وتسهم في قرابة 20% من الاقتصاد الإسباني، ولها لغتها الخاصة وتقاليدها وعاداتها الثقافية.

وكانت نقابات مؤيدة للانفصال ومدارس ومعاهد ثقافية دعت للإضراب، الثلاثاء، من أجل توجيه رسالة "إدانة شديدة اللهجة" ضد طريقة تعامل الشرطة مع الاستفتاء.

وأقفلت المدارس وعدد من الشركات أبوابها خلال التظاهرة. واحتل المتظاهرون الشوارع والطرقات، ما تسبب بتوقف حركة السير.

كذلك أقفلت المواقع السياحية في برشلونة، لا سيما "كنيسة العائلة المقدسة" الشهيرة.

وفي محطة القطار "سانتس" فتحت المتاجر أبوابها.

وفتحت وحدات التجميع الثلاث لسيارات "سيات" في كتالونيا بشكل عادي، بحسب كرستينا فال لوسادا، المتحدثة باسم الشركة. واتفق ممثلو النقابات على ترك العمال يقررون "بحسب ضمائرهم" إذا كانوا يرغبون في الانضمام إلى الإضراب، بحسب ما أضافت.

جلسة طارئة


وعقدت حكومة ماريانو راخوي جلسة طارئة بعد إعلان بيغديمونت، الأحد، أن كتالونيا "كسبت حقها بدولة مستقلة".

وطالب بيغديمونت بوساطة دولية للمساعدة في حل الأزمة.

وبحسب حكومة كتالونيا، أدلى 2,26 مليون شخص بأصواتهم، أي ما يعادل أكثر بقليل من 42% من ناخبي الإقليم.

ولكن يرجح أن تلقى أي محاولة لإعلان الاستقلال بشكل أحادي معارضة، ليس من مدريد فحسب، بل كذلك من قسم كبير من سكان كاتالونيا المنقسمين بشكل عميق حيال المسألة.

وأعلن بيغديمونت أنه سيطرح نتائج الاستفتاء على البرلمان المحلي، حيث يحظى النواب الانفصاليون بالغالبية، الذي يتمتع بصلاحيات تبنّي اقتراح بإعلان الاستقلال.

علامات:
تحميل المزيد