قيمة المجتمعات المدنية والمنظمات الدولية في لبنان بالخبرات التي تجمعها، دولياً وعبر نشاطها. يأتي القطاع الخاص بمفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات ليدعّم الجسر بين المنظمات التي لا تبتغي الربح والوظيفة المحترفة.
للناشط في المجتمع المدني: التدريب يصقل قدراته وللمهني التدريب ضرورة في سوق العمل، لم التدريبات؟ إنها مسألة أبعد من بناء قدرات إنها قصة تميّز ونجاح: مؤسسة مخزومي نموذجاً!
تتلخص بيروت بقصة نجاحاتها، تحركت من ساحة ساسين ستجد أنجح قصة في قطاع السياحة وهي قهوة "الشايز"، وعند الغوص في شارع من شوارع بيروت بين زحمة البنايات ورايات السياسيين يظهر للعين المجردة مبنى مخصص للتدريب المهني والتقني، بالإضافة إلى خدمات استشفائية مخفضة الأسعار وهي نوع من تدريب لخريجي القطاع الطبي: إنه مبني مؤسسة فؤاد مخزومي.
التدريب المهني أساسي في سوق العمل هذه قصة نجاح مؤسسة مخزومي الاجتماعية التي تمتد من الطابق الأول حتى رأس المبنى.
ما قصة مخزومي؟
يروي سامر الصفح، المدير العام المسؤول في مؤسسة مخزومي الاجتماعية، فكرة هذه المؤسسة منطلقاً من نقطة البدء، أي الحاجة، فيسرد بأن عمل المؤسسة بدأ عام 1997 برؤية ودعم إداري ومالي للمؤسس الدكتور فؤاد مخزومي.
لبنان في مرحلة بعد الحرب الأهلية كان في ظلمة تكنولوجية غائباً عن خريطة العالم، فيما كان موضوع العولمة متداولاً آنذاك يصف "عندها بدأت الأعمال تستدعي وجود التكنولوجيا وهذا عامل مهم من عوامل مواكبة التطور، وجدنا حاجة مجتمعنا لتعلم اللغة والتكنولوجيا، فماذا يفعل الموظف الذي اكتشف الحاسوب مؤخراً؟".
أول التدريبات في المركز كان على التكنولوجيا الرقمية والتدريب على استخدام الحاسوب، عندها أصبح الجهل بالتكنولوجيا عنصراً مهدِداً للانخراط في العجلة الاقتصادية، والطرد ليس سبيلاً للحل بل التدريب، وجد المهدَّدون من تطور سوق العمل السريع الحل التعليمي في المؤسسة.
برنامج التدريب متعدد الاختصاصات خرّج أكثر من مائة وعشرين ألف شخص مع شهادات في التدريب المهني (certification – bt – ts) وهي مصدقة من وزارة التربية والتعليم المهني التقني ومعترف بها من وزارة العمل.
تأتي دروس محو الأمية في المؤسسة كهدف إنساني أولاً، فكل فرد من مجتمعنا له الحق في التعلم كما له الحق في التدريب على مهارات تفرضها سوق العمل.
تستخلص مؤسسة مخزومي حاجات سوق العمل من دراسات إحصائية تقوم بها مبنية على استطلاع للرأي العام وعبر شبكة علاقات بينها وبين القطاع الخاص.
يؤكد الصفح: "علماً أن الكتاب ليس كل شيء، فالأدوات في المهن وكيفية استخدامها هي الأساس"، وتضيف السيدة ملك الحوت مديرة برنامج التدريب: "المهمّش ليس جاهلاً".
تشرح عن البرنامج، مشيرة إلى أنه لا ينظر إلى الفئة المستهدفة المنتمية إلى الطبقة الوسطى ودونها كجهلة فهم بحاجة إلى تدريب وعلم، بالإضافة لذوي الاحتياجات الخاصة فلديهم مكان في المؤسسة.
توضح السيدة ملك عن التدريبات المختلفة والمتنوعة التي تعنى بالمهارات الحياتية أولاً، والمهن التجميلية ثانياً كتصفيف الشعر والماك آب والمهن العملية كصيانة اللابتوب وصيانة المحمول وغيرها، إضافة إلى هذه التدريبات نجد قسماً متخصصاً بالقروض التي تتراوح من 300 دولار إلى 15 ألف دولار وتدفع عبر الـOMT، الذي هو ضمن منظومة الخدمة المتكاملة.
وعندما تغوص أكثر في تفاصيل برنامج القروض فهو يتميز بتشجيع المبادرات، فبالنسبة إلى المؤسسة لقد تم دعم والمساعدة في إنشاء أكثر من 10 آلاف مؤسسة حتى يومنا هذا.
تعتبر ملك أنه بمجرد البدء بالتدريب "نساعد المستفيدين على تطوير أنفسهم وتفاعلهم الاجتماعي".
فكرة النمطية الجنسية قائمة بين الفتية والفتيات، فهناك نساء تتدرب على مهن للشباب نمطياً والعكس صحيح.
فتمكين المرأة نصب أعين الفريق، حتى لو كلّف الأمر إحالة بعض الحالات الاجتماعية إلى الشؤون الاجتماعية. مطلقة ، عزباء، أم، زوجها في حالة صعبة: المؤسسة تدعم العجلة الاقتصادية.
لِمَ التدريب؟ الهدف خلق أجيال تعتمد على نفسها، عصاميين. التدريب يضع وفق مديرة البرنامج المستفيدين على الطريق المهني الصحيح، علماً أن "صاحب العمل لا يظهر اهتماماً بجهد الموظف؛ إذ تكون نظرته دونية، فرئيس الشركة يرى الممتهن على مستوى اجتماعي مغاير له فيعامله بطبقية، وهذه الذهنية تتطلب حملات توعية من أجل سوق عمل أفضل، وتزيد أن "مثل هذه التوعية لا تستطيع مؤسسة مخزومي تحملها وحدها على الدولة المساعدة".
لدى المؤسسة أيضاً برامج مدعومة من undp وunhcr ومن unicef. عالم متكامل لدى مخزومي، إلا أنه على الرغم من تكامل المحيط المربوط بوزارة العمل، والصحة، والتربية ومنظمات دولية، تبقى النظرة في المجتمع "أنا أحسن منك" طاغية ولا أريدك في مرتبة اجتماعية وعلمية أعرق.
وعلى الرغم من هذا الواقع الاجتماعي تقول ملك: إن العمل مستمر على التدريب على مهارات من خلال المهن، فإن المؤسسة تتواصل مع أصحاب العمل؛ حيث يبدأ المتدرب بالتطبيق على المهنة مباشرةً.
تخضع المؤسسة مثل جميع المؤسسات إلى تقييم ومتابعة حتى المتخرجين كذلك الأمر، وهذا ما يبقي المنظومة على معيار دولي.
قصص نجاحات عالم التدريب هي ما يميّز المجتمعات المدنية، لا جسم موحد في لبنان وهيكلية موحدة للمجتمع المدني، علماً أن الدولة اللبنانية بعد انتخاب رئيس الجمهورية استحدثت لجاناً متنوعة تستهدف النشاط الاجتماعي لتنظيمه، فمخزومي يعد نفسه جزءاً من هذا المجتمع المدني الذي تنقصه الرؤية، الأسعار المخفضة والتدريب شبه المجاني يجعل برنامج التدريب في عداد هذا التصنيف.
هذا التفكير غير الربحي جعل فئة كبيرة من المجتمع المدني قائماً، ضخ الدم والتدريبات لا يكون دون تقييم ومتابعة لتحديد الأخطاء، وإلا ذلك يكون شكلاً من أشكال صرف المال للإبقاء على الجمعية أو المؤسسة / شركة قائمة فتصرف أموالاً على تدريبات كشكل من أشكال التهرب الضريبي؛ لهذا تحدد الجمعيات أي تدريب تريد عبر تقييم داخلي يقوم به متخصص في المتابعة والتقييم، أو تتم الاستعانة بمستشارين خارجيين في كلتا الحالتين المقيّم يحتاج إلى دعم من فريق عمل أو برنامج عمل باعتبار أنهم يمتلكون القدرات والمعرفة اللازمة للتطبيق وفقاً لخبرة سامر حشيمي، المتخصص في التقييم والمتابعة الذي يستند على نتائج التقييم ليتم اتخاذ قرار تدريب مدربين، باعتبار أن الجمعيات تقوم ببناء القدرات لفريق عملها، وفي هذه الحالة الذين يقومون بالتقييم يتم تدريبهم على المتابعة والتقييم، لكن هذه الحالة المثالية.
لا خبز في المجتمع المدني، لكنه قد يدلك عليه، بمعنى لا توجد وظيفة ثابتة في المجتمع المدني كالشركات، والتوجه لمهنة معينة، غير أن بناء القدرات بالمجتمع المدني، على الرغم من أخطائه، يمهد الطريق لمسار مهني أكثر احترافية، فمثلاً قد تجد بروفيسورة ليلى عبود تمكّن نساء على العمل المهني ضمن برنامج للـUNDP، التزمن أو لم يلتزمن وضعتهم على سكة المسار المهني من بوابة المجتمع المدني.
أوجدت شركات تقدم تدريبات حلولاً أكثر احترافية من الواقع الاجتماعي مع صفر تكلفة الذي تقدمه الجمعيات، وذلك عبر العمل على نواحٍ معينة مهنية بدل حتى مطالبة الحكومة بها، كيف أوجدت الشركات هذه حلاً بالتدريب؟
ممكن عبر التدريب والتغيير بالذهنية انتقال موظف من العمل في منظمات غير ربحية إلى شركات أكثر احترافية عبر فكرة المسؤولية الاجتماعية للشركات عبر التدريبات هذه، والمراقبة والتعرف حلّتها ريما عواضة (شركة تدريب ICTN).
ينتقل لبنان بمجتمعه المدني إلى واقع محترف، ما عادت الشوارع السبيل الوحيد لتحقيق المطالب. فتنمية القدرات وفرض سياسات عمل على الدولة والشركات مفتاحها التدريب. من يريد أن يتعلم، فيكافأ وظيفياً إيجابياً أم يقيّم سلبياً، هذا هو السؤال فقط.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.