تتواصل تحقيقات رجال الشرطة لمعرفة نوعية السلاح الناري الذي استخدمه ستيفن بادوك، منفذ هجوم لاس فيغاس، الأحد 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017، الذي أودى بحياة 59 شخصاً على الأقل، وأصاب أكثر من 500 آخرين.
السرعة التي اتّسم بها إطلاق بادوك للنار، تشير إلى استخدامه إما سلاحاً أوتوماتيكياً كاملاً -وهو أمر تشدد القوانين الأميركية ضبطه بصرامة- أو أنه استخدم سلاحاً شبه أوتوماتيكي، لكن مع جهاز لتسريع وتيرة إطلاق الرصاص، وذلك وفق ما قاله خبير الأسلحة النارية الأستاذ مسعد أيوب في حوار مع صحيفة الغارديان البريطانية.
وأضاف: "كان أسرع من أي سلاح شبه أوتوماتيكي آخر، مهما كانت سرعة الرامي في ضغط الزناد كبيرة".
وبحسب ما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فإن القوانين الأميركية تنص على تشديد الضبط والرقابة والضرائب والتعقب، المفروضة على الأسلحة الأوتوماتيكية التي تُطلق بضغطة واحدة من الزناد عدةَ طلقات في آنٍ واحد.
أما البنادق شبه الأوتوماتيكية التي تطلق طلقة واحدة مع كل ضغطة زناد، فعلى العكس من سابقتها هي شائعة الاستخدام ومتوفرة بكثرة.
وعلى عكس بعض الولايات، فإن ولاية نيفادا الأميركية لا تشدد قوانينها على الأسلحة، بل تعد أنظمتها صديقة لهواة السلاح، وهي لا تحظر بيع "الأسلحة الهجومية"، وهي أسلحة مدنية شبه أوتوماتيكية، لكن مصنوعة بحيث تشبه الأسلحة العسكرية، وفق ما ذكرت الغارديان.
وعن استماعه لأصوات مقطع الهجوم المصور، قال خبير الأسلحة أيوب إن أصوات الأعيرة النارية "لا تبدو منتظمة التتابع مثلما هو الحال في الأسلحة الأوتوماتيكية كالـM-16 أو الـAK-47".
وتابع: "ثمة عدم انتظام في وتيرة إطلاق الأعيرة".
ولعل بادوك استخدم جهاز Hellfire أو جهاز bump-fire بإلحاق أي منهما ببندقية عادية شبه أوتوماتيكية، ما يسرّع من وتيرة الإطلاق، حسب قول أيوب الذي أشار إلى أن هذه الأجهزة قانونية مشروعة الاستخدام، إلا أنها نادرة الاستخدام على يد القناصين والرماة الجادين "فمن الصعب الإطلاق على الهدف بدقة بهذه الأجهزة، فيما القناصون والرماة الجادون يريدون توخي الدقة". وقال عن الأجهزة إنها "ليست واسعة الشعبية"، لكنها "شيء قد يرغب هاوي الأسلحة باقتنائه".
ويقع تحديد الأسلحة المُستَخدَمة على عاتق المُحقِّقين الذين يفحصون مسرح الجريمة، بما يتضمَّن غرفة الفندق التي تناثرت فيها الخراطيش المُستَخدَمة.
وتدل مدة الرشقات، كما جاءت في التسجيلات، على أن بادوك لم يكن يهتم كثيراً بالوصفات العسكرية لاستخدام البنادق الآلية. فمن الصعب السيطرة على الإطلاق السريع الدائم للنيران، كما يتسبَّب ذلك في تسخين الكثير من الأسلحة بسرعة، خاصةً الخفيفة منها.
وعلى موقع شركة Bump Fire Systems المصنعة لأجهزة تسريع الإطلاق الناري إعلانٌ عن المنتج، تقول فيه إنه يعطي "تجربة مطابقة للإطلاق الأوتوماتيكي الكامل" بشكل "قانوني تماماً" مقابل ثمن 99.99 دولار.
وقال أيوب إن نظام Hellfire لتسريع الأعيرة النارية يستخدم ذراع تدوير يدوية لضغط زناد السلاح أسرع من قدرة الرامي، وهذا ما يفسر، حسب أيوب، التباين الظاهر في سرعة إطلاق النار.
أما الأسلحة شبه الأوتوماتيكية المصنعة لتبدو كـM-16 أوتوماتيكية كاملة فقد كانت نقطة جدل سياسي حامٍ طوال عقود من الزمن، حيث يرى الديمقراطيون أنه ينبغي حظرها، فيما يرى مناصرو حق حمل السلاح أن الأسلحة شبه الأوتوماتيكية مثل الـ AR-15 ليست أخطر من حمل بنادق الصيد شبه الأوتوماتيكية، التي ليست محل جدل سياسي.
ولـ10 سنوات وتحت قانون حظر أسلحة الهجوم الفيدرالي الصادر عام 1994 فقد فرض الكونغرس حدوداً على إنتاج ومبيع أنواع معينة من البنادق شبه الأوتوماتيكية، إضافة إلى مخازن الطلقات الأوسع. وقد سمح الكونغرس أن تنتهي مدة ذلك القانون عام 2004 دون تجديد، فيما ظلت ولايات فردية تمارس وتطبق حظراً خاصاً بها على أسلحة الهجوم.
وكان قانون عام 1994 قد كُتب بطريقة تسمح لمصنعي الأسلحة بتسويق وبيع أسلحة شبيهة بالطراز العسكري، مع إضفاء بضعة تعديلات صغيرة عليها كي تصبح متماشية مع قانون الحظر فلا ينطبق عليها. كذلك أعفى قانون الحظر الأسلحة المرخصة قانوناً وذخائرها المشمولة تحت بنود الممنوعات التي سبق للأميركان شراؤها واقتناؤها قبل صدور القانون.
لكن بعيد حوادث إطلاق النار السابقة، طالب بعض الديمقراطيين الكونغرس بإعادة فرض حظر أوسع على البنادق شبه الأوتوماتيكية المشابهة للأسلحة العسكرية، لكن وزارة العدل وجدت في تقرير باحث أجرته لتقييم تلك الأسلحة، أنه لا دليل واضحاً على تقليلها لحجم العنف، وخلصت إلى نتيجة أنه حتى لو فُرِض حظرٌ أكثر صرامة من سابقه، وكان له تأثيرٌ يصون حياة الناس، فإن هذا التأثير "سيكون على الأغلب صغيراً في أفضل الأحوال، بل ربما أصغر من أن يُقاس قياساً موثوقاً يُستند إليه".
وتُرتكب معظم جرائم الأسلحة النارية في الولايات المتحدة باستخدام أسلحة نارية عادية، أما البنادق على تعدد أنواعها فلم تستخدم إلا في 3.5% من جرائم الأسلحة النارية بين عامي 2010 و2014، وفق تحليل أجرته الغارديان البريطانية على بيانات لمكتب التحقيقات الفيدرالية FBI.