نشر الكاتب السعودي جمال خاشقجي، في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، مقالاً علَّق فيه على سماح المملكة للمرأة بقيادة السيارة لأول مرة في تاريخ السعودية، معتبراً أن الإصلاحات لا ينبغي أن تتوقف عند هذا الحد، منتقداً من جديد حملات الاعتقالات الواسعة في المملكة.
وفي حسابه الرسمي على موقع "تويتر" نشر خاشقجي، اليوم الأحد، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017، المقال مترجماً للغة العربية.
وأعرب عن سعادته للسماح للمرأة بقيادة السيارات، وقال إنه شارك لسنوات في حملات تمنح النساء هذا الحق، وتحدث عما تعرَّضت له النساء السعوديات أثناء مطالبتهن سابقاً بالسماح لهن بالقيادة، حتى إنهن أصبحن منبوذات.
خاشقجي انتقد تبريرات المسؤولين السعوديين سابقاً لرفضهم السماح للمرأة بالقيادة، وقال: تم نبذ هؤلاء النساء من قبل المسؤولين الحكوميين، الذين دائماً ما ادعوا أنهم يتعرضون لضغوط من رجال الدين المحافظين. ولكن السهولة التي تمّ بها رفع الحظر طويل الأمد عن قيادة المرأة تظهر بوضوح أن للحكومة سلطة سياسية (والكلمة الفصل) في دفع الإصلاحات قدماً".
وطالب الكاتب السعودي من أساء للنساء السعوديات وأذلهن بالاعتذار، وقال إن على الحكومة والشعب السعودي تكريمهن.
تغييرات مفاجئة
وكشف خاشقجي عن المشهد الذي لطالما حلم به في بلده السعودية، وقال: "شهدت المملكة العربية السعودية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، وللمرة الأولى أيضاً، مشاركة العائلات باحتفالات اليوم الوطني. كما أن الشباب رقصوا في الشوارع، وعلت نغمات الموسيقى الصاخبة. كان هذا مشهداً لطالما حلمت به، لكن لم أجرؤ على الأمل بأنه سيتحقق في حياتي".
واعتبر أن هذه التغييرات مفاجئة بشكل غير متوقع ومرحب بها على نطاق واسع في البلاد.
ولفت خاشقجي في مقاله إلى أن الإصلاحات التي ينبغي أن تطبقها المملكة يجب ألا تتوقف عند السماح للمرأة بقيادة السيارة، إذ انتقد حملة الاعتقالات الواسعة التي شهدتها المملكة، وندَّد باعتقال رجل الأعمال الثري جميل فارسي، الذي قال عنه إن "واحداً من عشرات السعوديين من كل أطياف الفكر السياسي، متهمون بعدم تقديم دعم غير مشروط لسياسات الحكومة".
وأشار إلى أن العديد من هؤلاء المعتقلين انتقدوا حملة الحكومة السعودية ضد قطر، وهاجم وسائل إعلام -لم يسمها- بسبب "شيطنتها" للمعتقلين السعوديين على مواقفهم السياسية.
وقال إن "شيطنة المعتقلين على وسائل الإعلام الاجتماعية وفي المؤسسات الإعلامية الرئيسية، نقلت النقاش إلى الظل. هذه الحوارات تحدث حالياً بهدوء، بشكل سري، كي لا ينتهي أصحابها على القائمة السوداء الرسمية. السعوديون مطالبون بتسمية أي شخص غير متيّم بآراء الحكومة. حتى إن للقائمة السوداء الهاشتاغ الخاص بها. إنها حالة أورويلية غريبة".
كبت الآراء
وأكد خاشقجي أن مساحة إبداء الآراء، خاصة تلك التي تتعارض مع سياحة الحكومة السعودية كانت متواضعة، إلا أن "هذه المساحة اختفت مؤخراً، واختفاؤها لم يلفت الانتباه مثل الإعلان عن السماح للنساء بالقيادة"، وفق قوله.
وختم خاشقجي مقاله بالدعوة إلى التركيز على ارتفاع معدل البطالة المذهل في السعودية، وتزايد حجم القطاع العام، والتنويع الاقتصادي المتأخر، والتحوّل الحاصل في الأعراف الاجتماعية.
وقال إن "كل هذه القضايا تحظى بمناصرة ولي العهد محمد بن سلمان، وتمثله في الداخل والخارج". وأضاف: "لكن عمليات الاعتقال هذه وما يتصل بها من إسكات حاد للمناقشة والنقاش، ستقوض بشدة علامته الشخصية الفارقة كزعيم شاب وحيوي وقائد يتطلع إلى المستقبل".
وكانت المملكة قد شهدت مؤخراً حملات اعتقالات واسعة طالت رجال دين بارزين كـ الداعية سلمان العودة، الذي ما يزال معتقلاً منذ 10 سبتمبر/ أيلول الماضي.