من أسباب تخلُّف الأمة وشيوع الفساد في أوساطها، هو تخلّيها عن المبادئ والأخلاق.
أخص هنا بالذكر المجتمع المغربي، بحكم أني أعيش بالمملكة وخالطت كثيراً من فئات الناس، فبعضهم طيّب وآخر عديم الإحساس، بَنّاء يشكل على المقاس، وآخر يشيد بدون ساس، مسؤول غارق في النعاس، وفقير يرتدي رث اللباس، عاطل ملأ الذهن والكرّاس، وغبي ذو نفوذ وحرّاس، فلاّح حكم عليه بالإفلاس؛ لأن النهر جرف الغلة والأغراس، والوزير ينشط في الحفلات والأعراس.
هذا ما جاد به عقلي وقال، يبقى فساد الأمة حقيقة بلا جدال، وقبل طرح السؤال: كيف نغير الحال؟ دعوني أعطي أكثر من مثال، على أخلاق بسيطة أضحت إلى زوال.
أستهل برد التحية، فكثيراً ما تدخل على قوم بمتجر أو مقاطعة أو غيرها، فإذا ألقيت السلام لم يجِبك أحد، بل إن البعض ينظر إليك باحتقار كأنك جئتَ بصنيع الكفار. ونبقى في المتجر، فأحياناً يكون الباقي عند الأداء أكثر مما يجب أن يرده لك البائع، فيفرح الزبون بمال زائد حرام، ولا يعيده، والعكس صحيح.
وفي الباص، الذي اكتظ بالعباد وغاص، امرأة حامل تنتظر الخلاص، من عذاب الوقوف الذي أنهك ركبتيها، فلا ترى شاباً رشيداً يقوم ليعطيها مكانه، ولا رجلاً شهماً يعطف عليها.
وفي الزقاق، فتاة تزينت فكشفت الساق، ووضعت العطر ومشت في الأسواق، تدعي التحضر وسمو الأخلاق، فإذا شربت الصودا رمت القنينة في الشارع فَرَاق، ما تبقى منها على الأرض وربما أصاب قطا في سبات فاستفاق، سلة المهملات قربها، فكيف الوفاق؟ لو رميت النفاية ببابها، لقالت: شيء لا يطاق.
وما بال شباب دائماً في سباق؛ لتبني أخلاق الغرب وما لهم من واق، إذا دعوتهم لبر صاحوا: عمل شاق، وإلى "موازين" يتهافتون فقد صلح لهم وَلاق.
عديدة الأمثلة في هذا السياق، لكن قلبي بما ذكرت ضاق، نسأل الله الهداية، وحسن الإنفاق، في الوقت والمال، فيوماً سعيداً يا رفاق.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.