في زحام الحياة، ومع تسارع خطواتنا نحو كسب العيش ونيل الحياة السعيدة، نفقد كثيراً ممن أحببناهم وصادقناهم في محطات العمر المختلفة؛ إما لانتهاء الدراسة، أو اختلاف مجالات العمل، أو بسبب الغربة والترحال بحثاً عن لقمة العيش، وقد يكون التضاد في الأفكار والمبادئ سبباً آخر يؤدي لإنهاء بعض الصداقات، فهل من سبيل لعقد صداقات جديدة شبيهة لما فقدناه، أو على الأقل قد تعيد إلى أذهاننا شيئاً من بريق الماضي الذي لا يمحوه الزمن.
التمس الأعذار
لأن سرعة الحياة تختلف من زمن لآخر، والمشاغل تتزايد، لذلك صديقك الحالي ليس هو الشخص نفسه منذ عشر سنوات، فقد تزوج وانخرط في مجال العمل، ومرت عليه سنوات عديدة ومواقف عصيبة أثرت عليه وعلى شخصه، والأمر نفسه بالنسبة لك، اسأل نفسك هل لك نفس الاهتمامات السابقة التي كنت تلهث وراءها منذ سنوات؟ وهل تمتلك الحماس لفعل بعض الأشياء وترك غيرها؟ هل تغير كثير من أفكارك بل قد يكون امتد الأمر لبعض المبادئ والقواعد في حياتك وأرغمت على تعديلها حتى تواكب متغيرات العصر والفكر الجديد.
أخ مقرب وأصدقاء كثيرون
هل يمكن أن يوجد بدائل للأشخاص وخاصة المقربين منهم؟ قد لا نعتقد ذلك، بل على الأحرى لنقل لا نريد ذلك، ولكنها الحقيقة، فلو استقام الأمر والجميع سواسية وفي نفس المرتبة، فهل ننسى الشدائد التي قد تفرقكم عن بعضكم البعض؟ هل نسيت الموت؟ حاول أن تصادق العديد من النفوس الطيبة لتُعينك على العمل الصالح، وتذكرك بأن في الحياة ما يستحق أن نناضل من أجله، وعلى الجانب الآخر يبقى الأخ المقرب أو أقرب صديق أمراً واقعاً لا مفر منه، فهو يشبه الزهرة الزاهية من أرض جرداء لا تستطيع أن تطأها خوفاً من أن تخدش جذورها، وتخشى أن ترويها بالماء حتى لا تهرم أو ينبت غيرها لينافسها على تربة قلبك.
احرص على التواصل من أجل الوصال
لا تنتظر مقدمات أو محاولات من غيرك للاتصال، فطالما كان بمقدورك أن ترفع سماعة الهاتف، وتتواصل مع من تحب، فلا تتردد، واجعل الاطمئنان على أصدقائك واحداً في لائحة اهتماماتك الرئيسية، وابتغ وجه الله لإدخال السرور على قلوبهم، وثق جيداً بأن من يبدأ في التواصل لن يعيش وحيداً أبداً فقد أصبح جزءاً في حياة من حوله لو غاب عنهم لن يغيبوا عنه.
نقاط الاتصال
اجعل بينك وبين أصدقائك بعض الاهتمامات المشتركة، وتذكر ما يدور ببال كل منهم، فالبعض منهم قد ابتلاه الله بالأمراض، والآخر لا يجد سعة في الرزق، وغيره يريد أن يترك البلاد، فشاركهم همومهم وامنحهم بصيصاً من الأمل والاهتمام، مما سيكون له عظيم الأثر في حاضر ومستقبل علاقة الصداقة بينكم.
تقرب لأسرة الصديق
لا يكفي أن يكون وجودك بجوار صديق هو منتهى العلاقة، بل تقرب لعائلته وصادق أغلبهم، وتعامل معهم باحترام وتوقير، مما يزيد من محبة رفيقك لك، ويقطع أشواطاً كثيرة لتوطيد العلاقة فيما بينكما.
اصدُق صديقك
لا تمدح صديقك أو تشجعه على فعل ما لا يليق به أو بكما معاً، وكن له صادقاً ونصوحاً، ولا تغرر به وابتغ وجه الله فيما تفعل، فالكلمة أمانة، والتوجيه والنصح واجب كل مسلم أو شخص مسؤول، ومع مرور الأيام ستبقى نصيحتك له دافعاً على إبقاء ما بينكما إذا عصفت بعض المواقف بعلاقتكما المستقرة، أو تذكر كيف كانت كلماتك سبباً في أن لا تزل قدماه عن الطريق المستقيم.
كلمة السر في العلاقات
كلما كانت العلاقة مبنية على الحب في الله وبعيدة عن المصالح أو المنافع، طالت مدتها وبورك فيها، والعكس صحيح، لذلك انظر لقائمة الأصدقاء واسأل نفسك من يربطك به علاقة لا يشوبها أي سبب لو عرفتهم فضعهم في قائمة أصدقاء العمر.
وفي الختام؛ لأن الأرزاق مقسمة بين الخلائق، فالأصدقاء الطيبون رزق عظيم يناله من أخلص في تعاملاته، وسعى لأن يكون الحب في الله المجرد من المصالح هو أساس علاقاته الشخصية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.