بعد سنوات من التحدي والنضال والإصرار والمواجهة ها هي السعودية تصدر أمراً ملكياً يسمح للمرأة بقيادة السيارة، وبمباركة هيئة كبار العلماء ومجموعة من شيوخ الدين.
سمعت الخبر ولم أصدق ما قرأت، دمعت عيناي من شدة الفرحة!
لما انتابني كل هذا الشعور بالانتصار والبهجة وما دخلي أنا لست بسعودية، ولا أعيش على أراضيها، لكنه وببساطة الانتماء للأخوات والصديقات اللواتي كنت أسمع وأقرأ معاناتهن كل يوم.
عن تلك المواقف المحرجة والمخجلة التي يتعرضن لها فقط؛ لأن حركتهن مقيدة وأمرهن مرهون بسائق يُفرض عليهن التعايش معهُ مُجبرات لا مُخيرات.
البعض ينظر للقضية من جانب سياسي بحت، أو يعتقد أنها ليست ذا أهمية بدوري أقول لك لا دخل لنا بما يجري من خلف الكواليس حول طاولة السياسة!
ما زال القرار يصب في مصلحة المجتمع والشعب فهو خيرٌ وأول الغيث قطرة، لتنبت البذور وتبدأ بالنمو شيئاً فشيء حتى تزهر بواقع كان البارحة حُلم.
وهذا ما حصل بالضبط في السعودية هنالك نساء واجهن أبشع المواقف والأذى النفسي، فالكثير منهن تعرضن للاعتقال والسجن من دون ذنب أو مبرر يذكر من قبل السُلطات السعودية، فقط لأنهن طالبن بحق مشروع لا يخدش الحياء أو يسيء للدين الإسلامي بشيء.
بعض النساء السعوديات في ظل هذا القرار يعشن في صدمة من عدم استيعاب الأمر والبعض الآخر منهن يأخذنه على محمل السُخرية.
أما المحاربات أمثال (لجين الهذلول، منال الشريف، هالة الدوسري) وغيرهن الكثير اللواتي كن كالزهور في ساحة المعركة تعرضن للتخوين والسب والقذف من قِبل مجتمعهن بشكل بشع جداً.
ما زلت أذكر كيف كان التصعيد من قِبَل الرأي العام السعودي ضدّ لجين حين قادت السيارة برخصتها الخليجية من الإمارات إلى السعودية ودخلت المنفذ الحدودي حتى تم إيقافها للتحقيق معها ثم اعتقلتها السلطات وانقطعت أخبارها لعدة أشهر!
قصص عن ظلم المرأة السعودية لا تُعدّ ولا تحصى ولا يسعني ذكرها هنا.
أمثال هؤلاء النساء سوف تبقى تحمل رايات القضية للسير في الطريق لإسقاط الولاية وقضايا أخرى أكثر أهمية.
وأيضاً لا ننسى أن الرجال في السعودية كان لهم دور مهم في هذا الجانب على الرغم من النقد والمضايقات التي كانوا يتعرضون لها من أبناء جنسهم، وكأن نصرتهم لقضايا المرأة في سبيل أن تنال حقوقها كما يجب خطيئة لا تغتفر، ومن الشخصيات التي طالبت بحق المرأة في القيادة (د. عبد الله الحامد، د. محمد القحطاني، عبد الله المالكي) وجميع هذهِ الأسماء هم رهن الاعتقال في الوقت الحالي لأسباب غير معلومة ولتعبيرهم عن الرأي، وإن كان بصورة محايدة وخجولة!
فمن يعتبر أن الساكت عن الحق شيطاناً أخرس، عليه أن يسكت عن الحق، أو يقف مع الباطل ليكون شيطاناً لكنهُ ملاك بالنسبة لبعض الدول والأنظمة.
مما ذكر يتضح لنا أن القضية أكبر من قيادة المرأة لسيارة، مثلما كان تعليم المرأة السعودية في يوم من الأيام ممنوعاً وغير ممكن حتى عام 1956م، في وقتها حارب مجموعة من الناشطين وشيوخ الدين لكي تستطيع المرأة السعودية أن تتعلم وتخرج من الجهل، ويكون لها دور في الحياة ومن ضمن هؤلاء الشيوخ (سلمان بن فهد العودة)، الذي تم سجنهُ منذ فترة لأسباب مجهولة غير واضحة أو معلومة حتى الآن.
وأخيراً المجد للحقوقيات السعوديات اللواتي حاربن في سبيل الوصول لهذهِ اللحظة.
نحن نؤمن أن القضايا الحقيقية لا بد أن ترى النور ولو بعد حين، على الرغم من الرفض والإقصاء من قِبَل المجتمع ونبذهن في وقتها.
لكنها نهاية تستحق الفخر، وأيضاً التوقيت مناسب وذكي على كافة الأصعدة بالنسبة للمجتمع السعودي وأمام المجتمع الدولي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.