مبادرة لصحفي من أصول عربية تنقل صوتا انتخابي لألمانية يداً بيد من بيروت إلى ألمانيا… هكذا ساهم الآلاف في إيصاله

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/26 الساعة 02:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/26 الساعة 02:09 بتوقيت غرينتش

على طريقة العصور القديمة في إيصال الرسائل باليد، أو سباقات التتابع بألعاب القوى، لكن بمعطيات حديثة احتُسب صوت انتخابي في ألمانيا، الأحد 24 أيلول/سبتمبر، بعد أن عبر آلاف الكيلومترات من العاصمة اللبنانية بيروت إلى ولاية بادن فورتمبرغ جنوب غربي ألمانيا.

الأمر كلّه بدأ بحملة أطلقها صحفي ألماني عربي الأصل على حسابه بموقع تويتر، أسهم بنجاحها المئات.

فبعد أن وصلت أوراق التصويت عبر البريد بشكل متأخر في الأسبوع الماضي إلى سيدة ألمانية تدعى ناتالي، مقيمة في بيروت بقصد العمل في مشروع ثقافي، بدا إرسالها بالبريد ووصولها في الوقت المناسب لألمانيا أمراً مستحيلاً، إذ إن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً.

وبدت فرصة مشاركتها في التصويت ضئيلة، التقت ليلة الجمعة قبل 48 ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع، على الساعة السادسة من يوم الأحد، مراسل مجلة تزايت محمد أمجاهد، الذي كان هناك في رحلة عمل، لتبدأ ما وصفه موقع "يتزت" التابع لصحيفة زود دويتشه تسايونغ إحدى أجمل قصص انتخابات 2017 وأكثرها تشويقاً، ليحاول محمد إيصال الصوت بنفسه.

وقال محمد لـ"عربي بوست"، إن السيدة التي هي صديقة إحدى صديقاته، أعطته الرسالة يوم الجمعة، على أن يرسلها بالبريد من ألمانيا يوم السبت إلى بلدة ايفرنغن-كيرشين على الحدود الألمانية الفرنسية.

وعندما وصل يوم السبت لبرلين وتوجَّه إلى مركز البريد في هيرمان بلاتز قصد إرسالها، قالت له الموظفة إن ذلك يكلف 70 يورو تقريباً، نظراً لإرسالها بالبريد السريع، وفي فترة نهاية الأسبوع، مضيفة أنه ليس هناك ضمانة على أن تصل في الوقت المناسب قائلة: "لنأمل أنها ستصل".

ولضمان أن يُحسب صوتها أيضاً، على مبدأ كل صوت يستحق الكفاح لأجله في الانتخابات الديمقراطية، تعهد الصحفي بإيصالها باليد، وهكذا بدأ بعد دقائق من ذلك دون أن يفكر في الأمر كثيراً حملة على حسابه بموقع تويتر طالباً المساعدة في تناقل الوثائق باليد.

وبيّن في حديثه مع عربي بوست، أنه كانت هناك صعوبة في إيصالها لأن البلدة التي كان يجب أن تصل الرسالة لها بعيدة جداً عن برلين، ولم تكن مدينة كبيرة تشهد حركة مواصلات نشطة، وليس هناك رحلات مباشرة من برلين إلى هناك، سيما أن الوقت المتبقي كان قصيراً.

وبعد أن بدا أن مساعيه ستنجح، وكتب أحدهم على تويتر أنه متوجه إلى ذات الولاية بالقطار السريع، انقطع الاتصال به بعد أن فرغت بطارية هاتفه المحمول من الشحن، لذا لجأ محمد في محطة القطارات الرئيسية ببرلين إلى سؤال المسافرين للولاية بشكل عشوائي معتمداً على الحظ.

وقال محمد إنه بعد أن سأل أكثر من 40 مسافراً، وظن البعض أنه بحاجة للمال ويبحث عن مساعدة، تمكن من العثور على سيدة "لطيفة" قبلت أخذ المظروف الذي يحوي الأوراق إلى مدينة أولم في الولاية المذكورة، طالبة منه أن يخبر أحدهم ليتسلم منها المظروف هناك.

وأضاف أن المئات من الناس أرسلوا له رسالة وكتبوا ردوداً له كثيراً فكاد حسابه على تويتر "ينفجر" على حد وصفه، إلى حد وصل بالبعض إلى التشاجر على من سيحظى بأخذ الرسالة وتسليمها، من مدينة أو بلدة صغيرة إلى أخرى، وفتح آخرون مجموعة على موقع فيسبوك للتناقش حول ذلك.

ومرَّت الرسالة بعد مدينة أولم، ببلدات صغيرة كفردريشهافن وككونستانز، وقال محمد إنه عندما وصلت الرسالة إلى مكان قريب من الهدف، وصلته العديد من الرسائل التي يعرض أصحابها الذهاب بسياراتهم لأخذ الرسالة وتسليمها، لكن شقيق السيدة هو في النهاية من تسلمها.

لا يهم لمن الصوت!

وأشار الصحفي الألماني "أمجاهد"، وهو ابن عائلة من أصول مغربية هاجرت إلى ألمانيا قبل عقود، إلى أنه كان من اللافت للنظر ومن الجميل أنه لم يُسأل أبداً من قبل المتطوعين لمن ستصوت صاحبة الأوراق، مؤكداً أنه لم يكن حزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وأنه ما كان لينقل الأوراق لو كان الأمر كذلك، لأنه ديمقراطي.

وقال إن السيدة كانت متأثرة جداً يوم أمس بالأمر وسعيدة جداً، وبدت تبكي وهي تتحدث معه عبر برنامج الواتساب، فيما كانت موجودة في جبال لبنان، مع صديق.

ونشر محمد على حسابه صوراً لكثير من المحطات التي توقفت فيها الرسالة، التي أرفقها بالشوكولاتة التي لعبت دوراً تحفيزياً على ما يبدو، وتجولت براً وبحراً وفي محطات القطارات، أظهرت أشخاصاً متطوعين سعداء بإيصالها، وأخيراً طبعاً الدليل على التصويت.

تحميل المزيد