فوجئت الأم المسلمة شذى أحمد، بحقيبة تحتوي على 25 دمية بالحجاب مصنوعة يدوياً، بجوار رسالة مجهولة من شخص غير مسلم، أمام باب منزلها في مقاطعة أونتاريو الكندية.
ومن الصعب العثور على دُمى ترتدي الحجاب، لذلك عندما وجدت شذى تلك الحقيبة لم يكن بإمكانها سوى الشعور بالامتنان للشخص الذي ترك لها الدمى وهي لا تعرفه.
فبحسب ما نقلت النسخة الكندية لـ"هاف بوست"، 25 سبتمبر/أيلول 2017، نشرت الأم الشابة صوراً للدُّمى على موقعي فيسبوك وإنستغرام، مُرفقة برسالة من المانح المجهول.
وكانت الرسالة ودودة للغاية، حيث قال نَصُّها: "لاحظت أن الدُّمى التي ترتدي الحجاب يصعب إيجادها على ما يبدو، لذلك أعددت 25 واحدة بسيطة"، وأضافت رسالة الشخص المجهول "نظراً لعدم كوني جزءاً من الجالية المسلمة، فلست متأكداً أن بإمكاني إعطائه إياهم، لذلك اعتقدت أن هذا الشخص قد يكون أنتِ".
وانتهت الرسالة بقول: "أشكرك على كل ما تفعلين، وعلى كونك شخصاً رائعاً".
واستناداً إلى الطابع الشخصي للرسالة، التي جاء بها اسم شذى، فمن الواضح أن ذلك الشخص المجهول يعرفها.
وفي لقاء مع شبكة CBC الإخبارية الكندية، وصفت شذى الدمى المعدّة يدوياً، قائلة إن صانعها "بذل جهداً لإعدادِ الشعر ووضع الحجاب فوقه".
وقد تأثّرت الأم بهذه اللفتة من الشخص الغريب، وتحدّثت على الشبكات الاجتماعية عمّا تعنيه تلك الدمى بالنسبة لها، فكتبت: "في الوقت الذي يقول لي غُرباء أن أعود إلى بلدي، وإنني إرهابية، فقد جعلني ذلك أشعر بالدفء، وذكّرني بأنه دائماً ما يوجد هناك أشخاص جيدون أكثر من هذا النوع الآخر".
وفي الوقت الذي ابتهجت فيه شذى برؤية مجتمعها المُسلم أخيراً ممثلاً في الدمى، أقرّت بمعنى أكثر عمقاً، وراء فعل هذا الشخص الذي لا تعرفه.
وقالت "أن يعرفني شخص، ويعرف ديني، ويمنحنا فرصة هنا، فهذا جعلني أشعر بأنني مُعترف بي، ومقبولة، ومُرحّب بي". وأضافت: "عندما نكون أنفسنا -وهو أمر يبدو بسيطاً ولكنه أصعب شيء يمكن إنجازه- تصلنا إيماءة مثل هذه وتمنحنا القوة التي نحتاجها كي نواصل المسيرة".
وعلى موقع فيسبوك؛ كان الكثيرون مُتأثرين مثلها بلفتة هذا الشخص الغريب العطوفة.
إذ نشر حساب يحمل اسم ميلاني بيستر: "قرأت هذه القصة في الأخبار اليوم.. أخيراً لدينا بعض الأخبار الجيدة! أنا لا أرى هذه لفتة جميلة فقط، خاصة أن أطفال المسلمين بإمكانهم التآلف مع هويّتهم بها، بل أراها أيضاً نموذجاً قيّماً على قبول ثقافات الآخرين لمساعدة الأطفال غير المسلمين".
وعلّقت مُستخدمة أُخرى تُدعى ماري سيمون قائلة: "كم أنها إيماءة جميلة من شخص رائع يمنحها لآخر.. روحان متفانيتان.. لكما حب ممتد".
وقال تعليق آخر من حساب صافي نيشا أكيم "الكثير جداً من الحب. تلك الالتفاتة الصغيرة تمتلئ بالعطف. أنا سعيدة جداً لأن ذلك تمت مشاركته".
وبينما أعرب الكثيرون عن اهتمامهم بحيازة دمية ترتدي الحجاب من أجل أطفالهم، قالت شذى إنها على الأرجح ستتبرّع بها لفصل مدرسي أو مكتبة قد تقدّم رؤية أكثر وضوحاً للمجتمع الإسلامي".
وأضافت شذى في حديثها لشبكة CBC "أود أن تصل إلى الكثير من الأطفال"، وأضافت أنه "حتّى وإن كان ليس بإمكان الكثير من الأطفال اللعب بها، فما زال بإمكانهم رؤيتها في المجال العام، الذي سيرون فيه دمية تمثِّلهم، وشيئاً يمكنهم التآلف مع هويّته. هذه هي الخطة".
ولا يزال هناك افتقار للتنوّع في صناعة الألعاب، وهو ما يفسّر لجوء البعض لإعداد الدُّمى الخاصة بهم. فعلى سبيل المثال في مدينة هاميلتون بمقاطعة أونتاريو، أعدّت أم لطفلة في الخامسة من عمرها تُدعى كوين سي، خطَ إنتاجٍ خاصٍ لدُمى الأطفال ذوي البشرة السمراء.
ونشر الحساب الرسمي لخط إنتاجها على موقع تويتر باسم Queen Dollylama تغريدة، قال فيها "حملة دمى "Her story" قد حانت! أول خط إنتاج للدمى يمثِّل فتيات الأفارقة، ويروّج للفنون".
Herstory Doll Kickstarter campaign is up! 1st 18" doll line representing girls of African Diaspora, promoting artshttps://t.co/0a8Gpj7Lr7 pic.twitter.com/3TGA5WNyCS
— Queen Dollylama (@WSGT_queencee) February 22, 2017
وقالت كوين في حديث مع النسخة الكندية لـ"هاف بوست"، في مارس/آذار، "كانت ابنتي في الخامسة من عمرها في هذا الوقت، وأردت أن أتأكد أنه بإمكاننا إجراء محادثات عن التنوّع والثقافة".
وأضافت: "أنا دُفعت إلى فعل ذلك خصيصاً لأن الكثير من الناس سيقولون "هناك دُمى سوداء البشرة هنا في كندا. عليك فحسب الذهاب إلى المتاجر! وأنا أقول: حسناً.. لا يوجد. ربما يوجد هناك واحدة بين الكثير جداً من الدمى ذات لون البشرة غير الأسود، أو التي لا تعكس هوية شخص من عِرق مغاير".
وفي السنوات الأخيرة، مضت صناعة الألعاب خطوات كي تكون أكثر شمولاً، حيث طُرحت دُمى باربي وكين بأشكال جسد، وألوان بشرة، وتصفيفات شعر متعددة، فضلاً عن دمية متاجر ليجو على الكرسي المتحرّك، ومع ذلك، ما زال هناك الكثير الذي ينبغي فعله قبل أن توصف صناعة الدُّمى بالتنوّع.