تفاوتت ردود فعل اللاجئين، وغالبيتهم من السوريين منذ يوم الأحد 24 سبتمبر/أيلول 2017، على نتائج الانتخابات البرلمانية في ألمانيا، التي جاءت غير مطمئنة للألمان والأجانب على حد سواء، بعد تحقيق التحالف المسيحي، الذي تقوده المستشارة الحالية أنجيلا ميركل، فوزاً باهتاً والحزب الاشتراكي الديمقراطي أحد أسوأ نتائجه على الإطلاق، ودخول حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للإسلام واللاجئين البرلمان، ليكون أول حزب يميني متطرف يدخل البوندستاغ منذ 60 عاماً تقريباً.
فرحة على الطريقة السورية
فوز أنجيلا ميركل بالانتخابات، واحتمال بقائها مستشارةً للمرة الرابعة على التوالي- كانا سبباً كافياً ليعبر بعض اللاجئين عن فرحتهم، فكتب أحدهم على مجموعة البيت السوري في ألمانيا، داعياً السوريين إلى النوم باطمئنان بعد أن فازت ميركل بالانتخابات.
وذهب صاحب أحد المطاعم في مدينة بريمن بعيداً في احتفاله بفوز المستشارة بالانتخابات، مستخدماً تعابير اقتبسها من بلاده سوريا، كـ"تجديد الثقة"؛ ما جعل البعض يتندر عليه.
كتب صاحب المطعم على صفحة البيت السوري في بريمن: "شكراً ألمانيا مبروك ميركل بمناسبة التقدم وتجديد الثقة من الشعب الألماني. وبدورنا، نشارك الاحتفال ويعلن مطعم وحلويات سهارى عن تقديم الحلويات بالمجان، وذلك يوم الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول من الساعه 5 مساء وحتى الساعة 8.. زيارتكم تسعدنا".
وتم تداول صورة لميركل، قيل إن سوريين شاركوها على مواقع التواصل الاجتماعي، كُتب عليها "منحبك"، على نحو ما كان يُكتب على صورة رئيس النظام السوري بشار الأسد سابقاً.
Syrian refugees sharing this Merkel pic in celebration of victory & not letting gains for Linke or AfD get them down. It says "we love you". pic.twitter.com/EZKbFINZZ4
— Oz Katerji (@OzKaterji) September 24, 2017
ونقلت وكالة رويترز عن فاطمة الحيدر، وهي أم لطفلين من دمشق، قولها: "دعَونا أن تفوز ميركل… وربنا استجاب. بالنسبة لنا هي تمثل الحكمة والإنسانية".
وقال أيمن زوج فاطمة ويبلغ من العمر 55 عاماً: "ميركل وضعت منصبها على المحك لتساعدنا… نريد تعلُّم الألمانية والمساهمة في نجاح هذا البلد من خلال العمل؛ لنثبت أنها كانت على حق وأن معارضيها كانوا على خطأ".
وعلِم الزوجان بنتيجة الانتخابات من ابنهما زيد (14 عاماً) الذي تابع القناة الألمانية التلفزيونية عبر هاتفه الجوال؛ لإبلاغ والديه وأصدقائهما بالنبأ فور بدء إعلان نتائج استطلاعات رأي الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع.
وقالت رولا محمد: "عندما أبلغنا زيد أن ميركل فازت أطلقت زغرودة… نحتاج لامرأة في حكمتها بسوريا لإنهاء الحرب".
خطر "البديل"
تعوّد بعض اللاجئين السوريين تناول طعام العشاء بـ"الدمشقي"، وهو مطعم عربي في زونين آليه، وهو شارع طويل بحي نويكولن الفقير في برلين، ويسمي اللاجئون الشارع "شارع العرب"؛ لكثرة لافتات المتاجر العربية فيه، حينما بدأ الإعلان عن النتائج.
بعضهم عبّر عن تخوفه من حزب "البديل لأجل ألمانيا" بعد أن دخل البرلمان، خاصة بعد أن دعت مرشحته الرئيسية، أليس فايدل، إلى إخضاع المستشارة للتحقيق أمام لجنة برلمانية؛ للنظر في قانونية قراراتها بشأن اللاجئين، في حين اعتبر آخرون أنه ليس هناك ما يخشونه حيال ذلك الحزب.
نبيل زين الدين، (32 عاماً)، من حلب، علق على النتائج بقوله: "شعبيتها قلّت بسببنا… نفهم تماماً قلق الألمان. كل ما بوسعنا فعله لطمأنتهم هو أن نكون مواطنين ملتزمين بالقانون. لكننا قلقون أيضاً، كيف ستكون سياسة اللجوء للحكومة الجديدة؟".
وخسر تحالف ميركل المحافظ (33٪ من الأصوات) قرابة مليون صوت لصالح حزب البديل، الذي اعتمد في حملته الانتخابية على انتقاد الإسلام واستقبال اللاجئين، وتعزيز مخاوف الناس من التغيير الثقافي، وحصل على 12.6٪ من الأصوات.
وربما يغيب عن البعض حقيقة أن التحالف الحكومي الكبير نفسه، الذي سمح باستقبال اللاجئين، عمد إلى تشديد قوانين اللاجئين، وخاصة لمّ الشمل حتى قبل الانتخابات؛ في محاولة لاستعادة ناخبيهم من حزب "البديل لأجل ألمانيا".
تطمينات..
ودعا بعض الكُتاب على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم الفزع من حزب البديل، مؤكدين أن من يعمل بجد ويحرز تقدماً في مجال الاندماج بسوق العمل والمجتمع فلن يطوله أي تأثير من قوانين قد يتم إصدارها.
المحامي جلال أمين، المطّلع على شؤون اللاجئين، كتب على صفحته في فيسبوك:
ورأت الصحفية دينا أبو الحسن، في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك، أن الأمر لا يتعلق بجانب الخوف من الترحيل؛ بل "الخوف من شيء أعمق وكثير بشع.."، مضيفة: "خايفة من فكرة أنه جاري يكون واحد من اللي انتخبوا حزب البديل.. أو بياع الخبز.. أو معلمتي بالمدرسة، أو اللي بيعمل دونر بالحارة، أو اللي بيشتغل بمشاريع دعم اللاجئين، أو موظف الاوسلاندر بيهورده اللي رح يقرر مصير أي واحد فينا، أو أو أو.. في مليون مشوه بيشبه البشر شكلاً أعطى صوته لحزب البديل، وهدول عايشين بين الناس. هذا هو الخوف الحقيقي".
وحتى قبل صدور النتائج والإعلان عن الدخول المتوقع لحزب البديل للبرلمان، كتب الصحفي حمزة جرجنازي، في موقع "NOIZZ"، مقال رأي عنوانه "لماذا لست خائفاً كلاجئ من حزب البديل لأجل ألمانيا؟"، شبه فيه دخول الحزب المذكور البرلمان بـ"رغبة أبناء وبنات المجرم الأسد في المشاركة بديمقراطيتنا في سوريا".
وقال إنه في حال نجاح حزب البديل "فلن يعني ذلك بالنسبة لي أن أكون خائفاً بشكل مضاعف عما هو عليه الحال بالنسبة للألماني، وإن كان ذلك الحزب سيحاول قدر ما يستطيع الرمي بي خارج ألمانيا".
وأشار إلى أن خوفه من القبض عليه على أحد حواجز تفتيش "مافيات الأسد" كان أكبر أضعافاً مضاعفة؛ لأنهم لو نجحوا في ذلك لما كان سمع أحد عنه شيئاً بعد ذلك، وأكد أنه على الرغم من أنه لا يحق له التصويت فإنه فخور بعيشه في بلد ديمقراطي، ورؤيته الناس وهم يستطيعون انتخاب من يقتنعون بإمكانية توفيره مستقبلاً أفضل له ويستطيع حماية ديمقراطيته، وحزين على انتخاب البعض لحزب يريد أن يعيدهم إلى عهد سيئ، في إشارة إلى اتهام حزب البديل بالميل إلى النازية.
وكذلك، كتب الصحفي فلاح آل ياس، الذي يعمل في تلفزيون "في دي إر"، المطّلع بشكل واسع على وضع اللاجئين، على صفحته بموقع فيسبوك، الإثنين: "أودّ أن أذكّر كل شخص قلق أو خائف.. تذكر: لو اجتمع سكان الكوكب كي يضروك فلن يضروك إلا بإذن الله .لا تخافوا. كونوا فقط إيجابيين ونشيطين مثابرين واستفيدوا من نصف الفرصة. صدقوني بعد مرور السنوات ستصفو المصفاة، ومن عمل وتعلَّم فسيجد نفسه ثابتاً بقوة، أما من أهمل ذلك ولعب طوال الوقت فستأخذه رياح التغيير معها".