بدء فرز الأصوات في استفتاء كردستان العراق على الاستقلال وسط تهديد باندلاع صراع في المنطقة

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/25 الساعة 17:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/25 الساعة 17:23 بتوقيت غرينتش

صوّت إقليم كردستان العراق على الاستقلال، في استفتاء تاريخي يريد من خلاله الأكراد فتح باب التفاوض من أجل إقامة دولة يناضلون في سبيلها منذ قرن تقريباً، لكنه يهدد باندلاع صراع؛ إثر مطالبة البرلمان العراقي الحكومة الاتحادية بنشر قوات في المناطق المتنازع عليها.

ويُتوقع أن تصدر نتيجة الاستفتاء، الذي شاركت فيه أيضاً محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، بعد 24 ساعة من إقفال مراكز الاقتراع.

وعلى الرغم من أن النتيجة شبه محسومة لصالح الاستقلال، فإن مسعود بارزاني، رئيس الإقليم الشمالي ذي الحكم الذاتي، سبق أن أعلن أن الاستفتاء لن يعني إعلاناً تلقائياً للاستقلال، لكنه سيشكِّل بالأحرى نقطة الانطلاق لـ"مفاوضات جدية مع بغداد" حول هذه المسألة.

ودُعي أكثر من 5 ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الذي جرى في المحافظات الثلاث من إقليم كردستان العراق؛ أربيل والسليمانية ودهوك، كما في مناطق متنازع عليها بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية، مثل كركوك وخانقين في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة صباحاً (05.00 ت.غ)، وأقفلت في الساعة 19.00 (16.00 ت.غ).

وأدلى بارزاني بصوته في ساعة مبكرة من الصباح في أربيل، وبدا مبتسماً وهو يرتدي الزي الكردي.

وأُقيم 12072 مركز اقتراع في عموم إقليم كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها.

"مآسي الماضي"


ويشكّل الاستفتاء الذي دعا إليه بارزاني رهاناً محفوفاً بالمخاطر. وعبّرت دول مجاورة للعراق، مثل تركيا وإيران، عن رفضها الاستفتاء؛ خشية أن تحذو الأقليات الكردية على أراضيها حذو أكراد العراق.

ويتوزّع الأكراد، الذين يقدر عددهم بنحو ما بين 25 و35 مليون نسمة، بشكل أساسي، في 4 دول؛ هي: تركيا وإيران والعراق وسوريا.

وكان بارزاني قال الأحد 24 سبتمبر/أيلول الجاري، إن "الشراكة مع بغداد فشلت ولن نكررها. لقد توصلنا إلى اقتناع بأن الاستقلال سيتيح عدم تكرار مآسي الماضي"، مضيفاً: "توصلنا إلى قناعة بأن أياً كان ثمن الاستفتاء، فهو أهون من انتظار مصير أسود".

في المقابل، أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الأحد، في بغداد، أن حكومته لن تعترف بالاستفتاء على استقلال كردستان.

وفي رد فعل مماثل، صوّت مجلس النواب العراقي، الإثنين، تعبيراً عن رفضه للاستفتاء، على قرار يلزم رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بنشر قوات في المناطق التي استولى عليها الأكراد منذ الاجتياح الأميركي عام 2003.

وأصدر البرلمان مجموعة من القرارات ضد الاستفتاء، أبرزها: "إلزام القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي)، للحفاظ على وحدة العراق، نشر القوات في كل المناطق التي سيطر عليها الإقليم بعد 2003".

ومن الناحية الدستورية، فإن الحكومة باتت ملزمة بالامتثال لقرار البرلمان.

وقال كريم النوري القيادي في منظمة "بدر"، أبرز فصائل الحشد الشعبي، إن "وجهتنا القادمة ستكون كركوك والمناطق المتنازع عليها المحتلة من قِبل عصابات مسلحة خارجة عن القانون ولا تلتزم بأوامر القائد العام للقوات المسلحة"، في إشارة إلى قوات البيشمركة.

وتقع المناطق المتنازع عليها خارج المحافظات الشمالية الثلاث التي تشكل إقليم كردستان العراق، وكانت محط نزاع بين بغداد وأربيل.

وتضم هذه المناطق محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومناطق متفرقة في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين بشمال العراق وواسط في وسط البلاد.

حظر تجول في كركوك


وفي كركوك، انتهى يوم الاقتراع بإعلان حظر تجول بالمدينة.

وانتشرت القوى الأمنية وسط كركوك والأحياء ذات الغالبية العربية والتركمانية التي شملها حظر التجول حصراً؛ لمنع أي احتكاك بين المحتفلين باستفتاء يريدونه مقدِّمة لتحقيق الحلم بدولة مستقلة في المستقبل، وأقليات رافضة للانفصال عن بغداد.

ومساء الإثنين، قال ضابط رفيع في قيادة شرطة كركوك، إن الوضع الأمني في المدينة "مستقر"، مؤكداً أن "حظر التجول سيُرفع خلال ساعات في عموم كركوك".

وأوضح الضابط لوكالة فرانس برس، أن "اللجنة الأمنية في محافظة كركوك فرضت حظراً للتجوال؛ منعاً لوقوع احتكاك أو ردود فعل من هنا وهناك، قد تربك الوضع الأمني وتثير المشاكل في كركوك".

وأضاف: "غداً (الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول)، دوام رسمي في عموم دوائر كركوك، وسيتم رفع حظر التجوال خلال الساعات القادمة، ويعاد فتح منافذ كركوك وعودة الحياة بشكل طبيعي. إن بعض أحياء كركوك تشهد وضعاً طبيعياً جداً".

من جهته، أكد مصدر بمفوضية الاستفتاء في كركوك، أن "عمليات العد والفرز بدأت بشكل فعلي، وسيتم الإعلان عبر مركز المفوضية في أربيل عن نسب المشاركة خلال الأيام الثلاثة المقبلة".

ردود فعل


وأعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الإثنين، أنه سيغلق قريباً الحدود البرية مع كردستان وهدَّد بوقف صادراته النفطية عبر تركيا.

وقال أردوغان خلال منتدى في إسطنبول: "هذا الأسبوع سنتخذ إاجراءات. سنوقف حركة الدخول والخروج" عند معبر خابور الحدودي، مضيفاً أن صادرات النفط من كردستان العراق ستتوقف حين تقوم تركيا "بإغلاق الأنبوب".

وكانت الحكومة العراقية طلبت الأحد، من كل الدول أن تحصر التعامل معها في كل العمليات المرتبطة بالنفط.

ويبلغ متوسط إنتاج كردستان العراق من النفط 600 ألف برميل يومياً، يتم تصدير 550 ألفاً منها إلى تركيا عبر ميناء جيهان.

وأغلقت إيران، الإثنين، حدودها مع كردستان العراق. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي: "بطلب من الحكومة العراقية، أغلقنا حدودنا البرية والجوية" مع الإقليم، واصفاً الاستفتاء بأنه "غير قانوني وغير مشروع".

إلا أن وزارة الخارجية الإيرانية عادت وأصدرت بياناً، جاء فيه أن "الحدود البرية بين إيران ومنطقة كردستان العراق مفتوحة، هذه الحدود لم تغلق. في الوقت الراهن، المجال الجوي فقط مغلق بين إيران وهذه المنطقة".

وتثير هذه الضغوط التي يمكن أن تخنق إقليم كردستان اقتصادياً، قلق الناخبين الأكراد، رغم حماستهم للاستفتاء.

وفي نيويورك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإثنين، عن قلقه من احتمال أن يسفر الاستفتاء عن "زعزعة الاستقرار"، داعياً بغداد وأربيل إلى حل خلافاتهما بالحوار.

وقال غوتيريش في بيان، إنه "قلق من الآثار المحتملة المزعزِعة للاستقرار التي قد تنجم عن استفتاء يوم الإثنين في إقليم كردستان العراق"، مؤكداً "احترامه سيادة العراق ووحدة أراضيه" و"ضرورة حل جميع القضايا العالقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم كردستان بالحوار والتسوية البنّاءة".

وفي سوريا، تجمع مئات الأكراد في القامشلي (شمال شرق) للاحتفال باستفتاء إقليم كردستان العراق، ورقصوا وغنّوا وحملوا الأعلام الكردية.

تحميل المزيد