ليس ضرباً من علم الغيب، بل حكم بالمسرحية التي اعتدنا فصولها ومشاهدتها المتكررة في المسارح العربية.
اعتدنا أخبار سجن العلماء الذين يتحدثون عن نصرة الإسلام، والجهاد، والأخوة والعدل، وتقصير أصحاب السيادة والسياسة في واجباتهم، فقد لمت المعتقلات أصحاب العلم والرأي على تنوعه، فمن معتقلات ضمت علماء ربانيين نهوا عن باطل وأمروا بمعروف، إلى معتقلات اعتنقت طلاب حرية، وأصحاب رأي، وأرباب سياسة على غير الهوى.
لكن من غير المألوف في المشهد اليوم أن قضبان السجن بدأت تلفّ الصامتين المنتمين للحياد، الساعين بجهد "يحترم" إلى رفع سوية العلم والعقل والالتزام الشخصي والمجتمعي بالمبادئ والقيم والساعين للإصلاح، من غير المطبّلين لأصحاب السيادة والفخامة، وغير الزاجرين لهم، ممسكين بذلك العصا من المنتصف لعلهم يرشدون.
فلم يشفع صمتهم الذي أصبح تهمة، ولا دعاؤهم بتأليف القلوب ونصر الحق الذي يبدو أنه أصبح شتيمة لأصحاب السمو والفخامة.. تطور الواقع تطوراً ملحوظاً وأصبح "شعب سوريا" مفرزةً لاستخلاص العِبر، فأصبحت سوريا وحالها عصا الطاعة التي تُرفع على الشعوب، ويؤدب فيها كل ساعٍ للحرية والكرامة والإصلاح، يؤدب بها كل شخص لا تصيب أبعاد أبعاد سواقيه في بحيرات الطواغيت..
{فاعتبروا يا أولي الأبصار} pic.twitter.com/4JUkGXPEAk
— عادل الكلباني (@abuabdelelah) ١٤ سبتمبر/أيلول، ٢٠١٧
أدام الله الأمن على أهلنا في الجزيرة العربية عامة والحجاز، لكن أن تستخدم سوريا وحالها فزاعةً ترفعها في وجه أصحاب الرأي وطلاب الحرية فهذا عار على اللحى، وددت لو أجد صورة لطواغيت بين جنبات جهنم، لأكتب عليها "فاعتبروا يا أولي الأبصار".
سلوا اللاجئين في الخيم عن فضل الرصيف في الوطن!
— عادل الكلباني (@abuabdelelah) ١٤ سبتمبر، ٢٠١٧
هل درست سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل سألت يا شيخي العزيز بلال وعمار وياسر وبقية المستضعفين من الصحابة رضي الله عنهم بعدما تبين من وحشية مجرمي قريش عن جمالية العبودية لغير الله في الجاهلية؟!
لا والله، بل سلوا القاطنين في قصور الطواغيت، عن عذاب الله يوم القيامة.. وإننا وإياك سائرون لميعاد لن نخذله.
إن أيامنا محض ابتلاءات ومِحَن، وإن الرخص فيها للمستضعفين في الأرض لا لأهل العلم والعلماء، فإن العلماء يأخذون بالعزائم لا بالرخص هكذا علمنا إمامنا أحمد بن حنبل رحمه الله.
فيا أيها العلماء، إما أن تنصروا الحق وتصبروا على ما يصيبكم، وإما أن تقفوا مع جند الطواغيت.
وإما أن تحلقوا لحاكم وتنزلوا عن منابركم وتجلسوا معنا، فالجو هنا جميل، صحيح أنه مليء بالروائح التي لم تعتادوا عليها، والأطعمة التي يصعب على أمعائكم امتصاصها، لكنها بأسوأ الأحوال أفضل حالاً من السجن، فإن حديثكم في الطهارة وحب الزوجة إن نفعكم فيما سبق عند المسلمين عامة، فلن ينفعكم اليوم في حضرة الطواغيت إذا جن ضلالهم.
وبالعامية:
الشيخ اللي ما قبضوا عليه إلى الآن، يلحق حاله بشي منشور ع الفيس أو حتى تويتاية ع التويتر، يمجد ويحمد بسيادة هبل وسياسته الحكيمة ويعلن الولاء والبراء على دين أسياده.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.