مصالحهم تمنعهم من التدخل.. لهذه الأسباب لا تحاول السعودية ودول إسلامية حلّ أزمة مسلمي الروهينغا

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/21 الساعة 17:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/21 الساعة 17:10 بتوقيت غرينتش

اختلفت طريقة استجابة الدول الإسلامية، بما فيها الرياض، لأزمة الروهينغا الأخيرة عمّا كانت عليه في فترة الستينيات، حين فرّ وقتها نحو نصف مليون مسلم من ميانمار هرباً من الاضطهاد والذبح، ووجدوا في السعودية ملجأً لهم؛ فيما لم يصدر عن القادة المسلمين هذه المرة أكثر من الإدانة والمساعدات الإنسانية العاجلة.

وأرجعت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2017، أسباب ذلك إلى المصالح التجارية لهذه الدول الإسلامية في جنوب شرقي آسيا.

السعودية أكبر مورِّد للنفط في الصين


وتعهدت السعودية، التي يسكنها نحو نصف مليون من البورميين الذين لجأوا إليها في عهد الملك فيصل، بتقديم مساعدات قدرها 15 مليون دولار للروهينغا هذا الأسبوع.

وباعتبارها أكبر مُصدِّر للنفط في العالم؛ تنافس السعودية روسيا كي تصير أكبرَ مورِّدٍ للنفط الخام في الصين، ومدُّ نطاق عملها هناك يتطلّب مساعدة ميانمار.

إذ يحمل خط أنابيب افتُتح مؤخراً يمر عبر ميانمار، ويُعرف باسم خط بورما، النفط من البلدان العربية والقوقاز إلى مقاطعة يوننان الصينية غير الساحلية. ويبدأ خط الأنابيب -الذي يمتد 771 كيلومتراً (ما يعادل 479 ميلاً)– من خليج البنغال بولاية راخين الواقعة غرب ميانمار، والتي أُجبِر مُغطم سكانها من الروهينغا على الخروج منها.

ويقول بو كونغ، وهو مسؤول بارز لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقرّه واشنطن، والذي كتب بشأن السياسة النفطية للصين، إن "المرء بإمكانه القول إن السعودية، على الأرجح، أقل وضوحاً فيما يتعلّق بقضية الروهينغا؛ لأنها في الواقع تعتمد على حكومة ميانمار لحماية أمن خط الأنابيب".

وقد بدأ تشغيل خط الأنابيب في أبريل/نيسان من العام الجاري، بعد سنوات من التأجيل، ويسمح بأن تعبر ناقلات النفط عبر مضيق ملقا، وهو ما يقلل من مدة الرحلة التي تقطعها الناقلات عادةً بنحو 7 أيام. ويشار إلى أن خط أنابيب الغاز الطبيعي المُستخرج من حقل شوي بميانمار يمر إلى جانب خط أنابيب النفط.

ويرى دانيال وانغر، مؤسس شركة Country Risk Solutions للاستشارات الدولية، أن السعودية تمضي قدماً وفقاً لأجندتها الاقتصادية والسياسية في ميانمار وجنوب شرقي آسيا، ولكن لا يزال بإمكانها "ادّعاء أنها تستند إلى القيم الأخلاقية العليا" عبر تقبّلها للاجئين وتقديم مساعدات مالية.

وقال إن "النقطة الهامة بالنسبة لها هي أن الغاز الطبيعي والنفط يتدفقان عبر ولاية راخين".

وقد فرَّ أكثر من 500.000 شخص –وهو عدد يعادل تقريباً نصف سكان الروهينغا المسلمين في ميانمار- إلى بنغلاديش المجاورة خلال هذا العام، كان أغلبهم خلال الشهر الماضي.

ووصف رئيس منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحملات العسكرية التي يقوم بها جيش ميانمار وحلفاؤه البوذيون، بأنها "تطهيرٌ عرقيٌ نموذجي".

المصالح المشتركة مع ميانمار


وقدمت بلدان ذات أغلبية مسلمة دعماً مُباشِراً وبشكلٍ متزايد بالتزامن مع تزايد عدد اللاجئين في بنغلاديش.
فقد أمرت أذربيجان، التي يبدو أنها تصدّر النفط الخام إلى الصين عبر خط الأنابيب، بإرسال 100 طن من المساعدات الإنسانية.

وتركيا شأنها في ذلك شأن إيران، قد جمعت ملايين الوجبات لللاجئين في بنغلاديش، وتعهّدت بصيانة مخيمٍ للاجئين هناك، وأمدّت كذلك المتضررين بالملابس كجزء من أكثر من إجمالي 150 طناً من المساعدات الإسلامية.

وأرسلت إيران، الخِصم الإقليمي للمملكة العربية السعودية، ما لا يقل عن 40 طنّاً من المساعدات. وانتقد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الدول الإسلامية الأخرى ذات المصالح المشتركة مع ميانمار، وحثّها على زيادة الضغط على الحكومة هناك.

وقال: "هناك العشرات من الدول الإسلامية والحكومات ممن لديها معاملات تجارية واقتصادية مع ميانمار"، وأضاف: "ما نفْع جلوسنا في مكاننا ومشاركتنا في الإدانات؟!".

وقد أثارت صور قرى المسلمين المحروقة في ميانمار، ونساء وأطفال ومُسنّي الروهينغا المفزوعين العابرين إلى بنغلاديش حفاةً عادةً، الاحتجاجات في العديد من البلاد الإسلامية.

إذ نُظِّمت مسيرة كبيرة للتنديد بالأزمة في إندونيسيا، التي تعمل على تعزيز التجارة الثنائية مع ميانمار لتصل إلى مليار دولار سنوياً.

وفي كبرى المدن الباكستانية، كراتشي، احتج عشرات الآلاف. وطالب المشرِّع فرحات الله بابار (من حزب الشعب الباكستاني) حكومته بتعليق أو على الأقل بالتباطؤ في تنفيذ اتفاقيات الدفاع التي تقدر قيمتها بملايين الدولارات مع ميانمار.

وقال في حديث لوكالة أسوشييتد برس إن الرد الرسمي على طلبه قال إن باكستان تضغط على ميانمار عبر القنوات الدبلوماسية لوقف العنف.

وقال بابار إنه "يجب ألا يُنظر إلى باكستان على أنها تعزز نظاماً يستخدم الأسلحة ضد شعبه"، ورفض توضيح تفاصيل اتفاقيات الدفاع.

وقال تقرير صادر عن شركة IHS Jane البريطانية المتخصصة في الشؤون العسكرية، في فبراير/شباط 2017، إن ميانمار قد اشترت قبل عامين 16 طائرة من طراز JF-17 Thunder، شاركت باكستان والصين في تطويرها. وذكرت مجلّة الدفاع الأسبوعية إن ميانمار تجري حالياً مفاوضات متقدّمة مع باكستان لترخيص إنتاج جيل ثالث متطوّر من الطائرات المقاتلة.

أما منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، فقد عقدت جلسة طارئة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع؛ لبحث الأزمة.

وأصدرت المنظمة، التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقرّاً رسمياً لها، بياناً مطوّلاً مطلع الشهر الجاري، يعرب عن "قلقها العميق" حيال نزوح الروهينغا. ومع ذلك، دون أن يتخذ أعضاؤها إجراءً أكثر صرامة كُل على حدة، فليس لدى منظمة التعاون الإسلامي شيءٌ يمكنها فعله للضغط على حكومة ميانمار!

تحميل المزيد