رحلتي إلى بورما

ففي عام 1989 خلعت بورما هذا الاسم وأصبحت تعرف باسم (اتحاد دولة ميانمار) وهو اسمها القديم منذ أيام ماركوبولو في القرن الثالث عشر، ويزيد.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/21 الساعة 03:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/21 الساعة 03:26 بتوقيت غرينتش

ميانمار – بورما
ظل العالم يطلق اسم بورما على ميانمار لمدة 150 عاماً هي طيلة الاستعمار البريطاني للبلاد.

ففي عام 1989 خلعت بورما هذا الاسم وأصبحت تعرف باسم (اتحاد دولة ميانمار) وهو اسمها القديم منذ أيام ماركوبولو في القرن الثالث عشر، ويزيد.

وميانمار تعني الدولة كلها، وبورما تعني (بورمان) وهو السواد الأعظم من عناصرها البشرية 69% وبورما نطق إنكليزي للتسهيل على اللسان وأهل ميانمار ينطقون الاسم مختصراً وسريعاً قائلين (ميانمار).

بداية رحلتي

تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية من جامعة عين شمس، وأدرس حالياً في جامعة فيينا للحصول على درجة الماجستير في التطور الدولي، بالإضافة إلى أنني أعمل في واحدة من أكبر وأشهر منظمات الرفق بالحيوان في أوروبا بمقرها الرئيسي في فيينا، النمسا.

أؤمن بأن الإنسان خُلق ليساعد أخاه الإنسان مهما كانت الظروف المحيطة، فاهتماماتي الأولية مساعدة الآخرين، فدائماً أبحث عن العمل كمتطوعة في المنظمات غير الهادفة للربح؛ لأنها تعطي إحساساً رائعاً بمساعدة الآخرين، وبالفعل تطوعت في الصليب الأحمر بفيينا، وفي منظمة أخرى لمساعدة اللاجئين بجانب عملي، فاعتبرني الكثيرون أول شابة مصرية كسرت حاجز الخوف من المجهول والخروج من منطقة الراحة والسكون؛ حيث إنني سافرت مع المنظمة لتقديم الدعم في مهمة للإغاثة من الكوارث في ميانمار المعروفة رسمياً باسم "بورما" بعد الفيضانات الغزيرة التي اجتاحت البلاد.

حقيقة كنت مثل أي فتاة مصرية تحلم بإنهاء دراستها، والعثور على فارس الأحلام والسفر للفسحة إلى كل دول العالم، والبحث عن الاستقرار، ولكن الحياة الواقعية تختلف عما نراه في القصص الخيالية والأفلام، فهناك دائماً الكثير من العقبات على الطريق التي تحول دون تحقيق الأحلام، خاصةً للفتيات، من قيود العادات والتقاليد، والخوف من نظرة المجتمع، وبدأت رحلتي في البحث على الإنترنت وتفقد الجامعات الأجنبية، وفرحت كثيراً عندما جاءني الرد بقبولي بجامعة فيينا بالنمسا، فقررت كسر حاجز الخوف والانطلاق لتحقيق حلمي، وواجهت أولى العقبات، وهو رفض أسرتي وخوفهم علي من السفر لدولة لا أعرف حتى لغتها، وهي الألمانية، ولا أعرف أحداً، ولكني استطعت إقناعهم والإصرار على الذهاب، وكانت تلك الفرحة الممزوجة بالخوف بل قُل الرعب من المجهول، ولكن بمجرد وصولي إلى مطار فيينا تخيلت نفسي أكتب أول صفحة في كتابي الجديد من الحياة الجديدة التي كنت أسعى دائماً إليها.

ومرت الأيام والشهور والسنوات وتعلمت ألا أخاف من أي شيء، وأنا من أشد المؤمنين بأن "ما لا يقتلك يجعلك أقوى"، وأن هناك دائماً نقطة ضوء في نهاية أي نفق، تعلمت اللغة وتعلمت كيف أواجه مشاكلي وإيجاد حلول لها في وقت قصير، وأن أكون قوية أياً كانت الظروف، وسافرت إلى معظم دول أوروبا، وشاهدت الثقافات والجنسيات المختلفة، وحقق عملي الجانب الإنساني في مساعدة الضعفاء والمحتاجين أياً كان إنساناً أو حيواناً، ودائماً سعادتي في مد يد العون مهما بعدت المسافات، وكان ذلك واضحاً في رحلة عمل إلى قارة آسيا للمساعدة في مهمة الإغاثة في حالات الكوارث، تحديداً دولة ميانمار المعروفة رسمياً باسم "بورما"؛ حيث اجتاحتها الفيضانات والرياح الموسمية الغزيرة التي دمرت البلاد، وهذه المهمة كانت من أصعب المهام؛ حيث طول مسافة السفر من النمسا إلى بانكوك في تايلاند ثم إلى ميانمار، ومنها إلى القرى المتضررة، وصعوبة التفاهم مع السكان المحليين الذين لا يجيدون أي لغات أخرى.

ولكن فريق العمل والزملاء كانوا على أعلى مستوى في المنظمة من الهدوء وتقديم المساعدات والتغلّب على كل الصعوبات، فكان اليوم يبدأ في تمام الساعة السادسة صباحاً، ومن ثم التوجه إلى إحدى القرى المتضررة بالسيارة في طرق وعرة لتوزيع الغذاء والمواد الطبية على الناس، وإنقاذ الحيوانات.

وفي إحدى المرات كان يستلزم الوصول إلى إحدى القرى ركوب قارب صغير بدائي الصنع يسير في نهر فيه احتمالية كبيرة لوجود ثعابين وتماسيح نتيجة للطبيعة الجغرافية لآسيا، وفي طريق العودة بعد 3 ساعات من الإبحار في النهر للأسف تعطل القارب، وقال البحار: علينا الانتظار حتى يأتي قارب آخر لينقذنا.

ولكم أن تتخيلوا قارباً معطلاً في وسط نهر مرعب، وبدأ الظلام يحل وطقس سيئ وأمطار ورياح وناس لا تعرف التحدث أو التفاهم معها ولا يوجد إنترنت، أنت في قلب المجهول والخطر، والشيء الوحيد الذي تراه هو ضوء الشعلة في القارب.

ولكن أجمل شيء والذي كان يهون علينا هو ابتسامة الناس ومحاولة طمأنتنا وإحساسك بأن الله لن يضيعك؛ لأنك تقوم بمساعدة ناس وحيوانات لا تعرفهم، إحساس الطمأنينة الداخليه شيء رائع.

وصل قارب الإنقاذ وقام بتوصيلنا إلى القرية وقرر رئيس الفريق المبيت في القرية؛ نظراً لتأخر الوقت ليلاً، وصعوبة السير في الفيضانات.

وكان الفندق الوحيد في القرية أشبه بكابوس لم أنم الليلة؛ نظراً لوجود حشرات زاحفة وطائرة، وهذا طبيعي بالنسبة لهم، ولكنه مختلف بالنسبة لى.

واصلنا العمل لمدة أسبوعين في هذا الطقس السيئ، ولكني لن أنسى اصطفاف الناس في طوابير طويلة في طقس لا يحتمل للحصول على المعونات والمساعدات، وخصوصاً للحيوانات المتضررة؛ لأنها الدخل الوحيد الثابت لهم.

وتكلل هذا العمل بدعوة نائب الرئيس ورئيس الوزراء لنا، وتكريمنا وتقديرنا لما بذلناه من جهد، وأيضاً من الوزارات ذات الصلة في ميانمار، التي قدمت الشكر لنا كأول منظمة للرفق بالحيوان نشطة في هذا المجال في المنطقة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد